مقابلة خاصة: تباطؤ تنفيذ مشاريع تحلية المياه في قطاع غزة "سيقود إلى كارثة شاملة"

غزة 22 مارس 2014 /أعلن مسؤول في سلطة المياه الفلسطينية اليوم (السبت) أن تباطؤ تنفيذ مشاريع تحلية المياه في قطاع غزة "سيقود إلى كارثة شاملة"، مشيرا إلى أن المياه الجوفية التي تعد المصدر الوحيد للشرب ستكون غير صالحة للاستخدام عام 2016.

وقال مسؤول تنسيق المشاريع في سلطة المياه التابعة للسلطة الفلسطينية مروان البردويل، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) جرت في مكتبه بمدينة غزة، إن هناك العديد من العقبات التي تهدد تنفيذ مشاريع تحلية المياه في القطاع الساحلي التي تعتبر الحل لتفادي انعدام المياه الصالحة للشرب كليا.

وأوضح أن هذه العقبات تتعلق بنقص التمويل من الجهات المانحة، وأزمة الطاقة المتفاقمة، فضلا عن إغلاق معابر قطاع غزة، ومنع إسرائيل إدخال مواد البناء والمعدات اللازمة لإنجاز محطة التحلية الرئيسة المطلوبة، وكذلك استمرار الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يشوش على سير التنسيق للمضي قدما في تنفيذ المشاريع.

وكان تقرير للأمم المتحدة ذكر أخيرا، أن قطاع غزة الذي يقطنه أكثر من مليون و700 ألف نسمة يواجه أزمة مياه متفاقمة، قد يجعل القطاع غير صالح للعيش خلال سنوات معدودة.

وحسب التقرير فإن المياه الجوفية التي تعد المصدر الوحيد الصالح للشرب ستكون غير قابلة للاستخدام عام 2016 وأنه لا يمكن إصلاح هذا الضرر بحلول العام 2020.

من جهته، ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف اليوم، أن ما يزيد عن 95 في المائة من مياه قطاع غزة لا تنطبق عليها معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، مشيرا إلى أن حصة الفرد في قطاع غزة من المياه بالكاد تصل إلى 89.5 لتر يوميا، وهو أقل من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة وهو 100 لتر يوميا للفرد.

وقال البردويل " للأسف نتيجة الضخ بكميات مهولة على مدار 20 عاما السابقة تم استنزاف باطن الأرض والمياه الجوفية في غزة، ما أدى إلى اندفاع مياه البحر نحو الخزان الجوفي ما تسبب في زيادة ملوحة المياه بمعايير أكثر بكثير من المعايير الدولية للاستخدام الإنساني".

وأضاف أن "الخزان الجوفي ملوث لدرجة أننا لو أخذنا معايير منظمة الصحة العالمية فهو ملوث بخمسة أضعافها نتيجة تسرب الأملاح الزائدة ونسبة النيترات في المياه".

وأشار البردويل إلى أنه بينما تحدد منظمة الصحة العالمية نسبة ملوحة المياه ب400 وحدة للتر فإن أغلب مناطق قطاع غزة وصلت إلى 2200 وحدة للتر بل إن بعض المناطق النائية تجاوزت 3 و4 ألاف وحدة للتر.

وأضاف أن منظمة الصحة العالمية حددت معدل النتيرات في المياه ب45 ملم في اللتر، مشيرا إلى إن مياه الخزان الجوفي في غزة سجلت معدلات تصل إلى 400 ملم في اللتر.

ولفت البردويل إلى خطر تفاقم الازمة في المستقبل القريب بسبب زيادة معدل النمو السكاني القياسي في قطاع غزة، موضحا أن سكان قطاع غزة الذين يتوقع أن يصل عددهم مليونين و160 ألف نسمة بحلول عام 2020 سيحتاجون لشرب 120 مليون متر مكعب من المياه سنويا لكن الواقع الراهن لا يضمن قطرة ماء واحدة من هذه الكمية.

وأشار إلى أنه أمام المعطيات المذكورة أجرت سلطة المياه الفلسطينية دراسات معمقة بشأن الحلول البديلة لهذه الأزمة، وخلصت بعد سنوات إلى أن الخيار الأكثر ديمومة والمتاح هو اللجوء إلى تحلية مياه البحر.

وقال البردويل إن خطط تنفيذ ذلك قسم إلى مرحلتين الأولى بالاتفاق على إنشاء ثلاث محطات صغيرة للتحلية ومحدودة الكمية كحل سريع وعاجل للحد من استنزاف وإيقاف التدهور في الخزان الجوفي.

وتابع أن المحطات الثلاث تتركز في مدن: رفح وخانيونس جنوبا، ودير البلح وغزة في وسط قطاع غزة لتقوم بمهام خلط المياه المحلاة مع جزء من المياه الجوفية بغرض الوصول لنوعية مياه تتلائم مع منظمة الصحة العالمية.

وأوضح البردويل أنه تم إنجاز المرحلة الأولى من المحطة الأولى، في دير البلح والتي ستنتج حوالي 2600 متر مكعب سويا، ويجري البحث عن تمويل لمضاعفة هذا الرقم.

أما المحطة الثانية فقد تم أول أمس الخميس وضع حجر الأساس لتنفيذها لخدمة منطقتي رفح وخان يونس بتمويل من الاتحاد الأوروبي بقيمة 10 ملايين يورو على أن يتم الانتهاء منها في غضون عامين تقريبا، فيما تم توقيع مذكرة تفاهم مع بنك التنمية الإسلامي لتمويل المحطة الثالثة غرب غزة، بدعم يصل إلى 15 مليون دولار، إلا أنه لم يتم الشروع في إنشائها حتى الآن.

أما المدى البعيد، وهو الشق الإستراتيجي الذي لا غنى عنه لإنقاذ مياه غزة فيتمثل،بحسب البردويل، بإنشاء محطة تحلية مركزية تخدم إجمالي قطاع غزة بتكلفة إجمالية تصل إلى 455 مليون دولار.

ويشرح البردويل أن مشروع المحطة المذكورة سيتضمن الخط الناقل من أقصى شمال إلى جنوب قطاع غزة وخزانات وإعادة تطوير شبكات التوزيع الداخلية في المدن وتطوير.

وأوضح أن إنجاز هذا المشروع سيسمح بالتقليل من كمية الفاقد في الشبكات وصيانتها لعدم ضياع كميات المياه التي تبقى شحيحة وسكان غزة بحاجة ماسة لها.

وجرى توقيع عقد التصاميم الهندسية لتنفيذ مشروع محطة التحلية الرئيسة في فبراير الماضي بتمويل من الاتحاد الأوروبي عبر شركة استشارية ألمانية على أن تنتهي من أعمال التصاميم في غضون 18 شهرا.

وقال البردويل إن المأمول في حال تخطى العقبات التي نواجهها أن تكون محطة التحلية الرئيسة أنجزت وباشرت العمل مع نهاية عام 2017 لأن ذلك سيمثل الفرصة الأخيرة المتاحة ربما لإنقاذ الخزان الجوفي ومواجهته خطر الاستنزاف الكلي.

وأضاف أنه في حال تباطؤ إنجاز المشروع "فإن الخزان الجوفي سيعاني من ضرر لا عودة فيه، بمعني نوعية المياه في الخزان ستكون مياه بحر خالصة وتحتاج لتحلية كاملة".

وأشار البردويل إلى أن تكلفة مشروع التحلية ستصل إلى 700 مليون دولار في حال تم تأخير المباشرة به حتى حلول عام 2020.

وكان مشروع إنجاز محطة التحلية المذكورة أدرج ضمن أنشطة اتحاد الدول الأورومتوسطي الذي اعتبره أولوية ملحة لسكان قطاع غزة على المستوى الإنساني.

وأشار البردويل إلى أن المضي في خطط مشروع محطة التحلية الرئيسة سيكفل رفع حصة الفرد من المياه في قطاع غزة إلى 120 لتر يوميا ويضمن وقف تلوث الخزان الجوفي واستنزافه.

غير أن كل ذلك يبقى في نطاق التطلعات والآمال حتى الآن، إذ لا توجد مؤشرات عملية على إنهاء أي من العقبات التي تحول دون إنجاز محطة التحلية المطلوبة، فيما الوقت آخذ بالنفاد بالنسبة لمجمل مستقبل الحياة بالنسبة لسكان قطاع غزة.

/مصدر: شينخوا/