رام الله 30 نوفمبر 2012 / حظيت خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحصول فلسطين على صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة ليلة الخميس/الجمعة، بارتياح ودعم فلسطيني واسع لاسيما وأنها جاءت في ظل معارضة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
ويرى مراقبون فلسطينيون ، أن الخطوة التي أقدم عليها عباس جاءت بمثابة رافعة له في ظل الانتكاسات التي مر بها الشعب الفلسطيني في عهده لاسيما الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية ، واستمرار الاستيطان الإسرائيلي ، وحصول الانقسام الداخلي في أعقاب سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة بالقوة منتصف يونيو عام 2007.
وعلى الرغم من استمرار الانقسام الفلسطيني والتأييد الشعبي الذي حققته حماس أخيرا برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة في أعقاب عملية (عمود السماء) على غزة،إلا أن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل أعلن عن تأييده لخطوة عباس في الأمم المتحدة ليذهب إلى المنظمة الدولية ممثلا عن الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه.
وجاء تأييد مشعل لعباس بعد أيام قليلة من إعلان وقف إطلاق النار بوساطة وضمانة مصرية بين الفصائل الفلسطينية في غزة وعلى رأسها حماس وإسرائيل لينهي ثمانية أيام من العنف بدأت في 14 نوفمبر الجاري بين الجانبين أسفرت عن مقتل 177 فلسطينيا وستة إسرائيليين.
انجازات كبيرة
يعتبر مراقبون فلسطينيون أن خطوة عباس في الأمم المتحدة ستحقق للشعب الفلسطيني "انجازات كبيرة" من شأنها إعلاء شأنه على المستوى الفلسطيني.
وأيدت 138 دولة خلال تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على طلب ترقية مكانة فلسطين إلى صفة "مراقب غير عضو" مقابل 9 دول ضد فيما امتنعت 41 دولة عن التصويت.
ويقول المحلل السياسي من غزة هاني حبيب، إن خطوة عباس ستحقق الكثير من الانجازات للقضية الفلسطينية باعتبار أن الدولة الفلسطينية ستعيد قواها بدءا من اعتراف المنظمة الدولية بها، وباعتبار أنها محتلة من دولة أخرى مما يفرض مسؤولية كبرى على المجتمع الدولي والمنظمة الدولية من أجل العمل لدعم الشعب الفلسطيني في سبيل تحقيق هذه الدولة.
ويرى حبيب، أن خطوة عباس تصب في دعمه في مواجهة التشكيك الإسرائيلي حول أنه لم يعد شريكا وبالتالي فإنه بات شريكا من ناحيتين الأولى أن هناك وحدة وطنية من وراء الخطوة التي اتخذها، والثانية من خلال المجتمع الدولي الذي بات يعترف بهذه الدولة برئاسة عباس.
ويضيف حبيب، أن تحقيق عباس رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة رغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية لها منحه دعما شعبيا يشير إلى أن كافة الضغوط لن تجدي نفعا في المستقبل لأن الشعب الفلسطيني وراء الخطوات والإجراءات التي يتخذها عباس.
بدوره ، يعتبر المحلل السياسي من رام الله أحمد عوض، أن خطوة عباس تعني صفحة جديدة من النضال والجهد الفلسطيني تجاه تدويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي تحاول إسرائيل إبقاءه صراعا بين جاليتين وليس صراعا قوميا.
ويضيف عوض، أن اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقب غير عضو فيها سيجعل هناك مرجعية جغرافية محددة لإقامة الدولة الفلسطينية وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما فيها القدس الأمر الذي سيستفيد منه الفلسطينيون في أي مفاوضات قادمة مع إسرائيل.
ويتابع عوض، أن القرار أيضا سيجعل الشعب الفلسطيني يتمتع بمزايا شعب تحت الاحتلال وتصبح فلسطين دولة معروفة يجرى الاهتمام بأمورها.
أما المحلل السياسي علام جرار من الضفة الغربية، فيعتبر أن من أهم الإنجازات التي حققتها خطوة عباس في الأمم المتحدة هي مغادرة مسار اتفاقية (اوسلو) الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 والبحث عن رؤية فلسطينية جديدة تتعلق بحل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية.
ويضيف جرار، أن خطوة عباس ستعزز مكانته بتحقيق المطلب الشعبي الفلسطيني بالاشتباك مع إسرائيل في الساحات الدولية وتحديدا عندما يتم الحديث عن التوجه إلي محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ومحاكمة "مجرمي الحرب الإسرائيليين".
بريق عباس يعود إلى الواجهة
بدأ عباس (80 عاما) يستعيد بريقه لدى عودته إلى رام الله قادما من نيويورك العام الماضي عندما أودع طلبا في مجلس الأمن الدولي للحصول على "دولة كاملة العضوية" في المنظمة الدولية إلا أن الطلب بقي حبيس الأدراج لأنه لم يحصل على موافقة العدد الكافي من الدول دائمة العضوية لطرحه للتصويت.
وكان في استقبال عباس في حينها عشرات الآلاف الفلسطينيين هتفوا بحياته في موقف غير مشهود للرجل الذي خلف في منصبه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قبل نحو ثمانية أعوام.
لكن عباس بدأ يفقد هذا البريق نتيجة عدم تمكنه الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الدولية في وقت مرت فيه السلطة الفلسطينية خلال هذا العام بأزمة مالية خرج على أثرها العديد من التظاهرات المنددة بسياستها المالية، إضافة إلى استمرار الاستيطان والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وكان عباس الذي يعد مهندس اتفاق (أوسلو) مع إسرائيل واجه كثيرا من حملات التشكيك في ظل ما أبداه من تمسك بالمفاوضات مع إسرائيل ومهاجمة الهجمات المسلحة علنا، منذ انتخابه رئيسا للسلطة الفلسطينية عام 2005.
وبعد حصول عباس هذا العام على صفة دولة فلسطينية مراقب غير عضو في الأمم المتحدة فإنه يستعد لاستقبال شعبي أكبر كان قد بدأ منذ مغادرته مدينة رام الله لطرح الطلب الفلسطيني للتصويت.
ويعتبر عوض، أن عباس تولى الرئاسة في ظروف وفترة تاريخية صعبة للغاية وكانت الأحداث سريعة وليس في يديه الكثير ليفعله وبالتالي التزامه بقضية المفاوضات واتفاق (أوسلو) قيده كثيرا.
ويرى عوض، أن خطوة عباس أعادت له البريق ثانية لأنه حقق انجازا بعد الانتكاسات الكثيرة التي حصلت في عهده من خلال اعتراف العالم بفلسطين كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
ويعتبر عوض، أن الخطوة ستعزز فرصة عباس كرئيس للشعب الفلسطيني لأنه قدم الطلب باسم كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس، وبالتالي هو رئيس منتخب وسيعود كرئيس منتخب.
المطلوب من عباس
يقول صبري صيدم نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها عباس، إنه يعيش هذه الأيام أفضل مراحل حياته السياسية على الإطلاق بعدما برهن لذاته ولشعبه أن الرؤية والمثابرة والثبات عوامل تمكين للسياسي الحكيم تؤهله لتجاوز أعتى المواقف السياسية وأصعبها على الإطلاق.
ويضيف صيدم، أنه بعد هذا الزخم الشعبي المؤيد لعباس والحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة فإن المطلوب منه داخليا هو إتمام المصالحة الفلسطينية بتحديد موعد للذهاب إلى قطاع غزة لاستكمال معالم هذه المصالحة وتسوية ما علق بها من عوائق وموانع أخرت ولادتها.
يتابع صيدم، أن المطلوب أيضا توضيح طبيعة أن المفاوضات المستقبلية مع إسرائيل إن حصلت ربما تنحصر في رسم جداول زمنية لانسحاب إسرائيل من الأرض العربية وتطبيقها لقرارات الشرعية الدولية وليس النمط الذي ساد على مدار عقدين ماضيين، الأمر الذي جعل المفاوضات هما قميئا لا يمكن تخيله.
ويعتبر صيدم، أن "درة" المطالب، تتمحور حول القدس وهذه المرة من باب الفعل لا القول بحيث لا تبقى المدينة وأهلها في دائرة الشعارات والوعود.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn