روابط ذات العلاقة
بقلم عبدالله الدوسري/ رئيس تحرير صحيفة العرب الكويتية
في الصين القديمة، شكّلت الأعياد جزءًا محوريًا من الحياة اليومية، حيث ارتبطت بالتقاليد الزراعية وطقوس طرد الشرور. “العام الصيني الجديد”، الذي يُعد اليوم من أهم المناسبات في الصين، يعود بجذوره إلى فترة الحصاد، حينما كان يُحتفل به بعد موسم جمع المحاصيل في الشهر العاشر من العام وفقًا للتقويم القديم.
ومع مرور الوقت، تطورت الاحتفالات لتأخذ طابعًا ثقافيًا وروحيًا أعمق. كانت العديد من الأعياد تُعتبر “أيام شر”، ما دفع الناس إلى ابتكار طقوس لحماية أنفسهم من الكوارث. على سبيل المثال، في مهرجان قوارب التنين، ابتكر السكان سباقات القوارب لطرد الأرواح الشريرة، بينما تضمنت احتفالات عيد “التاسع المزدوج” تسلق الجبال للهروب من الشرور المحتملة في ذلك اليوم.
وعلى غرار هذه الأعياد، كان “رأس السنة الصينية” يُنظر إليه في البداية كعقبة يجب تجاوزها. في تلك الفترة، كان الناس يسعون لتصفية ديونهم والتزاماتهم قبل حلول العام الجديد. ومع ذلك، ارتبطت الاحتفالات الليلية بأسطورة الوحش “نيان”، الذي قيل إنه ينزل لترويع الناس. لمواجهته، ابتكر السكان عادات لا تزال حية حتى اليوم، مثل تعليق الفوانيس الحمراء، إطلاق الألعاب النارية، وتزيين المنازل باللون الأحمر.
كما يعتبر عشاء ليلة رأس السنة رمزًا للتلاحم العائلي، حيث تجتمع الأسر لتوديع العام القديم واستقبال العام الجديد. ومع حلول منتصف الليل، تُطلق الألعاب النارية ويُتناول طبق “الجياوزي” التقليدي إيذانًا ببداية عام جديد يحمل الأمل والخير.
لا تُعد الأعياد مجرد مناسبات احتفالية، بل تمثل حاملةً للقيم الأخلاقية والموروث الثقافي. حافظت الأعياد الصينية، على مر العصور، على عادات الطهي، الحرف التقليدية، وفنون الاحتفال، لتظل شاهدةً على استمرارية الحضارة الصينية، وناقلةً لروحها من جيل إلى جيل.