تعليق: ضم القرم إلى روسيا .. هل هي بداية لمواجهة طويلة بين روسيا والغرب؟

أصدر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمرا رئاسيا يوم 17 مارس الجاري لبدء الإجراءات القانونية للموافقة على مشروع اتفاقية بين روسيا والقرم حول قبول ضم القرم إلى الاتحاد الروسي. وفي يوم 18 مارس الجاري وقّع بوتين مع القادة الجدد الموالين للروس في القرم اتفاقاً في الكرملين أمام مجلسي البرلمان وحكام المناطق وأعضاء الحكومة الروسية لضم شبه الجزيرة. وجاء توقيع الاتفاق بعد خطاب أكد فيه بوتين أن "القرم كانت وتبقى جزءاً لا يتجزأ من روسيا"، مضيفاً أن "هذه القناعة، المستندة إلى الحقيقة والعدالة، لا تتزعزع وجرى تناقلها من جيل إلى جيل، ولم يتمكن الزمن أو الظروف من تغييرها". وجاءت عملية ضم القرم إلى روسيا أسرع من التنبؤات.

أخلى دعم الغرب لاستقلال كوسوفا سابقا بدقة معايير القانون الدولي، و شرعية " الاستفتاء" في شبه جزيرة القرم من عدمه جعل بلوغ الاستقطاب بين روسيا والغرب الحد الأقصى. لذا، فإن انضمام القرم الى روسيا ثمن يدفعه العالم بأسره.

وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عن الجولة الأولى من عقوبات ضد عدد من المسؤولين روس، ولقي هذا القرار سخرية كبيرة من قبل بعض الناس في روسيا. في الواقع، إن فرض العقوبات على بعض الأفراد ما هو إلا تعبير عن الموقف الأمريكي والأوروبي، وتعميق العقوبات لن يلحق الضرر بالاقتصاد الروسي فحسب، بل سوف يطول أمريكا وأوربا أيضا، وهذا المؤشر الحقيقي الذي يمكن أن يجسد عزم الغرب لكبح روسيا.

خلق صمود بوتين في الحفاظ على مصالح روسيا انطباعا عميقا لدى الغرب والعالم كله. وبالتالي، فهل سيواصل بوتين صموده وشن "الأعمال الاستفزازية" التي أطلقها الغرب في شرقي أوكرانيا وغيرها من المناطق، أم سوف يظهر جانبه الأخر المرن؟ هذا من شانه أن يؤثر على حكم الغرب على ارادة روسيا الإستراتيجية، وبالتالي لها تأثير عميق على فهم نظام بوتين.

اعتمد أوباما على وسائل محدودة لاحتواء الإستراتيجية الروسية، وهناك حاليا رد فعل مؤقت حول تقدم الوضع في شبه جزيرة القرم عن البرق في جميع أنحاء الغرب . وقد تعود الغرب على مواصلة التآكل المستمر في منطقة النفوذ الروسية التقليدية، لكن الإجراءات التي اتخذها بوتين بشأن القرم خارج توقعات الغرب.

أطلق بوتين هجوما مضادا في شبه جزيرة القرم، ونكسة استمرار الغرب التوسع شرقا منذ نهاية الحرب الباردة، وإعادة رسم الحدود الإستراتيجية بين روسيا والغرب. ويرجع ضعف توسع وامتداد الجبهة الغربية شرقا لالتقائه مع الأزمة الاقتصادية، وانهاك قوة المستهلك، في حين أن الانتعاش الاقتصادي في روسيا لم يتوقف ،ما جعل مبادرة موسكو نشطة حاليا.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/