تعليق: هل تنجح تركيا في انشاء " منطقة آمنة" شمالي سوريا، وما هي اهدافها؟

منذ بداية شن التحالف الدولي بقيادة امريكا غارات جوية ضد أهداف لتنظيم " الدولة الاسلامية "فى سوريا، انطلقت لأول مرة يوم 12 اغسطس الجاري بعض المقاتلات الامريكية من طراز إف 16 من القاعدة الجوية الاستراتيجية في تركيا لضرب اهداف التنظيم. وفي الاونة الاخيرة، شهد التعاون المشترك بين امريكا وتركيا في مجال مكافحة الارهاب تقدما كبيرا ، لكن الاتفاق حول إقامة "منطقة آمنة" في سوريا ظل عالقا بين البلدين. وأعلن مسؤول في وزارة الخارجية التركية يوم 11 اغسطس، ان الجانبين اتفقا على اقامة " منطقة امنة " على الشريط الحدودي، شمالي سوريا طولها 98 كيلومتراً ، وعرضها 45 كيلومتراً. لكن مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نفى ذلك يوم 12 اغسطس. وقال: " ان الجانبين يجب بذل الجهود المشتركة والمتواصلة لطرد تنظيم " الدولة الاسلامية" خارج المنطقة ، بدلا من انشاء " منطقة امنة".

وفي اواخر الشهر الماضي ، بدأ ظهور الرسائل المتضاربة والمتناقضة حول انشاء " منطقة آمنة " بعد شن تركيا غارات جوية على مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا وأخرى على معسكرات لحزب العمال الكردستاني شمالي العراق. وعليه ، يمكن ان نرى أن قضية انشاء " منطقة آمنة" نقطة خلاف بين امريكا وتركيا.

هدف تركيا من إنشاء "منطقة آمنة" شمالي سوريا

اولا، قمع الحركة الانفصالية الكردية . فمنذ بداية هذا العام ، حققت "قوات الدفاع الشعبي"، الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني تقدما كبيرا في ساحة المعركة في شمال سوريا، واستطاعت استرجاع المدن التي سيطر عليها تنظيم " الدولة الاسلامية"، وذلك بدعم جوي من التحالف الدولي، بقيادة امريكا، الذي يشن غارات جوية على مواقع التنظيم. ثانيا، دعم الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب. حيث يمكن للحكومة التركية ان ترد على اتهامات عدم مكافحتها للإرهاب من خلال انشاء " منطقة امنة" . ثالثا، التدخل في الازمة السورية والضغط على الحكومة السورية الحالية. فطالما كان الضغط على الحكومة السورية الحالية من اهم مطالب الحكومة التركية. لكن، القوات السورية المتواجدة على الاراضي المخطط انشاء عليها " منطقة آمنة" ضعيفة.

 سماح تركيا للتحالف الدولي بقيادة امريكا باستخدام قواعدها الجوية لضرب مواقع تنظيم " الدولة الاسلامية" يساعد على تسارع الضربات الجوية الامريكية على مواقع التنظيم في شمال سوريا، كما يوسع مساحة التعاون بين امريكا وتركيا في مجال مكافحة الارهاب. ومع ذلك، فإن تحقيق المصالح الوطنية للبلدين مسار التعاون بينهما. فقد ظلت تركيا تطالب بإنشاء " منطقة آمنة" شمالي سوريا كشرط اساسي للسماح استخدام امريكا قواعدها الجوية، في حين ان امريكا تصر على ان لا يشمل التعاون العسكري مع تركيا انشاء "منطقة آمنة".

ويعتقد بعض المحللين ان امريكا قلقة من ان تتخذ القوات التركية التعاون المشترك مع القوات الامريكية ضد تنظيم " الدولة الاسلامية" اسما فقط من اجل تحقيق هدفها ومحاربة حزب العمال الكردستاني. وقد بات عدم امكانية امريكا وتركيا توفير تربة مناسبة لتعزيز التعاون المشترك لمحاربة تنظيم "الدولة الاسلامية" محل اهتمام العالم الخارجي. وأشارت راندا سليم الباحثة اللبنانية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن الى الدوافع التركية للانضمام الى التحالف في محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية" الذي يعد فرصة مهمة لمواجهة الشكوك الدولية حول محاربتها لتنظيم " الدولة الاسلامية"، وفي الوقت نفسه ، يبدو ان موقف تركيا اتجاه المفاوضات المصالحة التي اشتركت فيها الحكومة السورية أصبح معتدلا.