الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

تعليق: بات من المُلِح تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط

أدى التغيير المفاجئ الأخير في الوضع في سوريا إلى مزيد من عدم اليقين بشأن النمط الأمني ​​الهش في الشرق الأوسط. ما يحذر المجتمع الدولي مرة أخرى بأن الاضطراب الأمني ​​في الشرق الأوسط لا ينبغي أن يستمر إلى ما لا نهاية، وأنه من المُلِح تهدئة الحالة في الشرق الأوسط.

"كنا نعلم أن شيئاً ما قد انكسر في سوريا، لكننا لم نعرف ما الذي ينتظره". أشار أحد المحللين الدوليين إلى أن الشعب السوري شهد خلال السنوات الـ 13 الماضية صراعات حربية لا نهاية لها. اليوم، يقف الوضع في سوريا على مفترق طرق جديد، ويعتمد مستقبله على خيارات جميع الأطراف.

ولتحقيق استقرار الوضع في سوريا في أقرب وقت ممكن، ينبغي على المجتمع الدولي حماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها بشكل فعال، ودعم التحقيق المبكر للسلام في سوريا، وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، ودفع العملية السياسية الداخلية وفقاً لمبدأ "قيادة وملكية سورية"، وإيجاد خطة إعادة إعمار وطنية تتوافق مع إرادة الشعب السوري من خلال الحوار الشامل. وينبغي على المجتمع الدولي أن يحترم بجدية خيار الشعب السوري وأن يهيئ الظروف الملائمة لاستعادة السلام وإعادة بناء النظام في سوريا. كما ينبغي على تلك الأطراف التي كانت منخرطة بعمق في الوضع في سوريا لفترة طويلة أن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وأن تتخلى عن كل محاولات الاستفادة من الفوضى. وفي مواجهة الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري، ينبغي على المجتمع الدولي العمل معاً للمساعدة في رفع العقوبات الأحادية غير القانونية المفروضة على سوريا لسنوات عديدة، وتخفيف الوضع الإنساني الخطير في سوريا، ومنع تدفق اللاجئين مرة أخرى. وينبغي إيلاء الاهتمام الكافي للتهديد الناجم عن الفوضى الذي صنعته القوى الإرهابية والمتطرفة بعد التغيير المفاجئ في الوضع في سوريا. وفي المستقبل، ينبغي على سوريا أن تعارض بحزم أي شكل من أشكال الإرهاب والقوى المتطرفة.

يشهد الشرق الأوسط اضطرابات مستمرة وصراعات متكررة، مما يؤثر بشكل خطير على السلام والأمن الدوليين. واستمرت الأزمة الأمنية في الشرق الأوسط في الانتشار منذ اندلاع الصراع في غزة. وتصاعدت التوترات بدورها بين فلسطين وإسرائيل، ولبنان وإسرائيل، وإيران وإسرائيل، والبحر الأحمر تباعاً، إلى أن شهد الوضع في سوريا تغيرات مفاجأة مؤخراً. وقد أظهر تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث بريطاني، أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت مركزا لانعدام الأمن العالمي خلال العام الماضي، مع ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الصراعات والحروب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة تزيد على 315% على أساس سنوي. وأن الشرق الأوسط الذي كان ذات يوم "مرتفع الحضارة" في تاريخ البشرية، لا ينبغي له أن يصبح "مستنقع السلام" في عصرنا الحالي، ومن الملح اتخاذ تدابير عملية لتهدئة الوضع.

إن الأولوية القصوى لحل الفوضى في الشرق الأوسط، هي الوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف العنف، وتخفيف الأزمة الإنسانية. حيث أن القوة لا تستطيع شراء الأمن، واستخدام العنف لمحاربة العنف لا يمكن أن يحل المشاكل. ويجب الالتزام بجميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتوقف الأطراف المعنية عن اتخاذ الإجراءات التي تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية وتجنب إقامة عقبات جديدة أمام تحقيق وقف إطلاق النار. ويجب على الدول التي لها تأثير مهم على الوضع الأمني ​​الإقليمي أن تتبنى موقفاً مسؤولاً وتتوقف عن الانخراط في الممارسات الخطيرة المتمثلة في " الانحياز" و"التحريض"، وبدلا من ذلك، يجب عليهم أن يلعبوا دورا بناء في قمع الحرب. ويجب ألا تسييس القضايا الإنسانية في مناطق الصراع، ولا يمكن استخدام حياة المدنيين كورقة مساومة. ويجب على المجتمع الدولي أن يفي بالتزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي، وأن يساعد المنطقة على تحسين الوضع الإنساني، وتخفيف معاناة الشعب في الشرق الأوسط.

إن المخرج الأساسي لحل الفوضى في الشرق الأوسط هو الالتزام بالتسوية السياسية واستئناف الحوار والمفاوضات. ويتعين على مجلس الأمن أن يتحمل بشكل فعال مسؤوليته في الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وأن يقدم جميع أعضاء مجلس الأمن مساهمات إيجابية لتحقيق هذه الغاية بدلا من زيادة الفوضى. ومن الضروري مواصلة جهود الحوار والتشاور، والحفاظ على زخم المصالحة الإقليمية المدفوعة باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، والمثابرة على حل الخلافات من خلال التسامح، وتعزيز الثقة المتبادلة من خلال التعاون، وبناء بنية أمنية مستدامة جديدة في الشرق الأوسط على أساس الإجماع الذي يستوعب شواغل بعضهم البعض. ولمنع تهميش القضية الفلسطينية مرة أخرى، ينبغي تفعيل حل الدولتين في أقرب وقت ممكن.

إن المبدأ الأساسي لحل الفوضى في الشرق الأوسط هو الإصرار على استقلالية شعوب المنطقة والتمسك بمصيرهم بأنفسهم وتجنب التدخلات الخارجية. وإن الشرق الأوسط ملك لشعوب الشرق الأوسط، وكان ينبغي أن يكون مستقبل ومصير بلدان الشرق الأوسط في أيدي السكان المحليين أنفسهم منذ فترة طويلة. لقد عانى الشرق الأوسط من الحروب لفترة طويلة، ويعد التدخل الخارجي سببا جذريا مهما لهذا الوضع. فمن العراق إلى ليبيا إلى سوريا، تدخلت قوى كبرى من خارج المنطقة في شؤون الشرق الأوسط، تاركة المنطقة في حالة من الدمار. ويجب أن يتوقف هذا الظلم التاريخي في أقرب وقت ممكن، وينبغي لجميع الأطراف أن تحترم بجدية سيادة دول المنطقة وسلامتها الإقليمية، وأن تنطلق من حيثيات الأمر نفسه والإنصاف والعدالة الدوليين، وتساعد دول المنطقة في إيجاد حل لها، بدلاً من أن تحل محلها في إيجاد حلول للصراعات. وإن الاحترام المتبادل هو السبيل للعيش في وئام، والإنصاف والعدالة هما أساس الأمن الدائم. كما أشار مقال نشر على صحيفة "الأهرام" المصرية، إلى أن دعم العدالة والدبلوماسية وحقوق الإنسان من الممكن أن يمهد الطريق لشرق أوسط أكثر استقراراً، ولكن الاختبار الحقيقي الآن يتمثل في مدى رغبة المجتمع الدولي في التحرك.

يجب على المجتمع الدولي أن يشجع بشكل مشترك جميع الأطراف في الشرق الأوسط على التخلي عن صراعاتهم الماضية وحلها. والصين باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودولة كبرى مسؤولة، ستقف دائما إلى جانب السلام والعدالة، وستواصل القيام بدور بناء في تهدئة الوضع في الشرق الأوسط وتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين.

صور ساخنة