تعليق: مقاومة الإرهاب تستدعي تعاونا دوليا

شهدت فرنسا وتونس والكويت هجمات إرهابية في ذات اليوم في 26 يونيو الجاري، وخلفت أكثر من 60 قتيلا وأكثر من 200 جريحا، ومثلت فاجعة لكافة العالم، وقد أصدر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بيانا في ذات اليوم ندد فيه بالحادث.

كانت فرنسا المستهدف الأول، حيث قام أحد الإرهابيين بمهاجمة مصنع للغاز الطبيعي، أدى إلى مقتل شخص وجرح شخصان. وبعد ساعات تعرضت تونس إلى هجوم دموي، حيث هاجم مسلح شاطئ فندق "إمبريال مرحبا" المشهور بمدينة سوسة، مخلفا 37 قتيلا و36 جريحا. لاحقا، أعلن تنظيم داعش في موقعه الإلكتروني مسؤوليته عن الهجوم. وفي ذات اليوم، تعرض مسجد شيعي في العاصمة الكويتية لتفجير أثناء آداء صلاة الجمعة، أدى إلى مقتل 27 شخصا وأكثر من 200 جريح، أعلنت داعش مسؤوليتها عنه أيضا.

خصائص الهجمات الثلاثة

يعتقد الناس عادة أن الهجمات الإرهابية من السهل حدوثها في الدول المضطربة مثل أفغانستان، العراق، سوريا، اليمن، الصومال وليبيا وغيرها، لكن من بين الدول التي تم إستهدافها هذه المرة، نجد تونس وفرنسا اللتين رغم أنهما قد شهدتا هجمات خلال العام الحالي، لكن النسبة تبقى غير مرتفعة. أما الكويت، فلم تتعرض لأي تفجير منذ 9 سنوات.

من جهة أخرى، رغم أنه لا يمكن التاكد من وجود صلة بين الهجمات الثلاث، كما ليس هناك ما يثبت شروع داعش في القيام بسلسلة من الهجمات المنظمة على مستوى عالمي، رغم ذلك، توجد بعض الخصائص الوضحة في المناطق التي إستهدفها المسلحون.

أولا، إستهداف فندق وشاطئ مليء بالسائحين خاصة الغربيين، وفي وقت يتمتع فيه الناس بالإسترخاء، الهدف منه هو إحداث أقصى مايمكن من الصدمة والترهيب.

ثانيا، عادة ما يتوافد المسلمون على المساجد بكثافة يوم الجمعة لآداء الصلاة، وفي رمضان تكون الأعداد أكثر، وداخل المسجد يركز الناس على الصلاة ولا ينتبهون كثيرا لما حولهم، وهذا يعد توقيتا مناسبا بالنسبة للإرهابيين. وقبل الهجمات بأيام، كان المتحدث بإسم داعش، أبو محمد العدناني، قد وجه نداء لأنصار التنظيم لتنفيذ هجمات في مختلف أنحاء العالم خلال شهر رمضان.

ثالثا، إستهدف هجوم فرنسا مصنعا للغاز الطبيعي في الضاحية، تعد ثقبا أسودا في مقاومة الإرهاب.

أظهرت هذه الهجمات بأن تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة، باتت قادرة على مد أيديها إلى مختلف دول العالم. وفي هذا السياق، يشير رئيس اللجنة الدبلوماسية بمعهد الكونغرس، أن هذه الهجمات تعكس التأثير الخارجي الكبير الذي بات يمثله تهديد داعش، وأن أنشطتها لم تعد تقتصر على العراق وسوريا، بل يمكن أن تظهر في الشرق الأوسط وأورويا وأمريكا.

الإرهاب يتمدد عالميا

تعكس هذه الهجمات الوضع الملح لمقاومة الإرهاب في العالم. وبالمقارنة مع عام 2013، إرتفع عدد الهجمات الإرهابية خلال عام 2014 بـالثلث. ووفقا لتقرير "الإرهاب 2014" الذي نشرته وزارة الخارية الأمريكية يوم 19 يونيو الجاري، زاد عدد ضحايا الإرهاب بـ 80% وقارب 33 ألف شخص.

من جهة أخرى، قالت قناة البي بي سي أن ظهور تنظيم داعش وتنظيم بوكوحرام في نيجيريا يعد السبب الرئيسي في زيادة عدد ضحايا الإرهاب. وسجلت مدينة الموصل بالعراق أعلى عدد لضحايا الإرهاب، حيث قام تنظيم داعش بقتل 670 مسلما شيعيا. ورأى التقرير، إتجاه تطور الإرهاب خلال عام 2014، تضمن سيطرة داعش على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، وإنضمام أعداد كبيرة من الأجانب إلى التنظيم، وبروز إرهاب "الذئب المنفرد"، في الدول الغربية. كما تعمل داعش على إستعمال الإنترنت وغيرها من الوسائل لنشر أفكارها وتجنيد المزيد من المقاتلين. ووفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية، زاد عدد مقاتلي داعش من مختلف الجنسيات من 20 ألف إلى 31.5 ألف. ومن التنظيمات التي أعلنت مبايعتها لداعش، نجد تنظيم بوكوحرام في نيجيريا، الذي إرتكب مجزرة في العام الماضي راح ضحيتها قرابة 5000 شخص.

كان تغاضي وتسامح وتجاهل بعض الدول الغربية الكبرى للتنظيمات الإرهابية سببا رئيسيا في توسع ظاهرة الإرهاب بشكل سريع. ومع توسع الإرهاب في مختلف أنحاء العالم، أصبحت مختلف دول العالم في الحاجة لتعميق التعاون في التصدي للإرهاب. وقد صرح رئيس الجمهورية التونسية، قايد السبسي بعد الهجوم الإرهابي، أن تونس لا يمكنها أن تواجه الإرهاب لوحدها، وأن مقاومة الإرهاب في حاجة إلى إستراتيجية دولية.