الفيوم، مصر 16 ديسمبر 2024 (شينخوا) في قلب محافظة الفيوم المصرية، حيث تنسج الطبيعة بساطها الأخضر برائحة النعناع والشيح، يقضي الحاج حلمي محمود (72 عاما) ساعات طويلة في حقله، يرعى أعشابه الطبية بعناية فائقة.
ويمتد هذا الحقل على مساحة 50 فدانا في مركز أبشواي بالفيوم، جنوب العاصمة القاهرة، شاهداً على إرث عريق من الزراعة، ومبشراً بمستقبل واعد في عالم الأعشاب الطبية.
ورث حلمي محمود هذه المهنة عن أجداده، فزرع الكراوية، والمورينجا، وعشب الليمون، والنعناع، والشيح، واليانسون، وغيرها من النباتات التي تشتهر بها أرض الفيوم الخصبة.
ويقول حلمي في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما يداعب أوراق النعناع بأصابعه: "نحن مرتبطون بهذا التراث العريق، الذي يحمل بين طياته مستقبلا زاهرا".
وتشهد الفيوم اليوم نهضة زراعية في مجال الأعشاب الطبية، حتى غدت مركزا عالميا لتصديرها إلى مختلف قارات العالم، فقد تحولت مئات الشركات إلى شراء هذه الأعشاب، ومعالجتها، وتسويقها محليا ودوليا، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في زراعتها بالمحافظة.
ويؤكد الحاج حلمي على أهمية الرعاية الدقيقة وممارسات الزراعة العضوية في هذا المجال، مشيراً إلى العائد المادي الكبير الذي يدفع العديد من المزارعين إلى التخلي عن زراعة المحاصيل التقليدية، مثل الخضروات والبرسيم، والتوجه نحو زراعة الأعشاب الأكثر ربحية.
ويتماشى هذا التحول مع "رؤية مصر 2030" لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تشمل استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة المحدثة للبلاد 2030، بهدف توسيع زراعة وإنتاج هذه النباتات القيمة.
وتسعى مصر إلى مضاعفة المساحة المزروعة بالأعشاب الطبية من 125 ألف فدان إلى 250 ألف فدان بحلول عام 2030، وفقا للمجلس التصديري للحاصلات بمصر، وسيتم تحقيق هذا الهدف الطموح من خلال مشاريع التنمية الريفية، والاستثمار في القطاع الخاص، والشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية.
وتصدر مصر حاليا حوالي 85 بالمئة من إنتاجها من النباتات الطبية والعطرية، وتحقق عائدات تقدر بنحو 200 مليون دولار أمريكي سنويا.
وتصل هذه الأعشاب والتوابل المصرية إلى أكثر من 100 دولة حول العالم، بأشكال مختلفة، مثل الأوراق المجففة، والزهور الطازجة، والزيوت، والمعاجين العطرية، لتجد طريقها إلى المنازل، والصيدليات، ومحلات العطور في كل مكان.
ويشير محمد شعبان، مدير شركة لتصدير الأعشاب الطبية في الفيوم، إلى أن الكمون، واليانسون، والكراوية، والشمر، والنعناع من بين أكثر الأصناف طلبا في الأسواق العالمية.
ويقول محمد شعبان في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)): "الصين سوق رئيسية بالنسبة لي، وخاصة لصادرات الشمر"، مؤكدا سعيه لتوسيع وجود شركته في الصين من خلال تقديم مجموعة أوسع من النباتات المصرية.
كما يسعى محمد شعبان إلى استيراد الأعشاب الطبية الصينية، مثل القرفة والزنجبيل، إلى السوق المصرية.
وأضاف أن قصة نجاح زراعة الأعشاب الطبية في الفيوم تجسد التقاء التراث العريق بالرؤية المستقبلية الطموحة، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والازدهار الاقتصادي.