بيروت 30 أغسطس 2013 / يبدو لبنان أحد أكثر البلدان المعنية في المنطقة بالضربة العسكرية المحتملة لسوريا التي تشغل حاليا المسرح الدولي والإقليمي، وذلك لأن سوريا تحده شمالا وشرقا ولأن وضعه الداخلي السياسي والطائفي والمذهبي شديد الصلة والترابط والتفاعل مع الأزمة السورية.
واذا كان لبنان قد تلقى منذ بدء الأزمة السورية الكثير من انعكاساتا بما يتجاوز طاقته أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فانه سيكون دون شك البلد الأكثر تأثرا بانعكاسات وارتدادات أي ضربة أو حرب دولية على سوريا دون اغفال امكان ان تكون ساحته مسرحا لبعض الردود المحتملة على الضربة.
كذلك فان حصول الضربة المحتملة على سوريا من شأنه أن يزيد من أجواء القلق والاضطراب السائدة في لبنان بسبب موجة التفجيرات الإرابية التي طاولت منطقتين ذات كثافة سكانية شيعية في ضاحية بيروت الجنوبية ومسجدين سنيين في طرابلس كبرى مدن الشمال.
ويمكن القول على الصعيد العسكري بأن لبنان قد يكون جزءا من مسرح عمليات اذا قرر حزب الله في إطار التزامه بمشاركة النظام في الحرب أن يرد ميدانيا على الضربة الغربية لسوريا في اتجاه إسرائيل أو في اتجاه المصالح الأمريكية.
ويتوقع على الصعيد الأمني، بحسب مصادر المنظمات الدولية الانسانية، أن يؤدي ضرب سوريا الى ارتفاع في أعداد النازحين السوريين الى لبنان، مع تعاظم احتمالات وعمليات تسلل متطرفين وتسرب مسلحين الى الداخل اللبناني وحصول مشاكل ومواجات.
أما على الصعيد السياسي فان الحديث عن الضربة الغربية لسوريا قد أدى، وفق مصدر نيابي، إلى تجميد ملفي تشكيل الحكومة واعادة اطلاق الحوار الوطني بانتظار التطورات السورية التي قد ترسي مرحلة وواقع جديدين في المنطقة بأسرها وفي لبنان.
وعلى صعيد الموقف الرسمي، فان لبنان الذي تسيره حاليا حكومة تصريف أعمال لا تجتمع وتأخذ قرارات أساسية، سيبدو محرجا ازاء أي ضربة غربية لسوريا، اذ لايمكنه أن يكون في خط الموقف الغربي والعربي العام أو خارجه، لكنه سيلتزم سياسة النأي بالنفس رغم سقوطها وخرقها من القوى السياسية اللبنانية.
وفي آخر موقف رسمي في هذا السياق دان الرئيس اللبناني ميشال سليمان استخدام السلاح الكيميائي في سوريا ، مؤكدا "اهمية اتخاذ الامم المتحدة ومجلس الامن التدابير المناسبة في هذا الشأن."
وقال الرئيس سليمان في كلمة اثناء رعايته حفل تدشين أحد الاسواق التجارية في مدينة جبيل شمال بيروت ليل (الخميس/الجمعة) ان "ثوابتنا معروفة وهي ايجاد حل سياسي للوضع في سوريا وعدم التدخل العسكري الامني هناك".
ويرى شفيق المصري استاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعات لبنانية عدة، أن الموقف اللبناني الرسمي يسعى الى تخفيف وطأة وتداعيات الضربة ضد سوريا، في حين أن لكل قوة سياسية لبنانية موقفا مختلفا تبعا لارتباطاتها الخارجية مع المحور الغربي/العربي أو السوري/ الايراني.
فيما اعتبر غسان العزي استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية أن لبنان منقسم الى معسكرين مؤيد ومعارض للنظام السوري، وأن كل معسكر ينظر الى الضربة ضد سوريا من زاوية تسجيل النقاط على المعسكر الآخر.
ويضيف أن لا أرضية مشتركة بين الفريقين اللبنانيين الأساسيين في (قوى 14 مارس) و (قوى 8 مارس)، حيث يؤيد الفريق الأول حملة الغرب لتغيير النظام السوري فيما يعمل الفريق الثاني على افشال هذه الحملة.
ويرى العزي " أن لبنان في دائرة الخطر وأن المخاطر التي تطاوله تتوقف على طبيعة الضربة لسوريا (اذا حصلت) وطبيعة الرد عليها ، وكذلك على طبيعة استثمار القوى اللبنانية لهذه الضربة ".
ويلاحظ أن البحر المتوسط تحول الى مركز لاستعراض القوة ويعج بالمدمرات والسفن الحربية بما يفوق المطلوب ميدانيا، لكن قد يكون استنفار الأساطيل ذات مضمون وقائي واستباقي.
وتوقع أن تكون الضربة لسوريا محدودة وموضوعية، وأن تتفادى دروسا سابقة في العراق وأفغانستان والصومال وليبيا، ما يجعل تأثيرها محدودا ومماثلا للضربة الاسرائيلية العسكرية الأخيرة لسوريا.
ويستنتج أن الجو الدولي لايسمح باندفاعة عسكرية غربية كبيرة ومفتوحة، وأن تصفية الحسابات غير ممكنة مرة واحدة، مايجعل الغرب غير راغب بتكبير حجر الصراع بما يهدد المصالح الأميركية والغربية في المنطقة.
ويشير الى انطباع لدى دبلوماسيين بأن التصعيد ربما يكون في سياق الضغط الساخن نحو مسار الحصول على تنازلات لفتح الطريق أمام مؤتمر (جنيف 2) وأن تقاطعا روسيا/ أمريكيا خفيا ربما يكون قائما حول اخراج الحل السياسي.
وحول المؤشرات التي توحي بتراجع الحماسة الدولية مقابل تعاظم الشكوك والمخاوف بشأن هذه الضربة، يقول المصري أن التردد الأمريكي في تنفيذ الضربة ضد سوريا ربما يكون عائدا الى مخاوف لدى الادارة الأمريكية من مسعى روسي لايقاعها في الفخ السوري/الايراني في المنطقة.
ويشير المصري إلى أن التداعيات الأبرز التي قد تطال لبنان في حال ضرب سوريا هي تداعيات أمنية خصوصا اذا كان الرد على الضربة يشمل اسرائيل.
ويقول أن لبنان لايستطيع حماية نفسه ودرء المضاعفات بسبب غياب ضمانات أمريكية تتوافر لغيره من دول الجوار مثل الأردن وتركيا.
ويلفت المصري إلى أن حزب الله قد وقع في الفخ السوري لفترة طويلة الأجل وأنه لايستطيع أن يتحسب للضربة الغربية بالانسحاب من سوريا كما يطالبه فرقاء لبنانيون.
وعلى مستوى الحدود اللبنانية/الاسرائيلية، يقول العزي إنه ليس لدى اسرائيل لاعتبارات داخلية الرغبة في الاندفاع بحرب ضد لبنان، في حين أن وجود القوى الكبرى المباشر في المنطقة يقيد تحركاتها.
ويضيف العزي أن حزب الله ووفق المعطيات المحلية ، ليس في صدد تحريك جبهة الجنوب في ظل انتشاره العسكري في سوريا ومايواجهه في الداخل من استهدافات تطال تمثيله في الحكومة العتيدة أو ما تعترضه من تهديدات أمنية داخلية.
أخيرا، يبقى حسم كل التهديدات والتكهنات والاسئلة برسم الأيام والساعات القادمة التي ستحمل الجواب حول مستقبل الوضع في لبنان والمرتبط بواحد من ثلاثة احتمالات، وهي اما ضربة عسكرية محدودة أو ضربة تتوسع الى حرب أم لا ضربة ولا حرب.
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn