بعقوبة، العراق 15 مايو 2016 /لجأت المناطق الريفية بمحافظة ديالى شرقي العراق إلى طريقة جديدة لتسويق منتجاتها من الالبان وخلق منافسة مع المستورد لانقاذ ثروتها الحيوانية التي انخفضت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
وقال المزارع حسن ساجد (74 سنة) يسكن قرية ابو طابا (34 كلم) شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى لوكالة أنباء (شينخوا) " كنت املك قطيعا من الابقار يبلغ 30 بقرة لكني اضطررت لبيع نصفه لعدم توفر الامكانيات المادية لتأمين العلف والادوية البيطرية لان أسعار بيع الحليب الخام رخيصة جدا".
وتعتمد أغلب مناطق محافظة ديالى الزراعية على بيع الحليب الخام عن طريق منافذ رئيسة في بعقوبة وباسعار زهيدة قبل عام 2003 لكن اغلبها اغلقت بسبب الظروف الامنية وانحسار تجارة الالبان التي تصنع من قبل معامل حكومية أو اهلية.
واضاف ساجد "شاهدت عن طريق الصدفة تقريرا في التلفزيون عن إحدى القرى الاوروبية كيف نجحت في استغلال الحليب في انتاج البان مختلفة وتأمين ايصالها إلى الزبائن بشكل مباشر وباسعار تنافسية، فاعجبتني الفكرة وطبقتها واستثمرت انتاج ابقاري بصناعة أنواع مختلفة من الالبان، بدأت تستقطب الكثير من الزبائن من الاقارب والمعارف ومن ثم انتشرت إلى الاحياء السكنية القريبة من القرية".
وأشار ساجد إلى أن اثنين من ابنائه "قصي وأحمد" (12 - 14 سنة) يقومان يوميا بنقل منتجات الالبان إلى الزبائن عن طريق الدراجات الهوائية، واصبح الناس يعرفونهما باسم "فتيان الالبان".
اما المزارع ابو مروان (53 عاما) الذي يسكن قرية زراعية قرب بعقوبة فيرى أن طريقة فتيان الالبان فكرة خلقتها الظروف الصعبة التي يمر بها مربو الماشية والاغنام بسبب قلة الدعم الحكومي وانتشار الامراض وعدم القدرة المالية على تأمين العناية بالحيوانات ما دفع الكثير إلى بيعها في السنوات الأخيرة.
وأفاد ابو مروان بأنه طبق طريقة "فتيان الالبان" قبل أشهر واعطت نتائج جيدة من ناحية المورد المادي لانه كان يبيع الحليب باسعار منخفضة وفي بعض الاحيان لايجري تسويقه بسبب كثرة المستورد المتوفر في الاسواق المحلية ورخص ثمنه.
وبين ابو مروان أن الحليب يجري استثماره في صناعة الالبان والمشتقات الأخرى في المنازل وفق طريقة جيدة ونظيفة مع توفير منتجات أخرى ومنها السمنة والاجبان بمختلف أنواعها ومن ثم يتم ايصالها إلى المنازل من خلال الفتيان على الدراجات الهوائية بشكل مباشر.
وأشار ابو مروان إلى أن الكثير من المناطق الزراعية التي تربي الماشية والاغنام بدأت بالاعتماد على طريقة فتيان الالبان في تسويق ما لديها من منتجات لانها طريقة مثلى في ترغيب الزبائن ومنافسة المنتج الاجنبي في الاسواق المحلية.
من جانبه، قال غزوان حيدر، صاحب محل لبيع المواد الغذائية شرقي بعقوبة "قبل اشهر لم يكن في المحل اي منتج محلي لان الاقبال منحصر على المنتج الاجنبي لكن الامر تغير مع بروز مايعرف بفتيان الالبان الذين يقومون بنقل منتجات القرى الزراعية من الالبان بمختلف انواعها إلى الاحياء السكنية في المدن الكبرى ومنها بعقوبة وتنامي معدلات الاقبال بسبب جودة المنتج وثقة الزبون به".
وذكر حيدر أنه بدأ بشراء منتجات الالبان التي تصنع في القرى لغرض بيعها في محله لوجود اقبال جيد عليها، معربا عن اعجابه بطريقة التسويق من قبل فتيان الالبان.
وكشف حيدر أن عملية التسويق من خلال فتيان الالبان وفرت فرص عمل لبعض الفتيان بالاضافة إلى انها امنت مصادر رزق للكثير من الارامل اللائي يعشن وضعا معيشيا صعبا للغاية.
إلى ذلك، قالت ام مريم ربة منزل في حي التحرير جنوب بعقوبة إن " الالبان التي تصنع في الارياف ذات جودة عالية جدا وهي افضل من المستورد بكثير وهي طازجة لان فترة مرحلة صناعتها ووصولها إلى الزبون لاتتعدى الساعات ".
وأضافت إن " وصول المنتج إلى البيت مباشرة حلقة مميزة في التسويق وهذا ما دفع الكثير من الاسر إلى اعتماده في تأمين احتياجاتها من الالبان بمختلف انواعها من صناعات القرى الزراعية القريبة ".
من جانبه، قال عبدالله قادر الشمري خبير زراعي " إن أسعار الحليب المحلية بسبب الاستيراد الخارجي متدنية جدا كما ان طرق التسويق التقليدية لم تعد تجدي نفعا وبالتالي فقدت الكثير من الزبائن ما دفع القرى إلى ابتكار مايعرف ب فتيان الالبان التي تبدو في جوهرها الرئيس هي تحديث لفن التسويق بما يتلائم مع احتياجات الاهالي ".
وبين الشمري ان خدمة الايصال المباشر للمنتجات خطوة مهمة اضافة إلى أن الاسر المنتجة للالبان اعتمدت على توثيق مبدأ الثقة مع الزبائن وهذا ما دفع الكثير من المزارعين إلى اعادة النظر بملف بيع قطعان الماشية والاغنام بعدما شعر بان هناك بابا جديدا للرزق بدأ يلوح امامه.
وتتميز محافظة ديالى بوجود ثروة حيوانية كبيرة تقدر اعدادها بمئات آلاف من الماشية والاغنام والابل والماعز اغلبها منتشر في جنوب وشرق وشمال شرق المحافظة ذات المناطق الزراعية المترامية الاطراف.