تقرير أخباري : شهر رمضان في المغرب.. تقاليد متجذرة تستعيد بريقها خلال الشهر الفضيل

الرباط 30 يوليو2013/ تستعيد التقاليد المغربية بريقها خلال شهر رمضان ، الذي يختلف في أنماطه الحياتية عن باقي أشهر السنة، من خلال إحياء عادات وطبائع تزخر بها الحياة الاجتماعية بالمملكة، وانتهاج سلوك مغاير في اللباس وفي العلاقات الاجتماعية، علاوة على تحضير أطيب وألذ المآكل، التي تزين الموائد خلال هذا الشهر الفضيل.

ولعل أهم هذه العادات والتقاليد ، التي تتقاسمها الأسر المغربية منذ أجيال ، تلك الزيارات العائلية التي تقيمها هذه الأسر خلال هذا الشهر وتجسد الدلالات العميقة لشهر رمضان في تعزيز أواصر القرابة والتضامن وصلة الرحم. فالأسر المغربية تحرص على التجمع على مائدة الإفطار أو العشاء أو حول الأجواء الاحتفالية التي تشهدها ليالي هذا الشهر الفضيل ، والتي تدخل الفرح والسرور على الأسر المتوافدة بكثرة على المقاهي، والحدائق العامة، فيما يفضل البعض الآخر التجول لساعات عديدة بالشوارع الكبرى للمدن ومعهم أطفالهم الذين يغمرهم الفرح بخروجهم من البيت في وقت متأخر.

وبعد الفطور، يتوجه البعض ولاسيما الشباب إلى بيوت الله بشكل منقطع من أجل تأدية صلاة التراويح.

ومن اللحظات الجميلة تلك التي تعقب فترة صلاتي العشاء والتراويح ، حيث تدب الحياة من جديد في المدن التي تنشط ويغدو ليلها كنهارها في حركة وحياة مطبوعة بأجواء من المشاعر الدينية العميقة، وتقام بعد كل يوم صيام أمسيات روحانية وتنشيطية.

ونظرا لتزامن شهر الصيام مع فصل الصيف وما يصاحبه من ارتفاع كبير في درجات الحرارة ، فإن معظم شوارع المدن التي عادة ما تنعم بلحظات ستكون قليلة بعد الإفطار تستعيد صخبها ووهجها إلى ساعات الفجر الأولى. ولأن رمضان مناسبة دينية بامتياز ، فإن أهل المغرب لا يستقيم لهم شهر الصيام دون اقتناء ملابس تقليدية تليق بالمناسبة ، كالجلباب والطربوش والكندورة والبلغة بالنسبة للرجال، فيما تخيط النساء القفطان والجلباب خصيصا لهذا الشهر الفضيل.

وتشكل تلك الأزياء جزءا من هوية عريقة حافظت على جاذبيتها عبر السنين، وعمل المغاربة على تطويرها وتعرف رواجا كبيرا خلال هذه الفترة، حيث يعرف عودة قوية نحو اللباس التقليدي .

وعلى مستوى الطبائع الغذائية لا تكاد تخلو مائدة من موائد الإفطار الرمضانية في المغرب من وجبة "الشوربة" أو "الحريرة" التي تختلف مكوناتها إما حسب ذوق أفراد الأسرة، أو حسب دخلها المادي، وكذا التمور التي تعكس نوعيتها الحاضرة على موائد الإفطار الرمضانية المستوى المادي للأسر المغربية.

وتحضر الفطائر، أو العجائن بمختلف أصنافها أيضا في موائد إفطار جل الأسر، مثل "البغرير" و"رزة القاضي" و"الرغائف" أو" المسمن" العادي أو المحشو ببعض المكونات الغذائية مثل البصل واللحوم اليابسة وأصناف البقوليات .

وفي البيت، يتطلب هذا الشهر جهدا أكبر من النساء، اللواتي تعتبرن أن شغل البيت يصبح شاقا، خاصة وأنهن يحرصن على تنويع مائدة الإفطار بأشهى الأطباق والحلويات، علما بأن موائد رمضان تكون مواتية لاستقبال الأحباب والأصدقاء . وتتميز ليلة نصف رمضان وليلة القدر بكونهما حدثا دينيا عظيما، فبالنسبة لبعض العائلات يتوجه المصلون إلى المسجد لصلاة العشاء ولا يبرحونه إلا بعد أداء صلاة الصبح ، حيث يذكرون الله قياما وقعودا ويتلون القرآن.

أما ليلة القدر فيصوم خلالها الأطفال لأول مرة بعد بلوغهم سبع سنوات، فتلبس البنات القفطان أو تزين أيديهن بالحناء ، فيما يلبس الأولاد الجلباب أو "الجبادور" و"البلغة" والطربوش الأحمر، ويحظون باحتفاء خاص من قبل الأسرة وسط طقس مميز يكمن في تناولهم وجبة الإفطار التي تشمل البيض والتمر والحليب .

ويتم إحياء هذه الليلة المباركة بطقس مميز حيث تتوجه الأسر في الصباح لزيارة المقابر للترحم على أرواح أقاربهم ، وبعد أداء صلاة العشاء والتراويح ، تتوجه لزيارة بعض الأضرحة ، فيما تحضر ربات البيوت كميات كبيرة من الكسكسي توزع على المساجد والزوايا، التي يعتكف فيها المصلون إلى حدود طلوع الفجر .

لكن هذا الشهر الفضيل لا يخلو أيضا من بعض الظواهر السلبية لعل ابرزها ما يطلق عليه المغاربة "الترمضينة"، والتي تعبر عن سلوكيات تعكس المزاج الحاد والانفعالي حد الاشتباك لأتفه الأسباب، سواء تعلق الأمر بسائق سيارة على طريق عمومي ، أو مفاصلة بسيطة مع بقال ، أو قضاء حاجة إدارية ما.

/مصدر: شينخوا/