الرياض 9 ديسمبر 2022 (شينخوا) ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة رئيسية هنا اليوم (الجمعة) في قمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فيما يلي النص الكامل للكلمة:
متابعة المسيرة الماضية والتقدم يدا بيد إلى الأمام
والعمل سويا على خلق مستقبل جميل للعلاقات الصينية الخليجية
-- كلمة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ
في قمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية
(الرياض، يوم 9 ديسمبر عام 2022)
الزملاء المحترمون،
معالي الأمين العام الدكتور نايف الحجرف المحترم،
أهلا وسهلا!
يطيب لي في البداية أن أتقدم بخالص الشكر للمملكة العربية السعودية على ما بذلته من الجهود لاستضافة القمة الأولى بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. ويسعدني جدا أن أجتمع معكم تحت سقف واحد للتباحث حول سبل تطوير العلاقات الصينية الخليجية.
يعود التواصل الودي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي إلى ما قرابة ألفي سنة، وكانت شعوب الجانبين تتواصل بشكل مكثف ومستمر في طريق الحرير القديم بـ"الحكمة الشرقية" المتمثلة في الاهتمام بالسلام والدعوة إلى الانسجام والسعي وراء العلم. وبدأت الصين تتواصل مع مجلس التعاون الخليجي فور تأسيس الأخير في عام 1981. وعلى مدى أكثر من 40 سنة ماضية، كتب الجانبان فصولا مبهرة من التضامن والتساند والتعاون والكسب المشترك.
لطفرة العلاقات الصينية الخليجية أسباب عديدة: الثقة المتبادلة العميقة بين الجانبين، إذ أن الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تتبادل دوما الدعم للسيادة والاستقلال وتحترم الطرق التنموية لبعضهما البعض، وتتمسك بالمساواة بين جميع الدول سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، وتدافع بحزم عن تعددية الأطراف. ودرجة عالية من التكامل بين الجانبين، إذ أن الصين تتمتع بسوق استهلاكية واسعة ومنظومة صناعية متكاملة، بينما يتميز الجانب الخليجي بموارد الطاقة الغنية والتطور المزدهر لتنويع الاقتصاد، فيعد الجانبان شريكين طبيعيين للتعاون. والتفاهم بين شعوب الجانبين، إذ أن كلا من الجانبين الصيني والخليجي ينتمي إلى الحضارة الشرقية، ولديهما القيم الثقافية المتشابهة والشعوب التي تتفاهم وتتقارب مع بعضها البعض. وتقاسم السراء والضراء بين الجانبين، إذ أنهما يتبادلان المساعدة بروح الفريق الواحد في وجه تغيرات الأوضاع الدولية والإقليمية والتحديات الناجمة عن الأزمات المالية وجائحة فيروس كورونا المستجد والكوارث الطبيعية الكبرى.
أيها الزملاء،
يشيد الجانب الصيني إشادة عالية بما بذلته دول مجلس التعاون الخليجي من الجهود ليصبح المجلس أكثر منظمة إقليمية حيويةً في الشرق الأوسط والخليج، من خلال التمسك بتقوية الذات عبر التضامن في وجه التغيرات غير المسبوقة منذ قرن، وتحقيق نمو اقتصادي رغم التداعيات الناجمة عن الجائحة، والعمل على الدفع بإيجاد حلول سياسية للقضايا الساخنة والشائكة في المنطقة. من المطلوب ونحن نقف عند مفترق طرق للتاريخ، أن نتوارث تقاليد الصداقة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، ونثري المقومات الاستراتيجية للعلاقات الصينية الخليجية في ضوء إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين ومجلس التعاون الخليجي.
-- لنكون شركاء لتعزيز التضامن. علينا ترسيخ الثقة المتبادلة بالاستمرار على الصعيد السياسي، وتبادل الدعم الثابت للمصالح الحيوية لبعضنا البعض، والعمل سويا على صيانة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبذل جهود مشتركة لتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية، بما يحافظ على المصالح المشتركة للدول النامية الغفيرة.
-- لنكون شركاء للسعي وراء التنمية. علينا تعزيز المواءمة بين استراتيجياتنا التنموية، وتفعيل مزايا التكامل، وتوليد قوة دافعة للتنمية. نتطلع إلى تضافر الجهود مع كافة الأطراف في تنفيذ مبادرة التنمية العالمية وتنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، بما يساهم في التنمية والازدهار للمنطقة.
-- لنكون شركاء لتحصين الأمن. ستواصل الصين دعمها الثابت لدول مجلس التعاون الخليجي في الحفاظ على أمنها، وتدعم دول المنطقة لحل الخلافات عبر الحوار والتشاور وبناء منظومة أمن جماعي في الخليج. وترحب الصين بدول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في مبادرة الأمن العالمي، بغية الحفاظ على السلام والاستقرار للمنطقة بجهود مشتركة.
-- لنكون شركاء للنهوض بالحضارة. علينا تعزيز التقارب بين شعوبنا، وتنويع التواصل الإنساني والثقافي، والاستفادة من الثمار الثقافية المتميزة لدى الجانبين وتكريس جوهر الحضارة الشرقية، بما يقدم مساهمة إيجابية في سبيل التطور والتقدم للحضارة البشرية.
أيها الزملاء،
خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، تحرص الصين على تضافر الجهود مع دول مجلس التعاون الخليجي للتعاون في المجالات ذات الأولوية كالآتي:
أولا، بناء معادلة جديدة للتعاون الشامل الأبعاد في مجال الطاقة. ستواصل الصين استيراد النفط الخام بشكل مستمر وبكمية كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة استيراد الغاز الطبيعي المسال منها، وتعزيز التعاون في مجالات تطوير المجرى الأعلى والخدمات الهندسية والتخزين والتكرير للنفط والغاز. وستتم الاستفادة الكاملة من بورصة شانغهاي للبترول والغاز الطبيعي كمنصة لتسوية التجارة النفطية والغازية بالعملة الصينية. ستقوم الصين بتعزيز التعاون في مجال تكونولوجيات الطاقة النظيفة والمنخفضة الكربون مثل طاقة الهيدروجين وتخزين الطاقة والكهروريحية والكهروضوئية والشبكات الكهربائية الذكية، وتعزيز التعاون في توطين إنتاج المعدات المتعلقة بالطاقة الجديدة، وإنشاء المنتدى الصيني الخليجي للاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية، والتشارك في إنشاء مركز التميز الصيني الخليجي للأمن النووي، وتدريب 300 كفء متخصص في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والتكنولوجيا النووية لدول مجلس التعاون الخليجي.
ثانيا، الدفع بتحقيق تقدم جديد للتعاون في مجالي المالية والاستثمار. تحرص الصين على إجراء التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الإشراف المالي، بما يسهل دخول شركات دول المجلس إلى سوق رأس المال الصينية، وإنشاء مجلس الاستثمار المشترك مع الجانب الخليجي، ودعم التعاون بين الصناديق السيادية لدى الجانبين بطرق مختلفة، والبحث في إقامة المنتدى الصيني الخليجي للتعاون الصناعي والاستثماري، وتعزيز التعاون الاستثماري في مجالي الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء وغيرهما من المجالات، وإنشاء آليات عمل للتعاون الاستثماري والاقتصادي على الصعيد الثنائي، وإجراء التعاون في مقايضة العملات المحلية، وتعميق التعاون في العملات الرقمية، ودفع مشروع جسر العملات الرقمية المتعددة للبنوك المركزية (m-CBDC Bridge).
ثالثا، توسيع التعاون الابتكاري والتكنولوجي إلى مجالات جديدة. تحرص الصين على التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في إنشاء مراكز للبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وتعزيز التعاون في تكنولوجيا الجيل الخامس والجيل السادس للاتصالات، وإنشاء دفعة من الحاضنات للابتكار وريادة الأعمال، وتنفيذ 10 مشاريع للاقتصاد الرقمي في مجالات التعاون بشأن التجارة الالكترونية العابرة للحدود وبناء شبكات الاتصالات وإلخ، وإقامة آلية تعاون صيني خليجي في مجال تكنولوجيا الأرصاد الجوية، وعقد ندوة صينية خليجية لمواجهة تغير المناخ.
رابعا، تحقيق اختراقات جديدة للتعاون في مجال الفضاء. تحرص الصين على إطلاق سلسلة من مشاريع التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، في مجالات الأقمار الاصطناعية للاستشعار عن بعد وللاتصالات والتطبيقات الفضائية والبنية التحتية الفضائية وإلخ، وإجراء التعاون في اختيار وتدريب رواد الفضاء، والترحيب برواد الفضاء من دول مجلس التعاون الخليجي للدخول إلى محطة الفضاء الصينية للعمل المشترك مع رواد الفضاء الصينيين وإجراء التجارب العلمية الفضائية، والترحيب بالجانب الخليجي للمشاركة في التعاون بشأن النقل الفضائي في إطار المهام الفضائية الصينية تحت أسماء "تشانغ آه" و"تيان ون" وإلخ، والبحث في إنشاء مركز صيني خليجي للاستكشاف المشترك للقمر والفضاء العميق.
خامسا، خلق نقاط بارزة جديدة للتعاون اللغوي والثقافي. ستجري الصين التعاون في تعليم اللغة الصينية مع 300 جامعة ومدرسة ابتدائية وثانوية في دول مجلس التعاون الخليجي، وستنشئ بالتعاون مع دول المجلس 300 حجرة درس ذكية لتعليم اللغة الصينية، وستوفر 3000 منحة للمشاركة في المخيم الصيفي (الشتوي) في إطار "جسر اللغة الصينية"، وستنشئ مراكز اختبارية لتعلم اللغة الصينية وفصولا دراسية للغة الصينية عبر الإنترنت، وستستضيف المنتدى الصيني الخليجي للغات والثقافات، وستشارك في إنشاء مكتبة الصين ودول الخليج العربية للتواصل الثقافي والتعلم المتبادل باللغتين الصينية والعربية.
أيها الزملاء:
تقع على عاتق كل من الصين ودول مجلس التعاون الخليجي رسالة شريفة لتنمية الأمة ونهضتها، وتتميز العلاقات الصينية الخليجية بتاريخ طويل ومستقبل واعد. لنعمل يدا بيد على متابعة المسيرة الماضية والتقدم يدا بيد إلى الأمام لخلق مستقبل جميل للعلاقات الصينية الخليجية!
شكرا لكم!