تعليق: هل ستتدخل أمريكا عسكريا في سوريا؟

أشار الرئيس باراك أوباما في 23 من أغسطس الحالي إلى أن الحرب الأهلية في سوريا قد مست "المصالح الأمريكية العليا". من جهتها تجري وزارة الدفاع الأمريكية في الوقت الحالي مختلف الإستعدادات للتدخل في سوريا. ورغم التهديدات الأمريكية بالتدخل، إلا أنه بالنظر من الوضع الحالي، فإن ظروف إستخدام أمريكا للقوة لم تنضج بعد.

يمكن حصر أهم العوامل التي يمكن أن تدفع إدارة أوباما إلى التدخل عسكريا في سوريا في النقاط التالية:

أولا، دوافع المصالح الجيوسياسية. تسمى سوريا بـ "قلب الشرق الأوسط"، والإطاحة بالنظام الحالي تعني بالنسبة لأمريكا إزالة آخر قاعدة روسية في الشرق الأوسط، والإطاحة بآخر حليف لإيران في الشرق الأوسط. وقد توصلت أمريكا مع حلفائها الرئيسيين إلى إجماع حول التدخل العسكري بسوريا، لكن روسيا وإيران لا يزالان يدعمان نظام بشار في السر والعلن، وهل تستحق سوريا أن تصبح معركة حاسمة بين امريكا وروسيا، في ذلك سيفكر أوباما بشكل جدي.

ثانيا، دافع"الشعور بالمسؤولية الأخلاقية". خلال السنوات الأخيرة كانت الحجتين الرئيسيتين للتدخل العسكري الأمريكي هما الإنسانية ومقاومة الإرهاب. في ذات الوقت، كانت مصادقة مجلس الأمن تعد "المرحلة التشريعية" لهذا التدخل. وفي الوقت الحالي، ورغم أن حكومة أوباما لم تتأكد بعد من إستعمال حكومة بشار للأسلحة الكميائية، لكن الحقيقة لازالت تنتظر تقدم التحقيقات التي تقوم بها الأمم المتحدة.

من جهة ثانية، يعد الرأي العام أحد المؤشرات التي تعتمد عليها الحكومات الأمريكية في التدخل العسكري. ففي حرب كوسوفو، كان 64% من الأمريكيين يعتقدون بأن أمريكا بصدد القيام بمسؤولية أخلاقية. وفي حرب العراق فاقت نسبة تأييد الرئيس بوش لحرب العراق 70%. أما بالنسبة لسوريا، فقد أظهرت آخر الإستطلاعات بأن قرابة 60% من الشعب الأمريكي يعارضون تدخل أمريكا في سوريا.

من جهة أخرى، لايمكن لايمكن تجاهل المصالح الإقتصادية وحسابات التكلفة. فسوريا تعتبر دولة فقيرة نسبيا على مستوى الموارد الطبيعية. وميدانيا أظهرت المعارضة السورية المسلحة آداء باهتا في مواجهة القوة العسكرية الكبيرة التي يمتلكها النظام. في حين أن الفارق في القوة بين طرفي الحرب الأهلية هو الذي سيحدد تكلفة التدخل العسكري وكلفة إعادة الإعمار. وقد أظهرت التجربة العراقية، أن الدول التي تقود التدخل العسكري ليس من المؤكد أن تصبح الدول المنتفعة إقتصاديا من عمليات إعادة الإعمار. لذلك، فإن إدارة أوباما التي تعاني من "نقص مالي "على مستوى نفقات الدفاع والنفقات العامة، ستضطر لإحتساب الكلفة جيدا.

وبالنظر من التقييم الأمريكي للوضع الحالي في سوريا، فإن ساعة الصفر لإعلان أوباما التحرك العسكري ضد سوريا لم تحن بعد. وسبب قيام الحكومة الأمريكية بعرض موقفها من شن الحرب على سوريا قريبا، قد يكونا ناجما عن استراتيجياتها في الضغط على الحكومة السورية لايجاد فرص التغيير واسترضاء الفصيل المحب للحرب في أمريكا.

ملف خاص: تطورات الوضع في سوريا

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/