تعليق: حكمة القدماء ومفهوم دبلوماسية الصين الجديدة

يقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه الأيام بأول زيارة إلى أوروبا تشمل هولندا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا. وقبيل وصوله إلى فرنسا في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية مقالة بقلم الرئيس الصيني شي جين بينغ تحدث عن أن "توافر حسن النية يزيد من التقارب بين الأصدقاء" و"التقدير المتبادل بين حضارتين عريقتين يقرب المسافات بين الشعوب".

تعتبر الحضارتان الصينية والأوروبية من أروع الحضارات التي عرفتها البشرية، وتاريخهما نابض بالحكمة والفلسفة،ولا يزال تراثهما قادرا على تعميق العلاقات الإنسانية. وقد ظهر في الحضارة الآسيوية والأوروبية أربع حكماء أثروا علي الفكر البشري، سقراط، كونفوشيوس، مؤسس البوذية ساكياموني، ويسوع. وتحدث الحكماء الأربعة الكثير من الفلسفة والحكمة تناقلت عبر الأجيال. وتكمن الحكمة في الجمل الأربعة الربط بين الصين والغرب، وبين القديم والحديث.

قال كونفوشيوس في الشرق:" لا تفرض على غيرك ما لا تريد غيرك يفرضه عليك"،" إذا أردت أن تنجح فسمح للآخرين أن ينجحوا أيضا."

وقال اليسوع في الغرب :" بغض النظر عن أي أمر، تعامل معهم كما تحب أن يتعاملوا معك"

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية القوى العظمى الوحيدة في العالم اليوم، وتحافظ أوروبا على دول قوية أيضا. والصين أصبحت قوة كبيرة في صفوف الدول النامية بعد التطور السريع الذي حققته. ولا يتم كسر لعنة الصراع التاريخية بين الدول الكبيرة الناشئة والدول المتقدمة القائمة إلا بإنهاء الصراع، لا مواجهة، الاحترام المتبادل، التعاون والفوز المشترك. كما اشار اليسوع وكونفوشيوس إلى ذلك أيضا في :" جميعنا نريد أن نقف، فلنسمح للآخرين الوقوف أيضا، واسمح للآخرين بالنجاح إذا أردت أن تنجح."

وقال ساكياموني في الشرق:" ينبغي معاملة الجميع على قدم المساواة، بغض النظر على ثرواتهم أو مركزهم الاجتماعي".

قال سقراط في الغرب:" يتعين عليك أن تساهم بالحب الصادق".

التنمية السلمية هي مهمة العالم الجوهرية، والتعاون المربح هو منفعة للعالم.وأشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن التنمية السليمة تعكس احد مفاهيم الشيوعية،وفكرة البلد الاشتراكي. وانقسام العالم الآن إلى قسم يعيش الناس فيه السعادة والرفاهية، والقسم الآخر الفقر والتعاسة، علامة ليست جيدة. إن السعادة الحقيقة هو أن نفرح ونسعد معا. ونأمل تسريع التنمية المشتركة في العالم، ولا سيما في البلدان النامية. و" التعاون المربح"، هو أن نلتزم بمبادئ المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وليس مبدأ فوز احد مقابل خسارة الآخر، وإنما تحقيق الفوز المشترك. وأم يكون للجميع الالتزام بمساعدة الدول الفقيرة وتقديم يد العون لها، وأن نضحي إذا تطلب الأمر من اجل كسب التنمية السليمة. وبقول آخر، ينبغي ألا نهتم بالمصالح فقط. وتحقيقا لهذه الغاية، تشدد الصين على الدول المجاورة "الحميمية، الصداقة ، المنفعة، الصبر"، و" الحقيقة ، الصدق، الحميمية، الإخلاص" للبلدان الأفريقية وحتى بعض البلدان الصغيرة في أمريكا اللاتينية. وبالنسبة لأمريكا والدول الأوروبية المتقدمة، بطبيعة الحال نأمل أيضا في أن نتجنب المواجهة، والبحث عن التعاون.

وهذه الأفكار، تجسد في الممارسة الدبلوماسية للرئيس الصيني شي جين بينغ. وبالنظر إلى تعليقات مستخدمي الانترنيت لزيارة شي جين بيغ لأوروبا:" الودي والمخلص، الثقة، ومهما كانت الصورة الشخصية للقادة، أو صورة الصين ، كلها تجعل الأذن تسمع بالمشروع الجديد. وتسليط الضوء على النمط الصيني في اللباس والحلي بريق سحره يشع من الشرق. وإن دبلوماسية القوى الكبرى لا تخلو من بريق "دبلوماسية السيدة الأولى"، " واسعة الأفق، الودية، الأناقة" وهذا مزاج بان لي يوان، ولكن مزاج الصين أيضا.

قال الحكماء الأربعة من كلمات قليلة فيها الكثير من الحكم والفائدة، ليس للصين وأوروبا فقط، وإنما للعالم اجمع. على سبيل المثال، قال سقراط:" إذا كنت تريد أن تحكم العالم اجمع ، يجب أن تكون قادرا على من حولك أولا". وهذه الجملة مناسبة لليابان في الوقت الحاضر. وننصح اليابان إعادة النظر وأخذ العبرة من توبة ألمانيا المخلصة بعد الحرب العالمية الثانية. وإن الذي لم يستطع السيطرة على الأقوال والأفعال، ويتجه نحو عدم الاستقرار، فكيف يحقق حكمة " اسمح للآخرين بالوقوف إذا أردتا أن تقف، واسمح للآخرين بالنجاح إذا أردتا أن تنجح"؟

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/