بقلم تشانغ تسه جون،رئيس معهد تشنغدو لتكوين المعلمين
6 يوليو 2023/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ تعد الباندا العملاقة من الكنوز الوطنية للصين، وفي السنوات الأخيرة كثرت أعدادها بشكل مطرد وتم تحسين بيئة الموائل باستمرار وأحرزت أبحاث الحفاظ عليها تقدما مستمرا، وبذلك أصبحت هذه الرعاية لهذه الحيوانات تجسيدا لبناء الحضارة الإيكولوجية في الصين والحفاظ على التنوع البيولوجي.
يحتوي ظهور الباندا العملاقة التي يحبها كل من يراها على رمز التطور البيولوجي، ويعكس أيضا التقدم المحرز في الحفاظ على هذا النوع من الحيوانات والتربية والبحوث البيئية.
يساعد اللون الأبيض والأسود الذي يتميز به فرو الباندا العملاقة في حفاظها على دفئها في بيئة الغابات الجبلية كما يساعدها نوعا ما في التخفي من الحيوانات المفترسة أيضا. لكن ومع هذا فليست كل دببة الباندا ذات ألوان سوداء وبيضاء. وتعيش في مركز أبحاث الباندا العملاقة بجبال تشينلينغ الآن باندا عملاقة لونها أبيض وبني تم إنقاذها من البرية سابقا. ومنذ عام 1985 حتى الآن تم العثور على ستّ دببة من هذا النوع وبهذه المواصفات في جبال تشينلينغ.
مقارنة بقدرتها الفائقة على الشم والسمع، فإن حاسة البصر لدى دببة الباندا العملاقة ليست قوية، وهي تساوي تقريبا 800 درجة من قصر النظر لدى البشر. ومع ذلك في بيئة غابات الخيزران الكثيفة يبدو أنها ليست بحاجة لتطوير رؤية قوية. تمشي هذه الحيوانات وهي تتمايل مثل الشخص السكران لذلك تعطي انطباعا لكل من يراها بأنها بطيئة الحركة، وبالفعل تبين أن طريقتها البطيئة هذه تساعدها من ناحية على توفير الطاقة، ومن ناحية أخرى يمكنها عبور الجداول والوديان وتسلق الأشجار، ولها مفاصل مرنة في جميع أنحاء أجسامها وغالبا ما تقوم بحركات غير متوقعة.
تم اكتشاف أقدم الحفريات المعروفة لهذا النوع من الحيوانات العملاقة في لوفنغ بمقاطعة يوننان عن عمر جيولوجي يقارب 8 ملايين سنة والذي يعود إلى أواخر العصر الميوسيني وهو نوع نادر من الحيوانات والذي موطنه الأصلي الصين.
منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، عززت الحكومة الصينية باستمرار الحماية العلمية للباندا العملاقة، وأنشأت على التوالي أربع محميات طبيعية في سيتشوان، بما في ذلك وولونغ وبايخه ووانغلانغ ولاباخه. وفي نفس الوقت تطورت الأبحاث البيولوجية للباندا العملاقة تدريجيا. ومنذ تسعينات القرن الماضي وبفضل الجهود المشتركة من قبل العديد من الباحثين والخبراء الصينيين، أصبحت الصين وبشكل تدريجي هي الدولة الرائدة في العالم في مجال الأبحاث حول هذه الحيوانات.
إن معرفة حجم أعداد الباندا العملاقة البرية هو الشرط الأساسي للحماية العلمية لها. منذ عام 1974 أجرت الصين أربع عمليات مسح لهذه الحيوانات. حيث أظهر المسح الرابع أن أعدادها وموائلها البرية في الصين قد زاد بأكثر من 10٪. وإلى حد نهاية عام 2013 كان هناك أكثر من 1800 باندا عملاقة في أنحاء مختلفة من البرية الصينية، وقد كانت بعض المجموعات منها تأوي أقل من 30 باندا، مما يجعل من الصعب الحفاظ على أعدادها ببساطة في مناطقها الطبيعية بالبرية. لذلك أطلقت الصين مشروع إطلاق الباندا البرية العملاقة في البرية بعد إجراء التدريب البري لها، والذي يهدف إلى إعادة إدخال الباندا العملاقة التي يتم تربيتها في الأسْر وضمّها للعيش مع المجموعات الصغيرة الأخرى المهددة بالانقراض في البرية. من خلال هذه الطريقة العلمية للحفاظ على أعدادها، تم إطلاق أكثر من 10 دببة عملاقة تم تربيتها في الأسر للعيش ضمن مجموعات صغيرة أخرى في ليتسيبينغ وأماكن أخرى. في أكتوبر 2021، أعلنت الصين عن الإنشاء الرسمي لمجموعة من حدائقها الوطنية، بما في ذلك أول حديقة وطنية للباندا العملاقة. تغطي هذه الحديقة مساحة حوالي 2.2 مليون هكتار أي حوالي 60٪ من موطن الباندا العملاقة البرية، والتي تعد موطنا لأكثر من 70٪ من أعداد هذه الحيوانات البرية. وبالتالي فإن إنشاء حديقة وطنية لها يعد مرحلة جديدة في الحفاظ على الباندا العملاقة في الصين.
في عام 2016، وفي كتابه الأحمر خفض الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) مستوى تهديد الباندا العملاقة من مهددة بالانقراض إلى معرضة للخطر، مما يعكس إنجازات الصين الرائعة في مجال الحفاظ على الباندا العملاقة ويسلط الضوء على صورة الصين كدولة رئيسية مسؤولة عما تقوم به في مجال الحفاظ على الطبيعة. وبفضل الجهود المشتركة لجميع قطاعات المجتمع، أصبح الحفاظ على هذا النوع من الحيوانات وأبحاثها قصة نجاح يكتبها الصينيون، مما يشكل مثالا يحتذى به للحفاظ على الحياة البرية العالمية.