أقرّ المجلس الأوروبي مؤخرًا جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا هي التاسعة منذ بدء مسلسل العقوبات. وتضمنت حزمة العقوبات الأخيرة، إضافة 141 شخصا و49 كيانًا مرتبطًا بالحكومة والجيش الروسيين إلى قائمة العقوبات، وتوسيع قيود التصدير على السلع والتقنيات ذات الاستخدام العسكري والمدني المزدوج. إلى جانب تقييد الاستثمار في صناعات التعدين والطاقة الروسية، وحظر المزيد من القنوات التلفزيونية الروسية.
في هذا الصدد، ذكرت وكالة رويترز أنه على الرغم من توصل قادة الاتحاد الأوروبي أخيرًا إلى اتفاق بشأن جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا، إلا أن التفاوض كان مكثفا، وأن الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات ضد روسيا قد بدأت في التصدع.
في هذا الصدد، قال سون يان هونغ، مدير مكتب البحوث الاقتصادية الأوروبية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: " إنه مقارنة بجولات العقوبات السابقة التي فرضها الاتحاد الأوروبي، لا سيما الحظر النفطي على روسيا و سقف أسعار النفط الروسي المنقول بحرا، الذي دخل حيز التنفيذ في 5 ديسمبر الجاري، ستكون آثار حزمة العقوبات الجديدة أقل حدّة على الاقتصاد الروسي. حيث لن يكون تأثيرها فوريًا، وسيكون الغرض الرئيسي منها إظهار وحدة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات المفروضة على روسيا ".
وفي ذات السياق، قال دينغ ييفان، الباحث في معهد التنمية العالمية التابع لمركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة، على الرغم من إصرار المفوضية الأوروبية على اتباع الولايات المتحدة في فرض عقوبات على روسيا، إلا أنها لا تستطيع أن تضمن بأن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستنفذ بفعالية التدابير ذات الصلة. على سبيل المثال، أبدت المجر موقفا معارضا للعقوبات ضد روسيا، وفي حال استمرت العقوبات، سيصبح الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي أكثر وضوحا.
وأشار سون يان هونغ، إلى أن وتيرة العقوبات والعقوبات المضادّة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، قد تصاعدت تدريجيا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية. حيث تعرضت أوروبا نفسها لآثار شديدة بسبب العقوبات، وتعطّل نسق التعافي الاقتصادي من آثار وباء كورونا، ووصلت اقتصاداتها الركود والأزمة الطاقية، وباتت تواجه أسوأ تضخم منذ قرابة 40 عاما.
رغم مضي ما يزد عن 300 يوم على اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، لكن المراقبين لا يرون أملا في التوصّل إلى هدنة. ويعتقد سون يان هونغ، أن مستقبل الصراع الروسي الأوكراني يبقى غامضا، في ظل استمرار الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا. في حين يعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة في الجانب الأمني، ولا تزال إدانة روسيا ومعارضتها وفرض العقوبات عليها متماشيا مع "الصواب السياسي" الأوروبي. وهذا ما يجعل إمكانية تعديل الاتحاد الأوروبي سياساته تجاه روسيا ضعيفة جدا على المدى القصير إلى المتوسط.
ويرى دينغ ييفان أيضًا أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى الاستقلال الاستراتيجي في سياسته تجاه روسيا، وتوجد أزمة ثقة بين روسيا وأوروبا. مما يجعل الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى القدرة على لعب دور الوساطة في الصراع الروسي الأوكراني. ولذلك، من الصعب على العلاقات الروسية الأوروبية أن تتحسن بشكل ملحوظ على المدى القصير.
"في الماضي، كان السبب الذي جعل الاتحاد الأوروبي قادرًا على الحفاظ على قدرة تنافسية صناعية قوية على نطاق عالمي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتعاونه الوثيق مع روسيا في مجال الطاقة، والذي يمنح الاقتصادات الأوروبية فرصة خفض تكاليف الطاقة بشكل فعال. لكن إذا استمر الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا، فإن الخاسر الأكبر ستكون أوروبا" . يقول دينغ ييفان.