عكار (شمال لبنان) 28 يناير 2016 / مع اقتراب انعقاد مؤتمر "جنيف 3" حول الأزمة السورية ينظر النازحون السوريون بشمال لبنان إلى جنيف الجديد بحذر ويعبرون عن قلقهم من تشابك التطورات الاقليمية والدولية على أرض بلادهم.
ويعبر هؤلاء عن قناعتهم بأن النزاع في سوريا تحول بعد نحو خمس سنوات الى صراع مصالح كبرى تتخذ من الشعب السوري وقودا لها.
ويعيش النازحون الذين التقتهم وكالة أنباء (شينخوا) في مخيم عشوائي بشمال لبنان في حالة من البؤس واليأس الشديد، كما يشعرون بأن الحل في سوريا بعيد وبالتالي فان اولوياتهم باتت في محاولة تحسين واقعهم في لبنان أو في خارجه.
ويقول النازح خالد ياسين (53 عاما) المقيم في مخيم "العبدة" للنازحين في منطقة "عكار" الحدودية مع سوريا بشمال لبنان إن "كل المؤتمرات التي تعقد تحت عنوان البحث في الأزمة السورية هي مضيعة للوقت حاليا."
ويؤكد خالد وهو أب لأربعة أولاد ل(شينخوا) أن "الولايات المتحدة والدول الغربية ومعها بعض الدول العربية هم من يملك قرار الحرب والسلم وهم لا يريدون ان تنتهي الأزمة في سوريا قبل تحقيق كل مطالبهم".
ويشير الرجل الذي كان يعمل في سوريا مدرسا لمادة التاريخ إلى خيمته ويقول "تركت سوريا قبل 4 أعوام بسبب المواجهات العسكرية في مدينتي "ادلب" وأقمت بداية في منزل مستأجر قبل ان انتقل إلى هنا بسبب نفاد مدخراتي المالية."
ويتابع "لست من مؤيدي النظام السوري ولست ايضا مع المنظمات الإرهابية أو مع تدمير سوريا كما يحصل اليوم."
ويوضح "كنت متفائلا بحلول سابقة ولكن الموضوع في سوريا تحول إلى صراع دولي تسعى من خلاله الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية إلى تأخير أي حل سياسي لا يكون منسجما مع مصالحهم".
ولايختلف كلام خالد عن كلام نازحين آخرين يعانون من تراجع مستوى معيشتهم في العامين الماضيين بسبب خفض مستوى التقديمات والمساعدات التي كانت تصل اليهم سابقا من مؤسسات وجمعيات عربية غير حكومية.
وتوضح النازحة آمنة وهي في العقد الخامس من عمرها أن سكان المخيم الذي يضم 40 خيمة ونعيش في هذه المنطقة الجبلية في الشتاء تحت رحمة الطبيعة ومعرضون للحوادث بسبب العواصف والامطار التي تجتاح مخيمنا ولا يوجد من يسأل عنا.
وتضيف "المفاوضات مسرحية والعالم بأسره لم يعد يكترث لمشاكلنا ودوله تريد في سوريا مايتناسب مع مصالحها في المنطقة وليس مع معاناة ملايين السوريين".
بدوره، يشير خالد العبد (50 عاما) إلى أن "حالة من اليأس والاحباط تسيطر على النازحين نتيجة تشابك التدخلات الخارجية التي أودت بالأزمة السورية إلى حرب مصالح دولية تجعلهم يخشون من اتساع المدى الزمني للحلول."
ويقول "عدونا اليوم هو البرد والصقيع فنحن لا نملك المال لشراء المواد الغذائية فكيف بشراء الحطب والمازوت للتدفئة؟" لافتا إلى أن "تقديمات الامم المتحدة والجمعيات باتت تتم بشكل خجول وشحيح."
ويؤكد أن "النازحين يشككون بجدية في الجهود المبذولة لحل الوضع في سوريا ويعتقدون أن طريق صفقة الحل مازالت طويلة ووعرة مما يدفعهم للتفكير في انهاء مأساة نزوحهم اما بالعودة إلى سوريا مهما تكن المخاطر أو بالهجرة إلى أوروبا أيا تكن مخاطرها."
من جهته، يقول المهندس النازح ناصر اسماعيل (40 عاما) "اقيم في خيمة منذ 4 سنوات منتظرا العودة فهل ينبغي أن انتظر دورة رباعية أخرى؟"
ويضيف "يستعدون اليوم لعقد دورة أخرى من المؤتمرات الدولية من اجل البحث عن حل للازمة السورية لكنهم في الواقع يكذبون اذ يريدون فقط حلا لمشاكلهم الناجمة عن الأزمة السورية."
ويتابع "الكل يأتي إلى المؤتمرات مع استمرار القتل والقتال والاشتباكات والمعارك حاملا الشروط اما مصير الملايين من النازحين فلا احد يبحث في شأنه".
ويشير إلى أن "حل الازمة في سوريا يتطلب قرارا جديا يطوي صفحتها عبر وقف فوري لاطلاق النار ولتأخذ المفاوضات ما تريد من زمن المزايدات والتنازلات لكن بدون سفك دماء السوريين."
ويستضيف الشمال اللبناني قرابة 250 ألفا من أصل مليون و200 الف نازح سوري مسجل لدى مفوضية الامم المتحدة للاجئين يعيشون وسط أوضاع صعبة ذلك أن 70 في المائة من النازحين هم تحت خط الفقر في وقت تعجز الحكومة اللبنانية عن تلبية متطلباتهم حيث يشكل وجودهم ضغوطا خدماتية واقتصادية وأمنية على البلاد.