الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تعليق: جامعة الدول العربية تعيد سوريا إلى مقعدها .. يمتد فجر السلام عندما يتقلص ظل الهيمنة

اتفقت جامعة الدول العربية في السابع من الشهر الجاري على إعادة سوريا لعضوية الجامعة العربية، وهو حدث كبير آخر تشهده منطقة الشرق الأوسط مؤخرًا، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران ودخول المنطقة موجة مصالحة، كما يشير الحدث إلى أن التسوية السياسية للقضية السورية دخلت المسار الصحيح ـ ـ "الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل الى حل شامل للازمة السورية ". كما ترمز عودة سوريا إلى أسرة جامعة الدول العربية بعد 12 عامًا إلى أن وحدة الدول العربية وتحسينها الذاتي قد وصلت إلى مستوى جديد، وستجلب أيضًا المزيد من الأمل في السلام في الشرق الأوسط الذي كان يُنظر إليه في السابق كـ "برميل بارود العالم".

يعتقد تحليل الآراء المتباينة أن هناك خلفيتين رئيسيتين لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية: أولاً، الزلزال كبير الذي وقع في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا في أوائل فبراير من هذا العام، مما أدى إلى تسريع وتيرة استئناف التبادلات الدبلوماسية بين الدول العربية وسوريا. ثانياً، بواسطة صينية، وفرت العودة التاريخية للعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران اللتين كانتا على خلاف في الأزمة السورية زخماً مباشراً لقرار جامعة الدول العربية.

كما يمثل الموقف الصيني الشعور العام للمجتمع الدولي. فقد زار المبعوث الخاص للحكومة الصينية المعني بقضية الشرق الأوسط سوريا في الشهر الماضي، وتبادل وجهات النظر بشكل معمق مع الجانب السوري حول تعزيز التسوية السياسية للقضية السورية وتعزيز عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

ورحبت الصين بعودة سوريا إلى الجامعة العربية وهنأتها بذلك. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين خلال المؤتمر الصحفي الدوري عقد يوم 8 مايو الجاري، إن الصين لطالما دعمت الدول العربية في السعي إلى القوة من خلال الوحدة، ودعمت بنشاط عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وكصديق مخلص لسوريا والدول العربية الأخرى، ترحب الصين بالتضامن العربي وتدعمه وستواصل بذل الجهود الدؤوبة لتحقيق هذا الهدف.

تعتبر تجربة سوريا خلال السنوات الـ 12 الماضية صعبة للغاية، وهي سنوات صعبة أيضاً على دول الشرق الأوسط، التي عانت من الحروب والانقسامات الاجتماعية والصراعات المتكررة، مما جعل الرغبة في الوحدة والسلام والتنمية أقوى من أي وقت مضى. وأكدت وزارة الخارجية السورية في بيانها الأخير الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للدول العربية، ما يعتبر عن التطلعات المشتركة لدول المنطقة.

وبغض النظر عن أي وجهة نظر، فإن عودة سوريا إلى الجامعة العربية أمر يسعد الجميع، باستثناء البعض. حيث أعربت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن "انتقاداتهما" لعودة سوريا الى أسرتها العربية بلا خجل، معلنتين أن سوريا "لا ينبغي أن يُعاد قبولها". وذكرت وكالة بلومبرغ في تقرير لها أن جامعة الدول العربية قد تجاهلت تحذيرات الولايات المتحدة وأنهت عزلها لسوريا لأكثر من عقد. كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يضعف. ويبدو أن واشنطن غير راغبة عن موجة المصالحة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط، وتشعرها بالحرج الشديد، فالمآسي التي حدثت في سوريا والشرق الأوسط في السنوات الأخيرة ترجع إلى حد كبير إلى سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط.

إن موجة المصالحة التي تشهدها منطقة الاوسط مؤخرا، توضح أن فجر السلام يمتد عندما يتقلص الظل الذي تلقيه واشنطن. وأن الدول العربية لم تخسر شيئاً بسبب سياستها الخارجية المستقلة، لكنها فازت بالحوار والمصالحة والاحترام. وقال وزير الخارجية المصري في السابع من الشهر الجاري، إن كل مراحل الأزمة السورية أثبتت أن "الأزمة لا يمكن حلها عسكرياً، وليس هناك رابحون وخاسرون". ويمكن النظر إلى هذا على أنه رد لبق على ممارسات واشنطن السابقة في إثارة الاقتتال الإقليمي والاستخدام العشوائي للقوة. وهذا التصور شائع بشكل متزايد في المجتمع الدولي اليوم. حيث ذكرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية أن قرار الجامعة العربية بإعادة قبول سوريا دليل على مقاومة مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن دول الشرق الأوسط تبني سياسة مستقلة عن الغرب. لكن، يبقى هناك خطأ في هذا التحليل، فالأمر لا يتعلق بأن دول الشرق الأوسط "تستقل عن الغرب"، لكن الغرب يعزل نفسه عن المجتمع الدولي بأسره.

لقد شكلت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بداية جيدة لحل سياسي للأزمة السورية، ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات أمامها، مثل العقوبات أحادية الجانب غير القانونية التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا، والتي خلقت العديد من الصعوبات لمزيد من التعاون في المنطقة. والصين تؤيد بشدة وحدة الدول العربية وتحسينها، وتأمل العمل مع المجتمع الدولي لتسطع شمس السلام وأمل التنمية في كل ركن من أركان العالم، وخاصة الأماكن التي يكتنفها ظل الهيمنة.

صور ساخنة