رام الله 27 نوفمبر 2012 / جدد الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين السابق اليوم (الثلاثاء) رفضه لفكرة نبش قبر الزعيم التاريخي للفلسطينيين ياسر عرفات، معتبرا انها "مساس وإيذاء لجثته".
وقال التميمي، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن نبش قبر عرفات واستخراج رفاته بعد ثمانية أعوام على وفاته "مساس وإيذاء لجثته بشكل يعادل إيذائه وهو حي".
ويعتبر الشيخ التميمي هو الفلسطيني الوحيد الذي تولى تكفين وتغسيل جثة عرفات بعد وفاته، كما انه هو أخر من دخلت يده إلى قبره حيث سجى جثمانه وفقا للشريعة الاسلامية.
ويعتقد التميمي أنه " لن يكون بالإمكان حل لغز وفاة عرفات بأخذ عينات من جثمانه بسبب إمكانية فقدان آثار السم المزعوم من رفاته، بعد ثمانية اعوام، مشيرا الى ان الجميع يعرف إن من حرض على قتله معروف وهي إسرائيل، وأن المطلوب هو محاكمتها وليس " الإساءة " للجثمان.
وتوفي عرفات في ظروف غامضة بينما كان يتلقى العلاج في مستشفي (بيرسي) العسكري ببارس في 11 نوفمبر 2004.
وقال التميمي إن عرفات أوصاه قبل وفاته بأن يتم نقل رفاته مستقبلا ليدفن في القدس.
ويراد من استخراج رفات عرفات الذي جرى اليوم (الثلاثاء) أخذ عينات لاستخدامها في فحوصات مخبرية لدى خبراء من فرنسا وسويسرا وروسيا للوصول إلى حل للغز الكبير الذي شكل رحيله واصبح محيرا للفلسطينيين "هل قتل عرفات وكيف تم ذلك ؟" دون أن تجد دليلا دامغا.
وسيتم التركيز خصوصا خلال الفحوصات بشأن احتمال تعرض عرفات للتسمم عبر مادة البولونيوم وهي مادة إشعاعية سامة للغاية كشفت فحوصات أجراها خبراء سويسريين في يوليو الماضي العثور على كميات كبيرة منها في مقتنيات شخصية للرئيس الفلسطيني الراحل.
ويقول التميمي الذي رافق أيضا عرفات في لحظاته الأخيرة في مستشفي (بيرسي) الفرنسي، إنه يعتقد جازما بأن عرفات توفى بالسم بمؤامرة اغتيال من تدبير إسرائيل وأن الشواهد على ذلك كانت واضحة عند الوفاة.
ويتذكر التميمي جيدا كيف استمر نزيف الدم من جسد عرفات بعد ساعات من إعلان وفاته، خاصة منطقة الرأس والوجه، مع وجود بقع حمراء وزرقاء في اليدين والساقين والفخذين.
وكان التميمي يعد من اكثر المقربين لعرفات، ولازمه خلال تعرضه لحصار إسرائيلي مشدد في مقر (المقاطعة) في رام الله في العام 2001.
وروى التميمي أن أعراض المرض بدأت تظهر على عرفات قبل ثلاثة شهور من وفاته "حيث كان يعاني من حالة ضعف وهزال شديدة يرافقها تقيؤ وإسهال واضطرابات عضلية في جسده".
وذكر التميمي أن عرفات كان يقاوم في بداية مرضه ويصر على أنه بخير ولا يعاني سوى من الانفلونزا، غير أن صحته استمرت في التدهور بشكل متصاعد، حتى بدأ بتقيؤ أي طعام يتناوله ما أوصله إلى ضعف عام في جسده وهزال شديد.
وبينما كان عرفات يصر على استقبال زواره وهو يجلس على كرسيه بشكل طبيعي حتى ساعات الليل المتأخر، لاحظ التميمي أن التدهور في صحته استمر بشكل خطير ما استدعى استقدام وفدين طبيين من تونس ومصر.
وأشار إلى أنه نصحه مع عدد من المسئولين الفلسطينيين في بداية شهر أكتوبر بضرورة السفر إلى الخارج لتلقي العلاج لكن عرفات رفض ذلك بشدة، وكان يردد " يريدون إخراجي حتى يتخلصوا مني .. أريد أن أموت في فلسطين وأدفن فيها".
وذكر التميمي أنه كان ألح على عرفات قبل يوم من سفره إلى باريس لتلقي العلاج، بضرورة الإفطار خلال ما تبقي من أيام شهر رمضان، غير أنه كان يرفض ويصر على أنه بخير وقادر على الصيام.
وتعرض عرفات لحصار إسرائيلي مشدد في ديسمبر 2001 بعد عام من فشل أبرز جولة مفاوضات مع إسرائيل في كامب ديفيد برعاية أمريكية للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي في حينه.
وفي أكتوبر عام 2004 تدهورت الحالة الصحية لعرفات، ونقل أثر ذلك إلى الأردن، ومن ثم إلى مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا يوم 29 من الشهر ذاته، وذلك بعد تلقي تأكيدات أمريكية وإسرائيلية بضمان حرية عودته للوطن.
وبعد نقله عبر الجو إلى المستشفي للعلاج، انقطع التميمي عن رؤية عرفات، حتى قرر في التاسع من نوفمبر السفر إلى باريس من أجل المكوث بجانبه، خاصة بعد تواتر الأنباء عن تدهور حاد في صحته.
وكشف التميمي أن إدارة المستشفي الفرنسي رفضت في بادئ الأمر السماح له بدخول غرفة عرفات باعتبار أنه رجل دين وسيمارس طقوسا دينية، غير أنه الح عليهم وأصر على زيارته حيث كان يغص في غيبوبة شديدة.
وعن لحظة دخوله غرفة عرفات قبل 24 ساعة من وفاته، قال التميمي " مشهد الرئيس الراحل كان مفزعا، رأسه متضخم بشدة والدم ينزف وبدا تنفسه صعبا حتى أن أغمضت عيناي فزعا ".
وبينما أخذ التميمي يقرأ آيات من القرآن الكريم على رأس عرفات لعدة ساعات، لاحظ أنه حرك كتفه ثلاث مرات بشكل لا إرادي، لكنه لم يكن يعي شيئا عن العالم الخارجي حوله بفعل الغيبوبة التي أصابته.
ومع ساعات فجر يوم 11 نوفمبر أعلن عن وفاة عرفات عن (75 عاما) حيث تولى التميمي تغسيل جسده بعد ساعات من مفارقته الحياة.
وقال التميمي إنه صدم باستمرار النزيف من رأس عرفات حينما بدأ يغسل جسده طبقا لأعراف الشريعة الإسلامية.
وأضاف " كان هناك بقع حمراء وزرقاء في جسده واستمر النزيف في وضع غريب رغم وفاته، لذلك طلبت لاصق طبي من أجل وضعها على موطن الدم".
وقال أيضا إنه سأل أحد الأطباء عن سبب النزيف بعد الوفاة، فأوضح أن السبب قد يرجع إلى بعض السموم التي تذهب خاصية التجلط في الدم، وتسبب التميع الذي يؤدي لخروج الدم بغزارة كالعرق من الجلد.
وصنع قبر عرفات بمواصفات تسهل نقله إلى القدس مستقبلا من خلال وضعه داخل صندوق من الأسمنت المسلح يرتكز على قضيبين حديدين كقضبان سكة حديد.
ولم يتمكن التميمي من دفن عرفات وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية إلا عند انتصاف ليلة يوم نقل جثمانه إلى رام الله "حيث صلينا عليه ووضعناه على جهة اليمين ونشرت عليه تراب كنت أمرت بإحضاره خصيصا من المسجد الأقصى".
ويقول وهو يستذكر أخر نظراته لعرفات قبل إغلاق القبر على جثمانه " لاحظت حينها أن وجهه قد عاد إليه صفائه بعد أن كان محتقن وشديد الصفرة وقت تغسيله، كما أن التورم في رأسه اختفي".
حينها لم يطلب التميمي تشريح جثة عرفات رغم إنه قال إنه مقتنع تماما أنه قضى مسموما "لأن الأمر كان بحاجة إلى قرار سياسي وهو ما توفر اليوم بعد تأخير طويل بشكل لا أعتقد أنه سيجدي نفعا".
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn