14 ديسمبر 2022، أضاء رصيف الحاويات بميناء ليانغ يون قانغ بمقاطعة جيانغسو بالأضواء الساطعة مع توافد الشاحنات المحملة بحاويات البضائع. وانغ جيان مين، صورة الشعب |
توقع مؤتمر العمل الاقتصادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، الذي عقد قبل أيام قليلة أن يشهد الاقتصاد الصيني تعافيا خلال العام المقبل. وقد أثار هذه التوقعات اهتماما واسعا محليا ودوليا.
يعيش الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي وضعا لايدعو للتفاؤل، حيث تتقلب أسعار السلع الأساسية عند مستويات عالية، وتبرز قضايا الأمن الغذائي وأمن الطاقة، وتتزايد ضغوط الركود. وقد خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2022 ثلاث مرات متتالية هذا العام. ورجّحت أحدث توقعات الصندوق أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى أقل من 2٪ في عام 2023.
وفي ظل هذا السياق، يتطلّع المجتمع الدولي إلى تعافي الاقتصاد الصيني، وما يمكن أن يضخه من زخم في الاقتصاد العالمي. حيث أشارت وكالة بلومبيرغ في مقال نشرته مؤخرا إلى أن أداء الاقتصاد العالمي في العام المقبل سيكون في مستوى عام 2009 بعيّد الأزمة المالية العالمية، لكن القوة الدافعة الأكبر للنمو الاقتصادي العالمي ستكون الصين.
وتكمن القوة الدافعة للصين في مرونتها الاقتصادية القوية. فمنذ اندلاع وباء كورونا، شهد الاقتصاد العالمي وضعا معقدًا ومتغيرًا، كما تأثر الاقتصاد الصيني بشكل كبير. وبصفتها محركا قويا للاقتصاد العالمي، أصبحت كيفية حل الصين للمخاطر والتحديات وتعزيزها للتنمية عالية الجودة مصدر قلق مشترك لدى المجتمع الدولي. وإذا نظرنا إلى السنوات الثلاث الماضية، فقد كانت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي حقق النمو في عام 2020، وفي عام 2021 اخترق حجمها اقتصادها 110 تريليون يوان. وخلال العام الحالي، تمكنت الصين من تحقيق الاستقرار لسوق الاقتصاد الكلي والاستجابة لتأثير العوامل غير المتوقعة، وأظهر الاقتصاد الصيني مرة أخرى قدرة كبيرة على الصمود أمام الضغوط. وسيظل الاقتصاد الصيني يواجه عدة مخاطر وتحدّيات في المستقبل، غير أن خبراء يرون بأنه يتمتع بمرونة كافية وقدرة وحيوية كبيرتين لتجاوز هذه المخاطر. حيث لم تتغير الأساسيات الإيجابية طويلة الأمد للاقتصاد الصيني، ومن المتوقع أن يحقق انتعاشا شاملًا في العام المقبل في مواجهة انخفاض كبير في النمو الاقتصادي العالمي، وتشكيل مسار تصاعدي، ما سيعود بالنفع على التنمية الصينية والتعافي العالمي.
يمتلك الاقتصاد الصيني دعما قويا على مستوى السياسات. وفي مواجهة التأثيرات الكبيرة للوباء على الأداء الاقتصادي، خاصة خلال الفصلين الأول والثاني من العام الحالي، قامت الصين في أبريل العام الجاري، بتخفيض نسبة الاحتياطي القانوني بـ 0.25 نقطة مئوية، وتحرير السيولة طويلة الأجل بنحو 530 مليار يوان. وفي مايو، قامت الحكومة الصينية بتمديد استرداد ضريبة القيمة المضافة على نطاق واسع ليشمل 7 صناعات بما في ذلك تجارة الجملة والتجزئة. ودفع جزء من الضرائب والرسوم، ودعم ابتكار الشركات وخفض الضرائب على مراحل. حيث استجابت الصين بشكل حاسم وسريع وقدمت حزمة من السياسات والإجراءات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مما سرّع في تخفيف حدّة الانكماش الاقتصادي.
وفيما يتعلّق بعام 2023، اقترح مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي سلسلة من الإجراءات السياسية مثل تحسين إجراءات الوقاية من الوباء، وزيادة تنظيم السياسة الكلية، وإعطاء الأولوية للتعافي وتحفيز الاستهلاك ودعم الثقة في مختلف الأوساط.
وبغض النظر عن تقلّبات الوضع الدولي الحالي، ستواصل الصين الانفتاح على العالم الخارجي، وسيساهم التعافي الصيني في ضخ مزيد من الحيوية في اقتصادات العديد من البلدان. ومن حجم التداول في الدورة الخامسة لمعرض الصين الدولي للاستيراد الذي بلغ 73.52 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 3.9٪ إلى الدورة الـ 132 من معرض كانتون التي حققت رقما قياسيا في حجم المعروضات بـ 3.06 مليون سلعة، ثم من معرض تجارة الخدمات لعام 2022 الذي حقق 1300 إنجازا، إلى الدورة الثانية لمعرض الاستهلاك الذي سجّل مشاركة 2800 عارض. أظهرت الصين العديد من المؤشرات المشجعة على تحقيق التعافي وضخ دماء جديدة في الاقتصاد العالمي. كما تحوّل العديد من العارضين إلى مستثمرين وأسهموا في تنمية السوق الصينية، وتجاوز حجم الاستثمار الأجنبي الصيني في الأشهر الـ 11 الأولى من هذا العام الإجمالي السنوي للعام الماضي. ويستند الخبراء إلى هذه المؤشرات وغيرها، في توقعهم بتعافي الاقتصاد الصيني خلال العام المقبل، ولعب الصين دورا مهما في تحفيز الاقتصاد العالمي على تحقيق التعافي مع بعد الوباء.