رام الله 29 نوفمبر 2012/ بات من المؤكد تقريبا أن تنجح المساعي الفلسطينية بالحصول على تأييد أغلبية 140 دولة من أصوات دول أعضاء الجمعية العامة البالغ عددها 193 دولة اليوم (الخميس)، مما سيكفل لهم الانتقال من صفة كيان مراقب إلى دولة غير عضو.
وعلى الرغم من قوة هذه الخطوة الفلسطينية دبلوماسيا إلا أنها لن تحمل تغيرا فوريا على أرض الواقع، إذ لن ترحل قوات إسرائيل المرابطة في الضفة الغربية، وستستمر المستوطنات على حالها.
وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن هذه الخطوة سترفع من وضع فلسطين في المنابر الدولية ويؤهلها لمواجهة ممارسات إسرائيل غير القانونية بشكل افضل، وتعزيز الحقوق الفلسطينية وتحقيق اهدافها وابقاء قضية فلسطين حاضرة وحية على الأجندة الدولية بما يساعد في ترسيخ الاجماع الدولي المتزايد حول حل الدولتين.
ويرى جورج جقمان رئيس مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله بالضفة الغربية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن اهم ما ستحققه الخطوة الفلسطينية تحريك المياه الراكدة في العملية السياسية والتي شابت القضية الفلسطينية بسبب ثورات "الربيع العربي"، فضلا عن تعزيز القدرة الفلسطينية على المناورة في مواجهة التعنت الاسرائيلي، وتنكرها للحقوق الفلسطينية سيما تعريف الأراضي المحتلة في حدود عام 1967 ورفض أي تغييرات أدخلتها إسرائيل عليها.
ويتوقع جقمان ، أن يدفع النجاح الفلسطيني في إطار الأمم المتحدة، الإدارة الأمريكية إلى التنبه بدرجة أكبر لإنهاء الفراغ السياسي على صعيد القضية الفلسطينية والتحرك بجدية أكبر لإحياء عملية السلام المتعثرة، لكن بشروط مختلفة هذه المرة.
وأضاف جقمان انه " في اليوم التالي لقبول رفع وضع فلسطين في الأمم المتحدة سيتم النظر لاسرائيل على انها دولة تحتل دولة اخرى عضو في الأمم المتحدة مما سيخلق ديناميكية وخطابا مختلفين بين اسرائيل وباقي الدول الأعضاء .
كما انه يحمل اسرائيل مسؤولياتها وواجباتها كقوة احتلال باستخدام ادوات وآليات دولية قانونية جديدة تصبح متوفرة امام فلسطين وأبعاد قانونية وإلى جانب الاعتبارات السياسية العديدة للمبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة، فإن ثمة خطوات متقدمة ستتاح أمام الفلسطينيين على الصعيد القانوني.
ويقول أستاذ القانون الدولي في رام الله معتز قفيشة ، إن ترقية المكانة الفلسطينية سيتيح للسلطة الفلسطينية بان تكون شريكا في كافة الاتفاقات الدولية على خلاف الوضعية الحالية ، خاصة ما يتعلق بالانضمام لمحكمة الجنائية الدولية في "لاهاي ".
وأشار قفيشة، إلى أن مثل هذه الخطوة ستمكن الفلسطينيين من مقاضاة إسرائيل على "جرائم الحرب" المرتكبة بحقهم ومساءلتها دوليا في قضايا أخرى كثيرة بينها مصادرة الأراضي والمياه وأشكال السيادة على الأراضي الفلسطينية.
وأضاف قفيشة أنه سيكون بإمكان الفلسطينيين الانضمام لاتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب، بما يفرض على إسرائيل معاملة المعتقلين الفلسطينيين لديها كأسرى حرب وليس بصفة "سجناء أمنين "كما يجرى حاليا تاثير الخطوة على العلاقة مع اسرائيل.
ويعتقد مراقبون أن الخيارات بالنسبة للفلسطينيين ستكون محدودة وصعبة بدون موافقة اسرائيل ولذلك من المقرر أن يدعو الرئيس عباس في خطابه في الامم المتحدة الى استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المتعثرة للوصول الى "تسوية سلمية" في اليوم التالي لترقية مكانة فلسطين في الأمم المتحدة.
وعارضت إسرائيل بشدة الخطوة الفلسطينية واعتبرتها تناقضا مع اتفاقات السلام الموقعة بين الجانبين وتهربا من إجراء مفاوضات مباشرة للتوصل إلى حل ثنائي.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن رفع التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة " لن يغير شيئا على أرض الواقع ولن يدعم قيام دولة فلسطينية ، بل سيبعد مثل هذا الاحتمال ".
وأكد نتنياهو، وفق ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن يد إسرائيل ممدودة دائما للسلام، ولكنه "لا يمكن إقامة دولة فلسطينية دون الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي والإعلان عن إنهاء النزاع والاتفاق على ترتيبات أمنية ".
وهددت إسرائيل على مدار الشهرين الأخيرين ، بفرض عقوبات شديدة على السلطة الفلسطينية وصلت حد إمكانية إلغاء اتفاق (أوسلو) الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. ومن بين الخطوات الاخرى التي قد تسعى اسرائيل لاتخاذها بحسب مراقبين حجز العائدات المالية للضرائب وتقييد حركة المسئولين الفلسطينيين ، واستفزاز واحداث تدهور في الوضع الأمني على الأرض، عبر توسيع المستوطنات وزيادة وتيرة البناء خاصة في القدس الشرقية المحتلة، والإعلان عن ضم بعض الكتل الاستيطانية.
لكن اكثر ما يخشاه الفلسطينيون هو رد الفعل الامريكي ازاء هذه الخطوة في الامم المتحدة ، حيث تتبنى واشنطن نفس وجهة نظر اسرائيل بمعارضة هذه الخطوة على أساس أنها محاولة للالتفاف حول عملية السلام.
وتقول ان المحادثات الثنائية هي السبيل الوحيد لإحراز تقدم.
ومن بين الخطوات التي قد تتخذها الولايات المتحدة، تجميد التمويل للسلطة الفلسطينية، او اغلاق مكتب بعثة المنظمة في واشنطن ، وفرض ضغوط على دول لثنيها عن تقديم الدعم والمساعدة للفلسطينيين، واعطاء الغطاء السياسي لكل ما ستتخذه اسرائيل من إجراءات ضد فلسطين.
لكن المندوب الفلسطيني السابق لدى جامعة الدول العربية والسفير الفلسطيني السابق في مصر نبيل عمرو لـ((شينخوا))، قلل من شأن رد الفعل الاسرائيلي والأمريكي ضد الفلسطينيين.
وأضاف أن الدعم الدولي الكبير لطلب العضوية الفلسطيني خاصة على الصعيد الأوروبي من شأنه أن يثني إسرائيل والولايات المتحدة عن أي انتقام شديد من السلطة الفلسطينية.
ويرى عمرو، أن المبادرة الفلسطينية مثلت تذكيرا جديا لإسرائيل بأنها لا يمكن أن تستمر بعزل القضية الفلسطينية إلى ما لا نهاية وأن المطلوب هو مبادرة سياسية تفض الاشتباك الدبلوماسي وتجنب المنطقة المزيد من جولات العنف.
ويرجح عمرو، أن تحفز التطورات المقبلة المناخ الدولي باتجاه تكثيف المساعي السياسية خصوصا مع انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في يناير المقبل "حيث القناعة ستزداد للجميع بأنه بالإمكان الوصول لتسوية دون الوصول إلى الخطر".ويقول عمرو ان من المهم التحضير والاستعداد لردود الفعل الإسرائيلية والامريكية في اليوم الذي يلي رفع صفة تمثيل فلسطين في الامم المتحدة وذلك لتجنب نشوء حالة من الفوضى الداخلية.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn