بقلم/ تانغ جيان دوان، باحث في معهد دراسات الشرق الاوسط في جامعة اللغات الأجنبية بشنغهاي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، واذاعة صوت أمريكا وغيرهما من الوسائل الاعلام الامريكية الرئيسية تعاليق حول الجولة الجديدة من محادثات السلام السورية في جنيف تحت عنوان واحد ـ محادثات السلام السورية على وشك الانهيار . ومنذ أوائل عام 2012 الى الوقت الحاضر، تكرر المعارضة السورية الحاصلة على دعم الغرب والسعودية وتركيا نفس التصريح دائماـ محادثات السلام محكوم عليها بالفشل اذا لم يرحل بشار الاسد. وعلى العكس من ذلك، أكد بشار الأسد مرارا أن مستقبله يقرره الشعب السوري فقط.
وسائل الاعلام الغربية لم تتخذ أسلوب التهكم والسخرية والاستهزاء في الحديث عن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في سوريا مؤخرا مثلما حدث في استفتاء عام 2012 و2014، وأنما حرصت على التاكيد بشكل خاص على جملة واحدة :" بشار الأسد تم انتخابه في المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية". لكن على ما يبدو أن بعض هذه الوسائل الاعلامية نسيت الحقيقة الاساسية: أن في بلدانهم الديمقراطية يفوز المترشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات، فما الخطأ في اجراء الانتخابات البرلمانية في سوريا التي تسيطر الحكومة السورية على 60% من عدد السكان؟ والجواب عن السؤال يكمن في اصرار امريكا وحلفائها في الشرق الاوسط على عدم مشاركة بشار الأسد في اعادة البناء السياسي، لانهم يعرفون جيدا أن معظم الناس سوف يصوتون لبشار الأسد اذا ما رشح نفسه في الانتخابات. ولا تزال أمريكا حتى الآن متسمكة بموقفها اتجاه تغير النظام السوري، الا انه من المستحيل تسليم بشار الاسد السلطة من خلال المفاوضات، لذلك، انهيار محادثات السلام قادم عاجلا ام آجلا.
من ناحية أخرى، شن الجيش السوري مؤخرا هجوما على مواقع " جبهة النصرة" في جنوبي حلب والتي لم تدرج في قائمة اتفاق وقف اطلاق النار مثل تنظيم " الدولة الاسلامية" . ولكن " جبهة النصرة" لم تفتقر أبدا من المؤيدين، حيث أطلق الغرب وحلفائهم في منطقة الشرق الاوسط على هؤلاء الناس بـ " المعتدلين". وهذه المرة ليست استثناءا، فقد أطلق الجانبان معركة دامية مرة أخرى في مواجهة هجمات الجيش السوري. لهذا السبب، أعربت سامنثا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة عن صدمتها بعد اعلان الحكومة السورية عن هجماتها في حلب، وحثت روسيا على مطالبة الحكومة السورية بوقف الهجمات على حلب، ولكن لم تذكر أبدا عن التعاون بين " المعتدلين" والارهابيين. وولم تقدم أمريكا التي تقود مشاورات الرفيعة المستوى لمكافحة الارهاب الادانة الفعلية للارهاب في سوريا، ويمكن القول بصراحة أنها لا تأمل في أن تمتلك الحكومة السورية السيطرة العسكرية. ولان المفاوضات لا يمكن أن تعوق زخم هجوم القوات الحكومية، انهيار المفاوضات أمر ضمن التوقعات.
في الواقع، أمريكا مستعد لتنفيذ «الخطة ب» في حال عدم نجاح محادثات. ووفقا لتقارير وسائل الاعلام، تشمل «الخطة ب» جزئين: تقطيع أوصال سوريا عسكرياً، وتعزيز المساعدات العسكرية لدعم المعارضة السورية. وفي خطة تقطيع الاوصال، سيتم تقسيم سوريا الى ثلاث دول، دولة تسيطرعليه الحكومة السورية ، ودولة كردستان السورية، والدولة السنية اذا ما رفض بشار الأسد التنحي عن السلطة . وفي المقابل، فإن تقطيع اوصال سوريا لا يتم الا بالقضاء على ميزة القوات الحكومية السورية في الجو التي دعمها السلاح الجوي الروسي، ويعتبر توفير صواريخ أرض-جو للمعارضة السورية الوسيلة الفعالة الوحيدة للقضاء على هده الميزة. وفي وقت مبكر من عام 2013، قدمت امريكا مثل هذه التوصية بالرغم من معرفة هؤلاء الناس العلاقات بين المعارضة والمنظمات الإرهابية. واقترحوا تعقب تحرك الصواريخ لتفادي مشكلة وقوع الصواريخ في أيدي الارهابيين. وذكرت صحيفة 'وول ستريت جورنال' في الآونة الاخيرة، أن الحكومة الامريكية تدرس توفير مثل هذه الصواريخ للمعارضة، ولكن الان غير قادرين على تحديد ما اذا كان البيت الابيض سيقر ذلك. والامر الذي يمكن تاكيده هو أن حصول المعارضة المسلحة في سوريا على صواريخ أرض – جو سيكرر مشهد الحرب الافغانية عام 1980، في ذلك الوقت، نجحت القوات المسلحة في اخراج الاتحاد السوفيتي التي لم تحصل على دعم شعبي محلي باستخدام صواريخ أمريكا. واليوم، الغالبية العظمى من الشعب السوري تقف الى جانب الحكومة ومرحبين بالمساعدة الروسية.