تعليق: ضم القرم إلى روسيا .. هل هي بداية لمواجهة طويلة بين روسيا والغرب؟ (2)

ومع ذلك، قوة روسيا تبقى محددة وليست بقوة الاتحاد السوفياتي ، كما ليس لديها مساعدات من منظمة التجارة العالمية، وإذا قرر الغرب شن حرب استنزاف طويلة الأمد، فإن التحديات التي تواجهها موسكو سوف تكون أكثر شدة من تلك التي تواجهها واشنطن وأوروبا.

يؤدي فرض العقوبات إلى ضغوطات وخسارة على الجانبين، إلا أن تجاوز حجم الاقتصاد الكلي للغرب عشرة أضعاف في روسيا، يمكن فك الضغط عليها تحت ظل المنظمات الأمريكية، أما روسيا، فسيتحمل النتائج بوحده. وإن مداخلات وآلام الصراع غير متكافئة بين الجانبين، وإذا كان للغرب ارادة التعامل مع بوتين مثل ما في الحرب الباردة، فإنهم لا يزالون قادرين على تشكيل أضرار بدرجة ما.

والاهم من ذلك فإن السيطرة على استقرار المجتمع الروسي ليس مطلقا. وقد ذاق الشعب الروسي حلاوة تحفيز أسعار النفط الانتعاش الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، واعتادوا على التبادل الحر والفضفاض مع الغرب، وقد تحفز أزمة القرم أحيانا الجانب القومي، ولكن القومية في المجتمع الحديث لديها بعض الفقاعات أكيد، وإذا قادت الدبلوماسية العامة إلى الانخفاض في مستوى معيشة الشعب، سوف يخسر النظام الدعم في نهاية المطاف.

يلقى بوتين الآن دعما محليا كبيرا والذي قدم له المرونة اللازمة لاستخدام مساحة اكبر من السياسة. وألقت موسكو درسا لنمط ثورات الملونة الذي يدعمها الغرب وأتباعها، وإعادة الغرب نظر في دور الذي يجب أن تلعبه أوكرانيا في أوروبا. وسيطر بوتين على النطاق، وترك مسافة تراجع لائقة للغرب، هذا ينبغي أن يكون الخيار الأول لتعظيم مصالح روسيا

لقد أدرك الغرب انه فقد شبه جزيرة القرم، وينبغي على موسكو بذلك بذل جميع الجهود الممكنة لتجنب شبه جزيرة القرم من تبادل إطلاق النار وسفك الدماء. وينبغي أن تدرك أيضا أنه اذا ما أعيد نفس نمط القرم في شرق أوكرانيا، سوف يكون رد الفعل الغربي أقوى مما كان عليه في شبه جزيرة القرم، وسوف تكون أكثر جوهرية.

يجب على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي التفاوض بجدية مع الكرملين حول مكانة أوكرانيا الإستراتيجية. و إن ظهور أراء في الغرب ترى انه ينبغي الوقوف على حياد في أزمة أوكرانيا، يعني أن تأثير شبه جزيرة القرم كبير ويحتاج إلى وقت حتى يهضم.
".

أدى مشهد شبه جزيرة القرم إلى اهتزاز عنيف في أوروبا، وقد يكون انتصارا لموسكو، ولكن يمكن أن يكون مجرد بداية لمواجهة طويلة بين روسيا والغرب، ويحكم على روسيا والغرب صراعات شاملة، ولكن الحفاظ على الدرجة المنخفضة للاحتكاك بين الجانبين مناسب لمصالح موسكو الطويلة الأجل. وربما هذا واضح جدا لفريق بوتين.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/