وجه الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم 15 فبراير الجاري، رسالة تهنئة إلى القمة الثامنة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، استعرض فيها التقدم الجديد في العلاقات الصينية الأفريقية خلال العام الماضي، وأكد أنه على استعداد للعمل مع القادة الأفارقة لتعزيز تنفيذ المقترحات الرئيسية الستة و "إجراءات الشراكة العشرة" للتحديث المشترك بين الصين أفريقيا، وتحقيق المزيد من النتائج الملموسة لصالح أكثر من 2.8 مليار مواطن صيني وأفريقي. واكد العديد من الأفارقة من جميع مناحي الحياة في مقابلات صحفية أجراها مراسلون صحيفة الشعب اليومية، أن العلاقات الأفريقية ـ الصينية صمدت أمام اختبار التقلبات الدولية، وحققت نتائج مثمرة في التعاون في مختلف المجالات، ووضعت نموذجا لنوع جديد من العلاقات الدولية.
"لقد شجعتني بشدة رسالة التهنئة التي أرسلها الرئيس شي جين بينغ، وجعلتني واثقا من مستقبل العلاقات الأفريقية ـ الصينية." قالت نادية حلمي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني سويف في مصر، إن دعم الصين طويل الأمد لبناء البنية التحتية في أفريقيا، من العاصمة الإدارية الجديدة لمصر إلى شبكة السكك الحديدية في شرق أفريقيا، يعكس الأهمية الإيجابية والأثر بعيد المدى للتعاون. وفي الوقت نفسه، تساعد الخبرة والتكنولوجيا الصينية في تنمية أفريقيا في مجالات الزراعة والتنمية الخضراء والاقتصاد الرقمي وغيرها.
ويعتقد عبد القادر خليل، مدير عام شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر، أن رسالة التهنئة التي أرسلها الرئيس شي جين بينغ تظهر بشكل كامل الأهمية الكبيرة التي يوليها القادة الصينيون لتطوير العلاقات الأفريقية ـ الصينية. "تساعد الصين أفريقيا في بناء الطرق والمطارات والسكك الحديدية وتعزيز بناء البنية التحتية." وقال عبد القادر: "قام الجانبين أيضا بتعاون متعمق في مجالات الزراعة والصحة والعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المجالات لمساعدة أفريقيا على تنمية اقتصادها بطريقة شاملة. والتعاون الأفريقي الصيني مليء بالفرص وله آفاق واسعة."
أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أنه في مواجهة الوضع الدولي المضطرب الحالي، نما "الجنوب العالمي" الذي تمثله الصين وأفريقيا بشكل ملحوظ. في العام الماضي، قام الاتحاد الأفريقي بتوحيد وقيادة البلدان الأفريقية، وتعزيز بناء التكامل بقوة، والاستجابة بنشاط للتحديات الإقليمية والعالمية، والتحدث بصوت واحد وبالإجماع من أجل أفريقيا، وقيادة التحسين المستمر لمكانة أفريقيا ونفوذها على المستوى الدولي. كما أعرب أن تمنيه بكل اخلاص أن تواصل اللبلدان والشعوب الأفريقية تحقيق نجاحات جديدة وكبيرة على طريق الاستقلال والاعتماد على الذات والتنمية.
"كانت الصين أول من أعرب عن دعمها الواضح لانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين، وهي تدعم بنشاط البلدان الأفريقية لكسب المزيد من المشاركة في الأمم المتحدة وغيرها من الساحات الدولية. كما تدعم الصين بناء منطقة التجارة الحرة في القارية الأفريقية، وتعزز الترابط والتواصل، وتساعد البلدان الأفريقية على الاندماج بنشاط في سلسلة الإنتاج والتوريد العالمية." قال فتح الله والعلو، وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق، إن الصين ليست داعمة لبناء البنية التحتية في أفريقيا فحسب، ولكنها أيضا داعم مهم لإفريقيا على الساحة الدولية. ويساعد بناء مبادرة "الحزام والطريق" عالية الجودة الدول الأفريقية على الاندماج في الاقتصاد العالمي وتعزيز التكامل الإقليمي، فهي لا تساعد أفريقيا على تحسين وضعها الدولي فحسب، بل تجعل العالم يولي المزيد من الاهتمام لصوت أفريقيا. وقال فتح الله والعلو: "الصين عملت دائما جنبا إلى جنب مع أفريقيا، وهي الصديق المخلص لأفريقيا في جميع الأحوال وشريكها المهم في التنمية".
"لقد قادت الصين التعاون في الجنوب العالمي منذ فترة طويلة، وتواصل أفريقيا والصين تحقيق نتائج تعاون جديدة في مجالات الطاقة الخضراء والتكنولوجيا الرقمية والتمويل الشامل والرعاية الصحية وغيرها من المجالات، واستخدام الإجراءات العملية لبناء مجتمع أفريقي صيني أوثق ذي مستقبل مشترك." قال كيرتان بهانا، رئيس معهد جنوب أفريقيا للشؤون الخارجية ورئيس تحرير مجلة الشؤون الخارجية لجنوب أفريقيا: " في الوضع الدولي الحالي المعقد والمتغير باستمرار، تعمل أفريقيا والصين بشكل مشترك على تعزيز التعددية، ومعارضة الأحادية والحمائية، ودعم كل منهما الآخر في القضايا التي تمس المصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لكل منهما، وحماية المصالح المشتركة للدول النامية بشكل فعال."
" في غانا، قامت الشركات الصينية ببناء الآلاف من المحطات القاعدية لتلبية احتياجات الاتصالات للملايين من الناس في المناطق الريفية. وساعدت الصين في بناء الآلاف من الآبار، وحماية المزيد من الناس من الملاريا والكوليرا. كما دعمت الصين بناء ورش عمل "لوبان" وتعاونت في مجال الطيران المدني لمساعدة غانا في بناء القدرات." استشهد بول فريمبونج، المدير التنفيذي للمركز الاستشاري للسياسات الأفريقية الصينية في غانا، بالتعاون بين غانا والصين كمثال، لقد قدمت الصين دعما مستمرا لأفريقيا في مجالات التصنيع والتحديث الزراعي وتدريب المواهب، ولعبت دورا مهما في تعزيز عملية التكامل في أفريقيا من خلال بناء البنية التحتية مثل الطيران والموانئ والطرق السريعة والسكك الحديدية والجسور ومشاريع المناطق الصناعية المحيطة.
قال يربان الحسين الخراشي، رئيس الرابطة الموريتانيين خريجي الصين، إنه في عام 2024، تم ترقية الوضع العام للعلاقات الأفريقية ـ الصينية إلى مجتمع أفريقي ـ صيني صالح في جميع الأحوال مع مستقبل مشترك في العصر الجديد، مما يدل على مثابرة واستقرار العلاقات الثنائية. " موريتانيا غنية بالطاقة المتجددة. وإن الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة في الصين والموارد الموريتانية الغنية سيعزز إمكانية الوصول إلى الطاقة في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، كما أن تهيئة الظروف اللازمة للتصنيع والتحديث الزراعي في أفريقيا من شأنها أن تقدم مساهمات أكبر في بناء عالم مستدام ونظيف وجميل."
وأكد بول فريمبونج، أن الصين تولي المزيد من الاهتمام لتطوير الطاقة المتجددة في تعاونها مع أفريقيا. وفي الوقت نفسه، منحت الصين معاملة صفرية لجميع الدول الأقل نموا التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، بما في ذلك 33 دولة أفريقية، على 100% من بنودها الضريبية منذ ديسمبر من العام الماضي، حتى تتمكن نتائج التنمية من إفادة المزيد من الشعوب الأفريقية.
قال سعيود محمد الخبير في الاستثمار الصناعي الجزائري، إن الدول الأفريقية تأمل في تعزيز التعاون مع الصين في مجالات مثل بناء البنية التحتية والتعاون التجاري والتعليم والابتكار العلمي والتكنولوجي، "التعاون الأفريقي الصيني يتمتع بآفاق تنمية مشرقة".
"إن الجمع بين التكنولوجيا ورأس المال والطلب في السوق في الصين، والموارد الغنية والعوائد الديموغرافية في أفريقيا، سيخلق بالتأكيد مستقبل أكثر ازدهارا". قالت نادية، "أعتقد أن هذا النوع من التعاون لن يفيد شعوب أفريقيا والصين فحسب، بل سيوفر أيضا مرجعا لتنمية بلدان الجنوب العالمي."