الخرطوم 16 ديسمبر 2024 (شينخوا) تتزايد وتيرة التصعيد العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ولا سيما في محاور الخرطوم ووسط وغرب السودان.
ودارت اشتباكات عنيفة صباح اليوم (الاثنين) بين الجيش والدعم السريع في منطقة المقرن وسط العاصمة السودانية الخرطوم.
وقال مصدر عسكري لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم إنه "منذ يوم أمس وسع الجيش من عملياته بمنطقة المقرن، وتزايدت اليوم حدة المواجهات".
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، "هناك تقدم بطىء للجيش في المنطقة، وذلك بسبب طبيعتها"، مشيرا الى أن "القتال يتخذ أشكالا تكتيكية متعددة بسبب وجود عوائق وكمائن وقناصة في المباني المرتفعة".
وأوضح أن منطقة المقرن تشكل أولوية للجيش، وقال إن "السيطرة على هذه المنطقة أمر مهم للتحكم في الملاحة النهرية عند ملتقي النيلين، كما أن منطقة المقرن تشكل مدخلا لمراكز سيادية مثل القصر الجمهوري والبرلمان".
وفي محور الخرطوم أيضا، استمرّت المعارك وسط وغرب مدينة الخرطوم بحري.
ووفقا لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) من منطقة أم درمان، فإن أعمدة الدخان تتصاعد منذ صباح اليوم من منطقة وسط الخرطوم بحري، وهي منطقة مقابلة لمدينة أم درمان من الضفة الشرقية لنهر النيل.
وسمعت أصوات انفجارات عنيفة من مناطق شمبات والحلفايا بوسط وغرب مدينة الخرطوم بحري، وهناك تحليق مكثف للطيران الحربي، فيما يقصف سلاح المدفعية التابع للجيش مواقع بوسط بحري من قواعد في أم درمان.
وفي السياق ذاته، أعلنت غرفة طوارئ الخرطوم بحري اليوم استمرار عمليات إجلاء لسكان من أحياء شمبات، الحلفايا والسامراب إلى مناطق آمنة في شرق النيل بسبب تزايد وتيرة المواجهات العسكرية بين الجيش والدعم السريع في مدينة الخرطوم بحري.
ومنذ نحو أسبوع، يكثف الجيش السوداني من عملياته بمحور الخرطوم بحري، وتمكن قبل يومين من السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة السامراب شمال الخرطوم بحري.
ويحاول الجيش السيطرة على معقل رئيسي للدعم السريع بمنطقة كافوري شرق مدينة الخرطوم بحري، بهدف فتح طريق يؤدي إلى قيادة سلاح الإشارة في أقصى جنوب الخرطوم بحري.
وفي وسط السودان، يحشد الجيش السوداني قواته من ثلاثة محاور، وسط توقعات باندلاع قتال للسيطرة على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.
ونشرت قوات العمل الخاص، وهي وحدات تابعة للجيش السوداني ومتخصصة في حرب المدن، اليوم مقاطع فيديو لنشر وحدات قتالية بجنوب ولاية الجزيرة استعدادا لما أسمتها معركة تحرير ود مدني.
وتمكن الجيش السوداني مؤخرا من تحقيق تقدم ملحوظ نحو مدينة ود مدني، حيث تم استهداف عدة محاور ولاسيما جنوبي ولاية الجزيرة.
وقال الخبير العسكري السوداني عبد الجليل اسماعيل لـ ((شينخوا)) "هناك تقدم كبير في محور وسط السودان وخاصة من شرق ولاية الجزيرة حيث تقوم قوات درع السودان المتحالفة مع الجيش بعمل كبير، كما تتقدم وحدات تابعة للجيش من اتجاه الجنوب بعد الانتصارات الأخيرة في ولاية سنار، وكذلك من الاتجاه الغربي".
وأضاف أنه "من الواضح أننا على موعد مع معركة فاصلة، يهدف من خلالها الجيش إلى إستعادة السيطرة على مدينة ود مدني، ومن المؤكد أن هذه المعركة ستكون واحدة من أشرس معارك حرب السودان".
إلى ذلك، ما تزال مدينة الفاشر، المعقل الأخير للجيش السوداني في إقليم دارفور، تشكل نقطة الصراع الرئيسية بين طرفي الحرب غرب السودان.
وتدور مواجهات شبه يومية في المدينة بين الجيش السوداني والدعم السريع، فيما تتواصل عمليات القصف المدفعي والجوي وبواسطة الطائرات المسيرة.
وقالت قيادة الفرقة السادسة مشاه، التابعة للجيش السوداني إنها تسيطر على الأوضاع بمدينة الفاشر، وتصد الهجمات اليومية لقوات الدعم السريع.
وأضافت الفرقة في بيان صحفي اليوم أن "الأوضاع مستقرة وقواتنا منتشرة في كل مكان، وتمسك بزمام الأمور، ونصد يوميا محاولات للميليشيا للتوغل".
وأعلنت الفرقة عن تدميرها أمس (الأحد) 13 مركبة قتالية تابعة لقوات الدعم السريع حاولت التقدم إلى داخل مدينة الفاشر من الاتجاه الجنوبي للمدينة.
ولنحو أسبوعين، تواصل قوات الدعم السريع قصف مخيم زمزم للنازحين جنوب مدينة الفاشر، وسط إدانات محلية ودولية.
وناشدت قوات الدعم السريع في بيان صحفي اليوم المجتمع الدولي والإقليمي التحرك لوقف ما أسماه تحويل معسكر زمزم للنازحين إلى ساحة حرب.
وقال البيان إن "هناك محاولات من قبل الجيش والحركات المسلحة لتحويل المعسكر إلى ثكنة عسكرية، يشكل ذلك انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ومخالفة للقانون الدولي الإنساني، وقواعد النزاعات المسلحة ومعاهدات جنيف لحماية المدنيين".
وأدى القصف المتكرر لمخيم زمزم للنازحين إلى مقتل 73 قتيلا، مدنيا، وفقا للمدير العام لوزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر.
وقال خاطر لـ ((شينخوا)) اليوم إنه "منذ مطلع هذا الشهر توفي 73 شخصا في معسكر زمزم، وأصيب 377 شخصا، نتيجة القصف المتعمد من قبل الميليشيا علي المخيم".
ومنذ 10 مايو الماضي تدور مواجهات عنيفة في الفاشر بين الجيش السوداني والمتحالفين معه، وقوات الدعم السريع.
ويسيطر الجيش السوداني على الفاشر، وتقاتل بجانبه حركات دارفورية مسلحة، كانت قد وقعت مع حكومة السودان في العام 2020 اتفاق "سلام جوبا"، من أبرزها حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم.
وتعد الفاشر مركز إقليم دارفور المكون من خمس ولايات وأكبر مدنه، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 28700 قتيلا وفقا لموقع ((ACLED))، وهي منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة.
ووفقا لإحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية في 29 أكتوبر الماضي، فإن العدد الإجمالي للفارين بسبب الحرب في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.
وبحسب الإحصائية، هناك 11 مليون شخص نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.