بقلم: إيمان جيانغ
بكين 21 أغسطس 2013 / في إطار تطورات متلاحقة تعيشها مصر، استيقظ العالم على نبأ إلقاء القبض على محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وإعلان أعضاء مكتب الإرشاد اختيار محمود عزت مرشدا عاما مؤقتا طبقا لنص اللائحة الداخلية للجماعة وسط تعالى الأصوات المطالبة بحلها في الآونة الأخيرة.
ويرى المحللون الصينيون أن ضبط بديع المرشد العام للإخوان أثبت أن السلطات المصرية مصممة بحزم على المضى قدما في حل الجماعة وتصنيفها "كجماعة إرهابية" بعد ما وقع على أرض مصر من جرائم قتل وأعمال تخريبية للمنشآت الحيوية عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، متوقعين أن تدفع عملية الحل، إذا ما تمت، الإخوان إلى العمل مرة أخرى "بالأساليب السرية" واللجوء إلي "خطوات تصعيدية" مع السلطات المصرية، مؤكدين على أن القضاء على نفوذ الجماعة تماما ليس بالأمر الهين.
-- إجراء حل الجماعة... لا مفر منه
فقد طلب رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي من وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي بحث الإطار القانوني لحل جماعة الإخوان المسلمين، قائلا "لا مصالحة مع من تلوثت يداه بالدماء ولا مصالحة مع من رفع السلاح ضد الدولة ومنشآتها وأبناءها".
وفي هذا الصدد، ذكر يين قانغ،الباحث في معهد دراسات شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ،أن السلطات المصرية "ثابتة تماما" على موقفها تجاه جماعة الإخوان منذ أن إتخذت قرارها بفض الاعتصامات لوضع حد لحالة من الفوضى عمت البلاد وكانت مرشحة لإتخاذ أبعاد أشد خطورة.
وأردف يين قائلا إنه في ضوء تعنت الجماعة وتضاؤل الآمال في إنضمامها إلى عملية المصالحة الوطنية، لم تجد السلطات المصرية أمامها سبيلا سوى إتخاذ إجراءات أشد حزما ومن بينها اعتقال عدد من أعضاء وقيادات الجماعة كان آخرهم صفوت حجازي ومراد علي، علاوة على تصنيفها كجماعة إرهابية؛ ومن ثم بات "حل جماعة الإخوان مسألة لا مفر منها".
ومن وجهة نظر دونغ مان يوان، نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، فإن إلقاء أجهزة الأمن المصرية القبض على بديع وتحركها قبل ذلك باعتقال 124 كادرا إداريا بالجماعة وأكثر من 1000 عضو ومؤيد لها منذ فض الاعتصامين في الـ14 من أغسطس الجاري بعدما أكدت التحقيقات تورطهم في عمليات إرهابية يوضح بما لا يدع مجالا للشك أن السلطات المصرية "عاقدة العزم" على حل جماعة الإخوان.
وبتحليله للمشهد المصري الحالي، خلص الخبير دونغ إلى أنه رغم ما يمارس من ضغوط دولية على مصر وتصريح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي مؤخرا بأن الوزارة تدرس الآن تقليل مساعداتها لمصر بعد عزل مرسى وأحداث العنف التي شهدتها البلاد ، إلا أن السلطات المصرية "تتمسك بتوجيه ضربات قاسمة" للإخوان في ظل مطالبة عدد من ممثلى القوى السياسية بإدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب الدولي.
--القضاء علي الإخوان تماما ... أمر صعب
ورغم أن الحكومة المصرية أبدت عزمها على حل الجماعة، إلا أن الخبير يين قانغ عبر عن اعتقاده بأن القضاء على نفوذ الجماعة تماما ليس بالأمر السهل.
وشرح رؤيته قائلا إن الجماعة تحافظ على وجودها التنظيمي منذ تأسيسها عام 1928على يد حسن البنا وتمتلك العديد من المدارس والمساجد والمؤسسات التجارية وتعمل في إطار التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين المنتشر بخلاف مصر في دول عربية مثل سوريا، لذا فإنه حتى لو تم حل الجماعة في مصر، فإن مكاتبها في الخارج ستظل تزاول أنشطتها.
وتابع قائلا "ومع أنها بقيت محظورة معظم تاريخها وتحديدا منذ عام 1954 حتى أعادت تسجيل نفسها كمنظمة غير حكومية في مارس الماضي، إلا أن لها وجود في الواقع المصري وعدد كبير من الأنصار من مختلف الطبقات، سواء كان الفلاحون في الريف أم المثقفون في الحضر".
ومن جانبه لفت دونغ إلى أن صعوبة القضاء علي نفوذ جماعة الإخوان يرجع أيضا إلى حصولها على "دعم خارجي"، فمن المعروف أن العلاقات بين دولة قطر والجماعة وثيقة للغاية، وهو ما أكده وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي عندما صرح بأن المبالغ التي تنفقها جماعة الإخوان تأتي لهم عن طريق مكافآت من دول مثل قطر ويستخدمونها بدورهم في أنشطتهم السياسية، علاوة على ذلك، فإن دولا مثل إيران وتركيا يراودها شعور بالتعاطف تجاه الجماعة.
وعلى خلفية تصريح الفريق أول عبد الفتاح السيسي بأن "مصر تتسع للجميع" وقول مستشار رئيس الجمهورية مصطفي حجازي إن "السلطة ليست في وارد حل أحد أو منع أحد من المشاركة في العملية السياسية" وإعراب نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين عن أمله في إيجاد وسيلة لتخفيف حدة المواجهة مع أنصار الجماعة وسط مطالبة حازم الببلاوي بحل الجماعة بقوله "لا مصالحة مع من أهدر القانون"، يشير دونغ إلى أن هذا يفسر السبب وراء كون مسألة حل الجماعة ليست بالأمر الهين وقد تستغرق بعض الوقت في ضوء إختلاف الرؤى حولها.
-- الاستقرار... ضرورة ملحة لمصر
وفي ظل تزايد حدة الخلافات بين الحكومة المؤقتة وجماعة الإخوان إثر عملية فض الاعتصامات واعتقال قيادات الجماعة، يرى المحللون إنه إذا ما تم حل الجماعة في الفترة القادمة، فلن يقبل الجانبان أي عملية مساومة وسيغلق باب المصالحة تماما.
وأعربوا عن بالغ قلقهم إزاء ما قد يترتب على حل الجماعة، قائلين إنه قد يحفز الفئة المتطرفة داخل الجماعة علي الإمساك بزمام الأمور داخلها وتنظيم عمليات سرية عنيفة تهدف إلى إيقاع مصر في دائرة من العنف والمواجهات المستمرة.
وقد نشرت صحيفة ((الشعب)) اليومية الصينية تعليقا يقول إن الدروس المستفادة مما حدث فى أقطار أخرى بمنطقة الشرق الأوسط، مثل العراق وليبيا تفيد بأن استمرار أعمال العنف يزعزع الاستقرار والأمن ويبذر بذور الكراهية بين المواطنين ويضع المزيد من العراقيل أمام المصالحة المجتمعية، مشيرة إلي أن تراكم الكراهية يعنى استمرار دائرة الانتقام، وقد يجعل مصر مرتعا للإرهاب الذي أعلنت السلطات المصرية الحرب عليه مؤخرا.
وأوضحت الصحيفة أن الأوضاع الداخلية في مصر، وهي دولة عظيمة تحظى بثقل كبير في منطقة الشرق الأوسط ، قد تجعلها تجلس مرة أخرى على صفيح ساخن وتدفعها إلى حافة جرف محفوف بالمخاطر، لذا فإنه من الضرورة بمكان العمل سريعا على إطلاق المصالحة الوطنية حتى لا ينزلق الوضع إلى حد تتعذر معه المعالجة .
وأجمع المحللون على أن الأولوية الملحة أمام مصر تأتى الآن لوقف إراقة الدماء ومنع سقوط المزيد من الضحايا، وهو ما يتطلب من مختلف الأطراف المصرية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وإعلاء المصلحة العليا للوطن، وبدء الحوار على نطاق واسع وتحقيق المصالحة عبر المفاوضات واستعادة الاستقرار الاجتماعي الذي ينشده المصريون بجميع طوائفهم.
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn