تعليق: تغير موقف واشنطن المتعلق بالبنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية: صحوة أخلاقية أم مكر ميكافيلي؟

بكين 24 مارس 2015 / تخلصت واشنطن من حالة الهوس الطفولي التي أصابتها بسبب معارضة البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية، لكن هذا التطور الإيجابي لا يجب أن يتجه الى النقيض تماما فهذا مخطط ميكافيلي بوضوح.

وبدأت مؤشرات على ميل واشنطن لتبني موقف تعاوني تجاه مبادرة البنك التي اقترحتها الصين, وهو ما يعد علامة على تغير واضح في الرأي مقارنة بشكوكها السابقة ومحاولتها عرقلة المبادرة.

وهذا التحول في موقف القوة العظمى الأولى في العالم التي طورت ما يصل لحد النفور الواضح تجاه كل ما تتخيل أنه قد يهدد هيمنتها على العالم متأخر لكنه محل ترحيب. كما أنه يؤكد أيضا جاذبية المبادرة والطبيعة الساعية لتحقيق مكسب من جانبها.

لكن واشنطن في حاجة للحفاظ على صحوتها ازاء البنك نقية ونظيفة وأن تقاوم إغراء تحميله عبء المكر الميكافيلي وتحويل المشروع الوليد إلى أداة لممارسة نفوذها وتطويعه بما يخدمها.

لقد ولد البنك بهدف تلبية الطلب الضخم على استثمارات البنية التحتية في آسيا سريعة النمو برأس مال تجاوز قدرة المقرضين المحليين والدوليين المعلنين.

وهذا يعني أن تأسيسه لا يساعد فقط في الخروج من عنق الزجاجة في قطاع البنية التحتية وتعزيز التنمية الاقليمية وانما أيضا يحقق عائدات ضخمة لأي طرف مشارك أو يتعاون مع البنك.

ومن عناصر الجذب الأخرى في البنك أن بكين أصرت بالتنسيق مع الأطراف المشاركة أو الراغبة في المشاركة على الالتزام بالتعاون والتنمية في إطار البنك وليس التناحر والهيمنة.

ونظرا لسجل واشنطن في الشؤون الدولية وموقفها المسبق دائما المتميز بالهيمنة، فتح التحول الأمريكي المجال للتكهنات بأن القوة العظمى لما فشلت في تفكيك البنك بدأت تحاول الآن الإبقاء على الصين صاحبة المبادرة في مدارها الخاص عن طريق المشاركة معها.

وتلك النظرية برغم سهولة فهمها فإنها ليست حقيقية بالضرورة، لكن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تنقية الأجواء عن طريق تقديم أدلة مقنعة على أنها لا تمتلك أجندة خفية.

والآن من الأفضل أن تنتبه واشنطن لأهمية التغير الحقيقي وليس فقط تغيير التكتيك. وبالنسبة لأعضاء البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية فإنهم لن يسمحوا لمشروعهم المطلوب والواعد بشدة أن يتقلص ليصبح رقعة شطرنج للعبة جيوسياسية.