الصفحة الرئيسية >> التبادلات الدولية

وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان آل سعود: التبادل الثقافي بين المملكة والصين يسهم في بناء عالم أكثر تنوعًا وتعاونًا، ويقدم أمثلة ملهمة للتعايش والإثراء المتبادل

وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان آل سعود: التبادل الثقافي بين المملكة والصين يسهم في بناء عالم أكثر تنوعًا وتعاونًا، ويقدم أمثلة ملهمة للتعايش والإثراء المتبادل
وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان آل سعود

تحرير الحوار/ د. فايزة كاب

22 سبتمبر 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أكد وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن فرحان آل سعود، أن العام الثقافي السعودي الصيني في عام 2025 يقع في نقطة الالتقاء بين رؤيتين حضاريتين طموحتين، كما يسهم في التقارب بين الحضارتين العريقتين، ويمنح الثقافة دوراً أساسياً لتحقيق الأهداف المرجوة. ويأتي تتويجاً للعلاقات السعودية الصينية، ويترجم طموح البلدين في تعزيز التعاون الاستراتيجي بينهما في القطاعات الثقافية، ويعكس الصداقة العميقة بين الشعبين منذ القدم، حيث يرسّخ الروابط التاريخية بيننا، ويعرف بالإرث الثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، من خلال تنظيم الفعاليات والمهرجانات والمعارض الثقافية، إضافةً إلى تنفيذ أنشطة وبرامج ثقافية مشتركة.

قال الوزير في حوار صحفي مكتوب خاص لصحيفة الشعب اليومية أونلاين، إن التعاون الثقافي السعودي الصيني يشهد أوجهاً مشرقة ومتنامية، وذلك بفضل دعم قيادة البلدين الصديقين، والمبادرات والجهود المتنوعة التي بُذلت لتعزيز هذه العلاقة، ومد مزيد من جسور التواصل بين الشعبين الصديقين، حيث أسهمت الزيارات الرسمية للمسؤولين بين البلدين في توطيد الروابط الثقافية وتعميق الفهم المتبادل، مما يمهِّد الطريق لمزيد من التعاون في المستقبل. وتشكل "رؤية المملكة 2030"، ومبادرة "الحزام والطريق"، فرصاً كبيرة للاستثمار معاً وتحقيق تقارب ثقافي أكبر. معربًا عن إيمانه بأن التبادل الثقافي بين المملكة والصين يسهم في بناء عالم أكثر تنوعًا وتعاونًا، ويقدم أمثلة ملهمة للتعايش والإثراء المتبادل.

واستعرض الوزير تاريخ التبادلات الثقافية بين المملكة والصين، قائلاً:" أن المملكة العربية والصين يربطهما تاريخ عميق من التواصل الحضاري والمعرفي. ويمتد التبادل الثقافي بين الصين وأرض المملكة إلى قرون طويلة، ويعد من أقدم صور التواصل الحضاري في التاريخ. وقد بدأت هذه العلاقة منذ القرن السابع الميلادي، حين ارتبطت مكة المكرمة والمدينة المنورة بطريق الحرير بمساراته البرية والبحرية، لتصبح مراكز محورية في شبكة تجارية وثقافية واسعة". مضيفًا:" ازدهرت هذه العلاقات خلال العصر العباسي الذي وافق عصر سونغ، إذ وثق الجغرافيون والمؤرخون العرب تفاصيل المدن الصينية، في حين أصبحت منتجات مثل الحرير والخزف الصيني ذات قيمة رفيعة في الأسواق العربية. وهذه الاتصالات المتكررة رسخت أسس التقدير الحضاري بين الجانبين، ومهدت لتاريخ طويل من الاحترام والتبادل الثقافي. ومن الشواهد البارزة على عمق هذه العلاقة التي تعد دليلاً على تلاقٍ ثقافي يتجاوز الدبلوماسية إلى مستوى رفيع من الاحترام المتبادل. هذا الإرث المشترك لا يزال يشكل قاعدة متينة للعلاقات الثقافية المتنامية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية حتى اليوم."

وحول رؤية البلدين مشتركة حيال أهمية الثقافة ودورها المحوري في التنمية، وانعكاس هذا التعاون على الصعيد الدولي. قال الوزير، إن للرياض وبكين قدرة هائلة لاستثمار إرثهما الثقافي الغني في تعزيز التواصل التاريخي، والتبادل الثقافي المستمر كوسيلة لبناء جسور جديدة، وروابط أقوى بين الشعوب، ويمكن للبلدين أيضاً فتح آفاق أرحب من خلال التعاون تحت العديد من العناوين الكبيرة التي يمكن أن تكون نقطة قوة للشراكة الثقافية بين البلدين، كالتراث الثقافي المشترك، والتعاون في التعليم الثقافي والمشروعات الفنية والثقافية، والابتكار في الثقافة والمنتديات الدولية للحوار، ودعم المبادرات الثقافية المحلية والعالمية، وبهذه الطرق، تستطيع المملكة والصين أن تلعبا دوراً ريادياً في تعزيز الانفتاح الثقافي وتشجيع التفاعل الحضاري، مما يسهم في إثراء الحضارة العالمية وترسيخ قيم التعايش السلمي. مضيفًا:" نؤمن بأنه بعزيمة السعوديين والصينين، هناك فضاءات أرحب للذهاب بالتعاون والشراكة إلى أبعد مدى يعود بالفائدة على الثقافة السعودية والصينية."

شهد العام الثقافي السعودي الصيني 2025، نجاح تنظيم فعاليات متنوعة ومهمة، خلال الأشهر الماضية، نجحت الشراكة السعودية الصينية من تحقيق العديد من الأهداف، حيث أثمر هذا التعاون على فتح نافذة مهمة للجمهور الصيني على الفنون البصرية السعودية، من خلال إقامة المعارض الفنية لفنانين سعوديين في مركز أولينز للفن المعاصر في شنغهاي، والمتحف الوطني الصيني. بالإضافة إلى المشاركات الفاعلة للجانبين في قطاع الأدب والنشر والترجمة من خلال المشاركة في معارض الكتب، وقطاع الأفلام، والتراث، والموسيقى، والحرف اليدوية، والمبادرات والمشاركات للمؤسسات الثقافية السعودية والصينية. وقد وقعت وزارة الثقافة، برنامجًا تنفيذيًا مع المركز الصيني العربي لدراسات التعاون الثقافي والسياحي في جمهورية الصين الشعبية، كما يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة على تقديم منح لدعم الدراسات الثقافية بين السعودية والصين، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات التي لاقت رواجاً رائعاً، وهناك فعاليات ومبادرات أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقاً. مضيفًا: "المهم أننا نجحنا مع الأصدقاء في جمهورية الصين الشعبية في تجسيد نموذجًا ناجحا لما يمكن أن يحققه التبادل المعرفي والتعاون الثقافي من خلق فرص للحوار وتعميق للفهم بين الأصدقاء وفتح أبواب للتواصل الإنساني."

وأشار الوزير إلى جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بوصفها نموذجاً من النماذج المهمة للتعاون الثقافي، فهي جائزة دولية ثنائية، تسعى إلى تقوية التواصل الثقافي بين البلدين، على مستوى البحث العلمي والثقافي، ومنظومة الآداب والفنون، وحركة الترجمة بين اللغتين، بالإضافة إلى المبادرات المهمة الرامية لتعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والثقافية، كما أن تعليم اللغة العربية للصينيين، وتعليم اللغة الصينية للسعوديين يشكل جسراً ثرياً من التواصل الثقافي والمعرفي بين الحضارتين العريقتين. كما أن أحد الأكاديميين الصينيين قد فاز في شهر أكتوبر من العام الماضي بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في فرع (تعليم اللغة العربية وتعلمها - فئة الأفراد)، وحصد شهر اللغة العربية في الصين الذي أُقيمت فعالياته في أبريل من العام الماضي نتائج إيجابية تؤكّد قدرة اللغات في رفد علاقتنا الوثيقة بمزيد من التعاون والتبادل الثقافيين.

وحول القيم الثقافية المشتركة بين السعودية والصين وأوجه التشابه بينهما، قال الوزير، إن الثقافتان السعودية والصينية تلتقيان في احترامهما العميق للإرث الحضاري، وتقديرهما المشترك لمفاهيم الحكمة، والجمال، والروحانية. ويظهر هذا التلاقي في اهتمام كل من المجتمعين بالكلمة والكتابة ليس كوسيلة تواصل فحسب، بل كفعل فني وروحي. كما تمنح العمارة في كل من الثقافتين أهمية كبرى، تعكس خصوصية الحياة اليومية وروح التماسك المجتمعي. وتتجلى أوجه الشبه في الطقوس اليومية مثل تقديم القهوة في السعودية والشاي في الصين، حيث تمثل هذه الممارسات رموزًا للضيافة والكرم واللقاء الثقافي. وفي الفنون التقليدية، نلحظ تقاطعًا بين زخارف السدو في أرض المملكة والنسيج التقليدي في الصين، إذ تعبر هذه الفنون عن هوية جماعية وارتباط بالمكان. وكل هذه الروابط الثقافية تحفز اليوم مسارات جديدة من التعاون، تشمل الفنون، والسينما، والمتاحف، وتعلم اللغات، مما يعكس رغبة مشتركة في بناء جسور من الفهم المتبادل وتعميق الشراكة الثقافية بين الشعبين.

أكد الوزير، أن المملكة تمتلك مع الأصدقاء في الصين رؤية مشتركة حول أهمية الثقافة في تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى المبادرة السعودية الرائدة في سبيل تحقيق ذلك، بتفعيل المسار الثقافي ضمن أعمال مجموعة العشرين، إبان رئاستها للقمة في عام 2020، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بوصف الثقافة منفعة عامة عالمية، فتمكين الوصول إلى الثقافة، والإيمان بقوتها للتحول لأجل مستقبل مزدهر ضرورة ملحة. وتضع المملكة العربية السعودية تعزيز الثقافة ضمن أولوياتها الوطنية، وتحضر الثقافة والفنون كجزء أساسي في رؤية السعودية 2030، لبناء مستقبل يليق بمكانة المملكة وإرثها العريق ومقدراتها وطموح شعبها، ولتساهم أيضاً يساهم في إرساء الحوار والسلام. وتحفيز تبادل الأفكار والمعرفة الثقافية، الابتكار والإبداع، وتوليد حلولاً جديدة للتحديات العالمية؛ لذلك تنظر المملكة إلى الثقافة باعتبارها ضرورة وطنية ومنفعة عالمية.

في مجال التعاون السينمائي، قال الوزير إن المملكة تنظر إلى قطاع الأفلام كواحد من أهم القطاعات الثقافية التي تمد جسوراً للحوار والفنون بين الشعوب، هي بوابة مهمة لمعرفة الثقافات والقيم والعادات والتقاليد، لذلك وقعت هيئة الأفلام مذكرة تفاهم مع شركة بونا لبحث التعاون في مجال الاستثمار والتوزيع والتدريب، ونعمل مع الأصدقاء في الصين على تعزيز تعاوننا في قطاع الأفلام بمزيد من الشراكات الاستراتيجية. إن التعاون السعودي الصيني في قطاع الأفلام واعد، ويفتح مساحات شاسعة لتعرف الشعبين الصديقين على ثقافة بعضهما عبر بوابة الأفلام والسينما، وبالمناسبة، تعمل هيئة الأفلام مع الشركاء الصينيين لافتتاح مكتبها في الصين، ما سيمثل قفزة مهمة للدفع إلى شراكات أكبر خلال العام الثقافي السعودي الصيني.

أكد الوزير أن هناك آفاق رحبة وفرص مهمة يجب أن نغتنمها مع الأصدقاء لنتعرف على بعضنا أكثر، فعلى سبيل المثال يسهم قطاع فنون الطهي في فتح أبواب جديدة للجمهور على ثقافات أخرى، لذلك نحرص على إقامة فعاليات ومهرجانات لتعريف الجمهور السعودي على الثقافات الأخرى، وتعريف الآخرين على ثقافتنا السعودية وأطباقنا المتنوعة عبر المشاركات الدولية المتنوعة، الأمر يتكرر في قطاع الفنون البصرية، حيث تمثّل معارض الفنون التشكيلية والتصويرية نافذة مهمة للثقافة والتاريخ السعودي، وتقدم الأزياء التقليدية فرصة مهمة لتعزيز الوعي بالتراث المحلي المتنوع في المملكة، بالإضافة إلى قطاع الأدب والترجمة، الموسيقى والفنون الأدائية والفنون التقليدية، والأفلام والمسلسلات، والتعاون الأكاديمي والثقافي، التعليم والتبادل الأكاديمي، السياحة الثقافية، المعارض والمؤتمرات الثقافية، والتراث الثقافي وغيرها كل ذلك يخلق مساحات ملهمة للتعرّف على الثقافة السعودية.

كما يرى الوزير، أن الزيارات السياحية لكلا الشعبين تمثّل اليوم نافذة استراتيجية لتعزيز التبادل الثقافي بين المملكة وبين الصين. وتعد المملكة وجهة سياحية مهمة، حيث تزخر بالمعالم الثقافية العريقة والطبيعية الخلابة. قائلاً:" شخصياً، استمتع بمواقع سعودية مختلفة بها تنوع جيولوجي، وتضاريس فريدة تمتد على أكثر من 2.15 مليون متر مربع، وما زلت أكتشفها بشكلٍ دوريٍ، حيث تحتضن المملكة واحدة من أجمل التشكيلات الجيولوجية، كما أن تنوع تضاريسها بين الجبال الشاهقة والصحراء الذهبية وبين السواحل الفاتنة، وتنوعها الثقافي الكبير يعطيها قوة جذب لا تقاوم. كما أن المملكة غنية بالمواقع السياحية ذات البعد التاريخي والثقافي والفني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك موقع الحِجر، في مدينة العُلا التاريخية، وحي الطريف في الدرعية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في جبة والشويمس بمنطقة حائل، وواحة النخيل في الأحساء، ومنطقة حمى الثقافية في نجران، ومحمية عروق بني معارض في الربع الخالي، ومنطقة الفاو التاريخية في منطقة الرياض، وكل تلك المواقع مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. بالإضافة إلى مواقع أخرى رائعة تستحق أن يتعرف عليها العالم، وهي تمتلك عمقاً ثقافياً فريداً كقرية ذي عين التراثية في منطقة الباحة، وقرية رجال ألمع في منطقة عسير، ودرب زبيدة التاريخي، وجزيرة فرسان في جازان، وأرياف سلسلة جبال السروات، وسواحل المملكة الفاتنة على البحر الأحمر، والخليج العربي، وأيضاً الرمال الذهبية في صحاري الربع الخالي والدهناء."

ونوه الوزير إلى أن المملكة تجري بين الفينة والأخرى افتتاح وجهات سياحية رائعة، كوجهات البحر الأحمر، والتي تعد إحدى أكثر الوجهات السياحية المتجددة والعصرية والطموحة في العالم، بالإضافة إلى وجهات نيوم كجزيرة سندالة، وكذلك القدية في الرياض، وغيرها من الوجهات الطموحة. معربًا عن ترحيبه بالزوار من الصين في النسخة الخامسة لأكبر احتفالية للفنون الضوئية في العالم (نور الرياض)، والتي ستقام في نوفمبر القادم في العاصمة الرياض، ويشكل معرض الرياض الدولي للكتاب، والذي يعد أحد أهم بوابات النشر، فرصة رائعة للتعرف على ثقافتنا، بالإضافة إلى المعارض الثقافية والفنية، كبينالي الدرعية للفن المعاصر، ومعرض بين ثقافتين، والذي سيعكس جوانب ثقافية مميزة للثقافة السعودية والصينية، بالإضافة إلى المواسم السياحية المتنوعة، كما تستعد المملكة لاستضافة أعظم نسخة لإكسبو في 2030، وأهم حدث رياضي عالمي، كأس العالم 2034. كما أشار الى أن أعداد السياح القادمين إلى السعودية من الصين زاد بين عامي 2023 و2024 بما يعادل الضعفين، وبفضل نقاط الجذب الثقافي والسياحي، وحلت المملكة في المركز الأول بين دول مجموعة العشرين في نمو أعداد السياح الدوليين العام الماضي، حيث رحبت بأكثر من 116 مليون سائح محلي ودولي.

صور ساخنة