دمشق 25 نوفمبر 2012/ أعرب مواطنون سوريون على اختلاف مشاربهم الاجتماعية والثقافية عن قلقهم من استمرار العمليات العسكرية، مشيرين إلى أن التذمر بدأ شيئا فشيئا يتسلل إلى نفوس غالبيتهم ، خاصة التي تجري في بعض المناطق الساخنة، والمناطق الآمنة المجاورة لها، جراء تواصل العمليات العسكرية الذي يقوم بها الجيش السوري النظامي ضد من يسميهم بالمجموعات الارهابية المسلحة.
وأكدوا أن هذا الشعور نابع من عدم تمكن الجيش النظامي من تحقيق نتائج ملموسة على أرض الميدان، واستمرار الاشتباكات العنيفة بينهما، وحدوث فوضى وتفجيرات بسيارات مفخخة بين الحين والآخر في صميم العاصمة السورية دمشق وبعض المحافظات الأخرى، موقعة قتلى وجرحى.
في غضون ذلك، ما تزال الحكومة السورية تصر على مضيها قدما في حسم معركة الارهاب واستئصال وجود المجموعات الإرهابية المسلحة، وانها ستخرج منتصرة وأقوى من هذه المعركة، بالتوازي مع انجاح عملية الحوار بين فصائل وقوى المعارضة الوطنية.
غير ان المعارضة السورية في الخارج والداخل، تصران على رفضهما للحوار مع النظام الحالي وتطالبه بالتنحي، ما يجعل هذا الأمر صعبا، ويطيل أمد الأزمة لأشهر أخرى، حسب رأي عدد من المحللين والمواطنين السوريين.
وقال وزير الداخلية السوري محمد الشعار أمس السبت إن "الحرب التي تتعرض لها سوريا ترمي إلى النيل من سمعتها ومواقفها الوطنية ومواقفها الداعمة للمقاومة"، مشيرا إلى أن "سوريا ستخرج من الأزمة منتصرة وأشد وأصلب عودا بفضل إرادة شعبنا الموحد".
وتتهم السلطات السورية عدة دول على رأسها السعودية وقطر وتركيا بدعم العصابات الإرهابية في البلاد ماديا وسياسيا، بهدف زعزعة الاستقرار والنيل من مواقفها الممانعة، في حين تتهم المعارضة النظام السوري بتلقيه دعما بالمال والسلاح من دول كروسيا وإيران.
وقال رجاء الناصر أمين سر هيئة التنسيق الوطنية المعارضة إن " جيش النظام السوري غير قادر على حسم المعركة والإمساك بزمام الأمور على الأرض لصالحه، وكذلك المعارضة المسلحة، لا يمكنها ان تطبق شعارها الرامي إلى اسقاط النظام في البلاد "، مشيرا إلى أن كل ذلك سيجعل أمد الأزمة يطول أكثر فأكثر، وبالتالي هذا يصب في مصلحة النظام ، لممارسة المزيد من أعمال القتل والتدمير في كثير من المحافظات السورية بحجة ملاحقته للمجموعات الارهابية المسلحة.
وقال الناصر، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الأحد)، إن التذمر الذي بدأ يتسلل إلى نفوس السوريين عموما، وخاصة الموالين منهم، نابع من عدم قدرة الجيش السوري النظامي من حسم المعركة على الأرض ميدانيا، وبسبب إعلانه المتكرر عن تطهير مناطق بعينيها، وبعد مدة من الزمن يعود ليقل انه طهرها مرة ثانية وثالثة كما حصل في منطقة التضامن بدمشق على سبيل المثال، وغيرها من المناطق الأخرى، وهذا كله يفقد الجيش مصداقيته فيما يقوله لدى المواطنين السوريين ".
وأشار الناصر إلى أن الأعمال العسكرية المتواصلة التي يقوم بها النظام في سوريا، هي التي تفسح المجال أمام الدول الأجنبية بالتدخل في الشأن السوري، لافتا إلى أن استخدامه للخيار الأمني والعسكري منذ اللحظات الأولى في قمع الاحتجاجات سببت له انتقادات كبيرة من حلفائه قبل معارضه.
من جانبه، قال المواطن حاتم السلام (32 عاما) لقد " مللنا من سماع الأخبار التي تتحدث عن تطهير مناطق كبيرة ومهمة في عموم المناطق السورية، من يد المسلحين، وبنفس الوقت نسمع في الطرف الاخر ان حوالي 60 بالمائة من الاراضي السورية تحت سيطرة الجيش الحر "، متسائلا من نصدق ؟.
وأضاف الشاب حاتم وهو يعمل سائق تاكسي بدمشق، ل((شينخوا))، " قبل أيام دار حديث ساخن بين مجموعة من الشباب، مفاده ان حالة من اليأس بدأت تسري في نفوسنا من عدم قدرة الجيش على حماية الطرقات المهمة في دمشق وريفها ".
وأشار إلى أن هذا الأمر انعكس سلبا على عملنا، وجعلنا نخسر زبائن كانوا يتنقلون من دمشق إلى ريفها، وبسبب كثرة الحواجز التابعة للجيش النظامي، لم يعد بإمكان المواطنين النزول إلى المدينة خوفا من العمليات العسكرية ، وكثرة الحواجز والازدحام الذي يسببه، اضافة إلى وقوع حالات كثيرة من سرقة سيارات أجرة لكثير من السوريين.
وبين السائق حاتم " نريد لأحد طرفي النزاع ان يحسم الامر لصالحه، لان الوضع اصبح مقلقا للغاية، واوضاع البلاد تزداد سواء.
بدورها، اعتبرت الطالبة انتصار المقت (23 عاما) في كلية الاعلام جامعة دمشق " لقد خسرت فصلا دراسيا بسبب استمرار العمليات العسكرية، وتواصل اعمال العنف في مختلف المناطق بسوريا، مشيرة إلى أن الازمة تحتاج إلى حل في القريب العاجل، محذرة من مغبة السقوط في حرب أهلية حال استمر الوضع على ما هو عليه لشهور أخرى ".
وقالت إن " التأخر في الحسم العسكري ، يستنزف قدرات الدولة، ويوسع من دائرة العنف، وبالتالي اتساع رقعة الفقر، والبطالة " ، مشيرة إلى أن هذه الاشياء لا تصب في مصلحة الدولة ، بل يزيد من نقمة الناس عليها ، وخاصة الموالين للنظام ، فهم يريدون ان تبقى ، ولكن المؤشرات على الارض لا توحي بذلك ، مما يجعل الناس تشعر بالتذمر من التأخير في الحسم العسكري ".
وكانت مئات الرسائل التي ترد عبر اجهزة الموبايل الى شاشات المحطات التليفزيونية الخاصة ، كـ تلفزيون " الدنيا " ، " الاخبارية " واذاعة " شام اف ام " المقربين من النظام في سوريا تطالبه بضرورة الحسم العسكري ، والضرب بيد من حديد ضد المعارضة المسلحة التي تستنجد بالخارج ، وتروع المواطنين الآمنين.
واوضحت الشابه انتصار ان اهلها " ضغوطوا عليها بعدم الذهاب الى الجامعة لكونها تسكن في الريف الجنوبي من ريف دمشق ، خوفا من تعرضها لاي حادث ، وكثرة حالات الاختطاف بين صفوف الطلاب بسبب موافقهم المؤيدة للنظام من قبل المعارضة المسلحة " .
وأعربت كثير من الفعاليات الاقتصادية والتجارية في سوريا ل ((شينخوا)) عن تذمرها من استمرار حالة الكر والفر في العمليات العسكرية التي تجري في عدد من المحافظات السورية، بين الجيشين السوري والحر، مؤكدين ان الاوضاع تنعكس سلبا عليهم وعلى اعمالهم وتجارتهم، وتحركاتهم ، مطالبين بضرورة التخلي عن الاعمال العسكرية العنيفة ، واللجوء الى الخيار السلمي والحل السياسي ، والانصات لصوت العقل والحكمة.
ابو محمد الدوماني صاحب مؤسسة تأجير بيوت في دمشق وريفها أكد أن الوضع القائم تسبب له بكثير من الخسائر، مشيرا إلى ان وجود بيوت كثيرة فارغة في دمشق وريفها ولكن حركة ايجار غير متوفرة بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية، وهجرة الناس الى دول عربية واجنبية هربا من تواصل اعمال العنف ، وعدم حسم المعركة لصالح أي من طرفي النزاع .
وقال الدوماني " نريد حالا اليوم قبل غد، ونطالب الجميع بعدم استخدام العنف، والجلوس لطاولة الحوار ، وكفى قتلا وتدميرا للبلد "، محذرا من مغبة استمرار العمليات العسكرية لأشهر أخرى، لان ذلك سيفاقم من الازمة ، وسيزيدها تعقيدا.
وميدانيا لا تزال الاعمال العسكرية مستمرة في ريف دمشق وخاصة في الاحياء الجنوبية والشرقية منها، اضافة إلى المحافظات السورية، كحلب (شمالا) ، ودير الزور (شرقا) ، وحمص (وسط) ، وادلب (شمال غرب)، وريف اللاذقية الساحلية، ودرعا (جنوبا) وسط أنباء عن سيطرة الجيش الحر على مطارات عسكرية تابعة لجيش النظام، واسقاطه طائرات له، في الوقت الذي تنفي دمشق كل ذلك، وتؤكد ان هذه الاشاعات تهدف إلى رفع الحالة المعنوية للجيش الحر.
وتشهد مدن سورية منذ 21 شهرا احتجاجات مناهضة للسلطة، ما لبثت ان تطورت الأمور إلى مواجهات عسكرية حادة بين الجيش ومعارضين مسلحين، أسفرت عن سقوط الاف الضحايا، ونزوح مئات الآلاف داخل وخارج سوريا.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn