احتفالات الصين بذكرى تأسيس الجمهورية الجديدة

بقلم: عباس جواد كديمي

في غرة أكتوبر من كل عام، تشهد الصين احتفالات كبيرة ومتنوعة إحياء لذكرى تأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر عام 1949. في الحقيقة، إن الاحتفالات تبدأ مبكرا بأسبوع على الأقل حيث تعم الأجواء الاحتفالية وتنتشر الزينة والأزهار والأعلام والرايات في الشوارع والساحات والميادين العامة، ويتهيأ الجميع للاحتفال كل بطريقته الخاصة، ولا سيما التمتع بالعطلة الطويلة للعيد الوطني، حيث يبدأ الملايين رحلات سفر داخلية وخارجية، ويتوجه الملايين إلى مساقط رؤوسهم للاحتفال مع ذويهم، والتمتع بلقائهم بعد فترة غياب طويلة بسبب ظروف ومواقع العمل.

الصين شاسعة المساحة (أكثر من 9.6 مليون كيلومتر مربع)، مترامية الأطراف، كثيرة السكان(أكثر من 1.3 مليار نسمة)، وهذا يعني السفر لمسافات طويلة لملايين من الناس ذهابا وإيابا هنا وهناك.

الصينيون يحتفلون بطرقهم الخاصة، ولكنهم لا ينسون أصدقائهم الأجانب ممن يعيشون ويعملون معهم!! ففي كافة المناسبات الكبرى، كالعيد الوطني لتأسيس الصين الجديدة، وعيد الربيع التقليدي الكبير، هناك حصة جيدة للأجانب للاحتفال مع الصينيين، سواء بالنشاطات المتنوعة أو التمتع بالعطلة الطويلة. ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو النشاط الذي تقيمه الصين سنويا منذ عام 1991، وهو استغلال مناسبة العيد الوطني لتكريم الخبراء الأجانب العاملين في الصين بمنحهم جائزة الصداقة الوطنية الصينية، وهي الأرفع مستوى التي تمنحها الحكومة الصينية للخبراء الأجانب العاملين مع الدوائر والوحدات والمؤسسات الصينية في مختلف المجالات الأكاديمية والإعلامية والبحوث العلمية والاقتصاد والتجارة والمجتمع. هذه الجائزة هي اعتراف من الصين، حكومة وشعبا، بإسهامات الخبراء الأجانب في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، وعملهم على تعزيز علاقات التعارف والصداقة بين الشعب الصيني وبلدانهم. الصين تولي اهتماما كبيرا للخبراء الأجانب العاملين فيها، وتقدر إسهاماتهم، وتعتبرهم قوة دافعة هامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتراهم أيضا جسرا حيويا يعزز التبادلات والتعاون بين الصين وبقية العالم. منذ تأسيس الصين الجديدة عام 1949، ولا سيما بعد البدء بالإصلاح والانفتاح على العالم عام 1978، تأتي إلى الصين أعداد كبيرة من الخبراء الأجانب للعمل بمختلف المجالات. تظهر الإحصاءات أنه في عام 2013 وحده، وصل عدد الخبراء الأجانب القادمين للصين إلى أكثر من 610 آلاف خبير، عملوا بقطاعات متنوعة مثل الاقتصاد والثقافة والتعليم والمجتمع والعلوم والتكنولوجيا والبحوث والرعاية الصحية. منذ البدء بمنح هذه الجائزة عام 1991، حصل عليها حتى الآن 1499 خبيرا أجنبيا. خلال الكلمة التي ألقاها الرئيس الصيني شي جين بينغ، على مأدبة عشاء كبرى بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني الـ65 لجمهورية الصين الشعبية، أشار إلى الإنجازات الباهرة التي حققتها الصين على مدى الـ65 عاما المنصرمة، وأكد على أن الصين، شعبا وحزبا وحكومة، طرحت أهدافا جليلة، ورفعت شعار تحقيق الحلم الصيني، أي تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.

إن تجسيد هذه الأهداف يتطلب من الصينيين مواصلة العمل والجهد، واستقبال روافد متدفقة غير منقطعة من القوى النشيطة والحيوية النابضة بكافة أنواعها، ومنها الخبراء الأجانب. إنه لشرف كبير وسعادة غامرة أن أكون من ضمن 100 خبير، من 25 دولة، تم تكريمهم هذا العام بجائزة الصداقة، وتشرفت، مع مجموعة رائعة من الخبراء الأجانب، بلقاء السيد لي كه تشيانغ رئيس مجلس الدولة الصيني، والسيد ما كاي، نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، وتكللت الفرحة الغامرة بمأدبة عشاء فاخرة بقاعة الشعب الكبرى، حضرها السيد شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، الذي أكد خلال كلمة هامة بالمناسبة على أن الصين ستواصل انفتاحها على العالم وتمسكها بتنميتها السلمية القائمة على السلام والاستقرار والتعاون.