عمان 15 سبتمبر2013 (شينخوا) أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن الأردن والصين يرتبطان "بعلاقات راسخة وقوية"، معربا عن الحرص "على استمرار التنسيق والتشاور مع أصدقائنا في الصين حيال التحديات الإقليمية والدولية، وتعزيز وتوثيق شراكتنا الإستراتيجية، وتطوير علاقات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية والتنموية والتعليمية والثقافية".
وقال الملك عبد الله الثاني، في مقابلة مع وكالة الأنباء ((شينخوا))، إن مباحثاته مع المسؤولين الصينيين، خلال الزيارة التي بدأها اليوم (الأحد) إلى الصين، "ستتناول في المجال السياسي تداعيات الأزمة السورية وسبل حلّها، وملف السلام في الشرق الأوسط".
وأضاف العاهل الأردني أن "الأوضاع الخطيرة في سوريا فرضت للأسف واقعا صعبا علينا في الأردن، ونعمل بالتعاون والتنسيق مع المجتمع العربي والدولي لإيجاد حل سياسي يحافظ على وحدة واستقرار سوريا، ويضمن استمرارية أدوات البنية التحتية للدولة السورية في رعاية مواطنيها بما يحفز على العودة لحياتهم الطبيعية في بلدهم".
وذكر الملك عبد الله الثاني أن "استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين الأبرياء والأطفال، آلمنا جدا ولا بد من الوصول إلى توافق عربي ودولي لإيجاد حل يضع حدا لخطر الأسلحة الكيماوية وللاقتتال والعنف، ويطلق عملية سياسية تلبي طموحات السوريين"، مشيرا إلى أن "الأردن على أهبة الاستعداد للتعامل مع مختلف الظروف والتطورات الأمنية والإغاثية، ولن نسمح أبدا بأن يتعرض الأردن لأي شيء يهدد أمنه واستقراره".
ولفت العاهل الأردني إلى أن "مواجهة العنف والفوضى والتطرف في منطقة الشرق الأوسط، مرتبط بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وبغياب الحل والسلام، فإن المنطقة ستبقى تعاني، وستكون عرضة للعنف والفوضى، ما سيؤدي إلى مزيد من التطرف، ونشوب نزاعات تدفع ثمنها شعوب المنطقة وأجيال المستقبل".
وتابع الملك عبد الله الثاني قائلا "إن الهدف النهائي لعملية الإصلاح السياسي التي بدأناها وهو الوصول إلى حالة متقدمة من الحكومات البرلمانية، تتولى فيها الأحزاب البرامجية التي تتمتع بالأغلبية النيابية مهمة تشكيل الحكومات، في حين تمارس الأقلية النيابية دور حكومة الظل". مؤكدا أن الأردن "لا ينتهج سياسية الإقصاء تجاه أي تيار أو حركة سياسية وهو من دعاة نهج الانفتاح والحوار وإدماج الجميع في العمل السياسي".
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
سؤال1: جلالة الملك، تزورون الصين في ظل ظروف إقليمية معقّدة في الشرق الأوسط، وتلتقون أركان القيادة الصينية الجديدة، ماذا تحمل أجندة الزيارة؟
جلالة الملك: تربطنا بالصين علاقات راسخة وقوية، وتربطني شخصيا علاقات حميمة مع القيادات الصينية المختلفة؛ السابقة والحالية. ويهمنا البناء على هذه العلاقات مع القيادة الصينية الجديدة، فالصين تلعب دورا حيويا وهاما في تعزيز السلام والاستقرار العالميين، ولها دور مؤثر في قضايا المنطقة.
نحن حريصون على استمرار التنسيق والتشاور مع أصدقائنا في الصين حيال التحديات الإقليمية والدولية، وتعزيز وتوثيق شراكتنا الإستراتيجية، وتطوير علاقات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية والتنموية والتعليمية والثقافية والارتقاء بها، وهذا يعكس حرصنا على بناء شراكات دولية إستراتيجية متنوعة ومتوازنة.
وترجمة لذلك، فإن مباحثاتنا ستتناول في المجال السياسي تداعيات الأزمة السورية وسبل حلها، وملف السلام في الشرق الأوسط، الذي للصين اهتمام بالغ به ودور إيجابي. وفي المجال الاقتصادي، فإن الأردن حريص على جذب الاستثمارات والسياحة الصينية والاستفادة من الخبرات الصينية في المجال الصناعي والتكنولوجي والتخطيط التنموي للمحافظات، وسنعمل على فتح المزيد من الآفاق أمام القطاع الخاص في كلا البلدين لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري والسياحي، خاصة أن الأردن يتميز بقدرته على توفير بوابة تمكن المستثمر الصيني من الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك، مستفيدا من اتفاقيات التجارة الحرة التي يتمتع بها الأردن، كما توفر المملكة قاعدة لشركات للوصول إلى الفرص الاقتصادية المتاحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال مشاريع البنى التحتية وإعادة الإعمار وبناء القدرات.
سؤال2: محليا، جلالة الملك، يتابع العالم بحرص التطور في مسيرة الإصلاح السياسي في الأردن، خصوصا تجربة الحكومات البرلمانية، كيف تقيمون العملية الإصلاحية، وما هي رؤيتكم فيما يتصل بمستقبل دوركم كملك؟
جلالة الملك: النهج الإصلاحي الذي اختطه الأردن يقوم على مبدأ التطور المستمر عبر إرساء لبنات الإصلاح والتحول الديمقراطي الضرورية. الهدف النهائي واضح، وهو الوصول إلى حالة متقدمة من الحكومات البرلمانية، تتولى فيها الأحزاب البرامجية التي تتمتع بالأغلبية النيابية مهمة تشكيل الحكومات، في حين تمارس الأقلية النيابية دور حكومة الظل.
الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب التطوير المستمر للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وبشكل أساسي قانوني الانتخاب والأحزاب، بالإضافة إلى تجذير الثقافة الديمقراطية في المجتمع من خلال دعم الجهود الريادية الاجتماعية لبناء المواطنة الفاعلة التي تهدف إلى تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، والانتظام في الأحزاب، والتصويت على أسس برامجية.
كما أننا حريصون في الأردن على تجذير مبادئ التعددية، والفصل والتوازن بين السلطات، وبناء حالة من الإجماع تضمن لكل طيف سياسي فرصة عادلة للتنافس عبر صناديق الاقتراع. فنحن نؤمن بأن الديمقراطية أكبر من أن تُختزل في أرقام ونسب تستخدمها الأكثرية السياسية ضد الأقلية، فإحساس الجميع بأنهم ممثلون في العملية السياسية، وليس شعور فئة بالغلبة والهيمنة، هو جوهر الديمقراطية.
هذه هي الرؤية. وترجمة لها، عكفنا بعد أن جرت الانتخابات النيابية مطلع هذا العام بكل شفافية ونزاهة بشهادة مراقبين دوليين ومحليين، على التشاور مع جميع أعضاء مجلس النواب الجديد، من كتل ومستقلين بهدف اختيار رئيس الوزراء، وذلك تأسيسا لانطلاق تجربة الحكومات البرلمانية، ونجحنا في تأسيس نهج جديد في عملية تشكيل الحكومات، تعزيزا للركن النيابي في نظام الحكم.
أمامنا الكثير من العمل للبناء على ما أنجز، خصوصا الارتقاء بآليات عمل الكتل البرلمانية من خلال تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب وتقوية الأحزاب السياسية البرامجية. عملية الإصلاح الشامل مستمرة، وهناك إرادة ورغبة جماعية على المستويات كافة في إحداث التغيير نحو الأفضل، ومن خلال منظومة متكاملة ومؤسسية عملنا على تطويرها خلال السنتين الماضيتين، حيث بدأنا أولا بتعديل الدستور، لأنه الناظم لعمل السلطات والضامن لاستقرار الأردن أثناء عملية التغيير، وأنجزنا مؤسسات أساسية لتجذير الديمقراطية كالمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب، وسنستمر في تطوير القوانين السياسية مع كل دورة انتخابية، بما يتواءم مع التعديلات الدستورية.
أما بالنسبة لتطور دور الملكية، فقد سبق وأن أوضحت أنه سيتطور بالتوازي مع التطور السياسي الذي ننشده بصدق وبعمل جاد، بحيث تتجذر الملكية كضامن للتعددية والديمقراطية، وكحام للتوازن بين السلطات، وكميسر لتجاوز حالات الاستعصاء بين مجالس النواب والحكومات، وكمعزز لإرساء الثقافة الديمقراطية، في حين تضطلع الأحزاب البرامجية بدور يتطور باستمرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية وفق الدستور، ويتعزز دور مجلس الوزراء الذي يتولى إدارة جميع شؤون الدولة استنادا إلى الدستور.
سؤال3: هناك حالة من الاستقطاب إزاء كيفية التعاطي مع الإخوان المسلمين بعد انتكاسة تجربتهم في مصر، وتراجعها في دول الربيع العربي. فهناك من ينادي بإقصائهم، وهناك من ينبه إلى أهمية الانفتاح عليهم. ما هو موقف جلالة الملك من هذين الاتجاهين؟
جلالة الملك: انطلاقا من مسؤوليتي كضامن للدستور، فإنني أرفض احتكار أي طرف للحياة السياسية، كما أرفض إقصاء أي طرف عن الحياة السياسية. كان من الأفضل لهم لو شارك حزب جبهة العمل في العملية السياسية ممثلة بالانتخابات النيابية والبلدية ونال نصيبه من الحضور والتمثيل. وبالتالي، لما كان هناك مجال لمثل هذه الطروحات، لأنه كان سيغدو شريكا في العملية السياسية، وقادرا على أن يلعب دورا إيجابيا وبناء في مسيرة الإصلاح السياسي، بدل أن يكون مدار الحديث هو كيفية التعاطي معه. على أي حال، فإن حزب جبهة العمل (الذراع السياسي لجماعة الأخوان المسلمين ) يشكل جزءا من الطيف السياسي والنسيج الاجتماعي، والأردن لا ينتهج الإقصاء تجاه أي تيار أو حركة سياسية. نحن من دعاة نهج الانفتاح والحوار وإدماج الجميع في العمل السياسي، وشعبنا يطمح إلى أحزاب ذات برامج عمل سياسية اجتماعية اقتصادية حقيقية ومنتجة تقدم حلولا ملموسة للتحديات التي تواجهنا.
سؤال4: وكيف تنظرون جلالتكم إلى التطورات السياسية على الساحة المصرية، لاسيما أنكم أول زعيم عربي قام بزيارة مصر بعد التطورات الأخيرة هناك؟
جلالة الملك: مصر دولة هامة وأساسية في منطقتنا والعالم. وعلاقتنا مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية علاقات متينة وراسخة، ولها جذورها القومية الثابتة. لقد دعمنا وندعم خيارات الشعب المصري الشقيق، الذي أثبت للعالم أجمع أنه بحجم المسؤولية وقادر على مواجهة التحديات وتجاوزها. لكن هناك من يعطل محاولات الشعب المصري للنهوض ببلده وبناء مستقبله ومجتمعه الديمقراطي، ويعبث بأمن مصر واستقرارها ويحرض على العنف والفوضى.
زيارة الشقيقة مصر كان هدفها الرئيس بعث رسالة دعم لمصر وشعبها خلال هذه الفترة الصعبة التي تمر بها، وستتجاوزها بإذن الله. ونحن ندعم كل الجهود الهادفة إلى استعادة مصر لدورها الحيوي والمحوري والتاريخي في المنطقة والعالم، خاصة خارطة الطريق الإصلاحية في مصر، وإعطاء الجميع فرصة المشاركة. كما جاءت الزيارة أيضا لبلورة مواقف عربية منسجمة إزاء القضايا الإقليمية وفي مقدمتها عملية السلام.
سؤال5: الشأن السوري يتصدر المشهد الإقليمي، والأردن سيتأثر بتداعيات الأزمة السورية، ما هو موقف الأردن حيال ذلك؟
جلالة الملك: طالما حذرنا من خطورة استمرار العنف في الشقيقة سوريا، والأردن يراقب التطورات وما ستؤول إليه الأمور بحذر شديد، وسنتصرف بما يضمن حماية مصالحنا الوطنية وأمن واستقرار وطننا وشعبنا، وسنعمل مع المجتمعين العربي والدولي لوقف نزيف الشعب السوري، وإنهاء معاناته التي تتفاقم يوما بعد يوم.
سنبقى نعمل من أجل الوصول إلى توافق عربي ودولي لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، فنحن نؤمن بأن التوافق على حل سياسي شامل ينبذ الفرقة الطائفية ويحافظ على وحدة الأرض السورية وكرامة شعبها هو السبيل لحل الأزمة.
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn