تونس 15 يونيو2016/أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة التونسية خالد شوكات أن اجتماعا وزاريا مصغرا طارئا سيعقد يوم الاثنين القادم للنظر في التراجع الخطير لقيمة الدينار في اسواق الصرف العالمية.
وأوضح المتحدث خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم (الأربعاء)، أن حكومة بلاده ناقشت اليوم المؤشرات الاقتصادية الخطيرة ، وخاصة منها "انهيار الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو، وقررت إتخاذ الإجراءات اللازمة والسريعة لوقف هذا الإنهيار".
وأثار التدهور المتواصل لقيمة الدينار التونسي أمام الدولار وبقية العملات الأجنبية فزع الأوساط المالية التي سارعت إلى التحذير من هذا التدهور الذي يعكس خللا في التوازنات المالية للبلاد، ستكون له تداعيات خطيرة، لاسيما على مستوى المديونية الخارجية التي تئن البلاد تحت وطأتها.
وكان محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري ، قد إعتبر خلال جلسة إستماع برلمانية، أن "تقهقر الدينار يختزل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه تونس"، لافتا إلى أن العمل يجري حاليا من أجل "التقليص قدر الإمكان من هذا التدهور الذي يشهده الدينار في الوقت الراهن".
وكشف العياري عن أن سعر صرف الدينار التونسي بلغ في العاشر من الشهر الجاري، 2.4379 دينار مقابل اليورو، و2.1399 دينار مقابل الدولار، وهي"مستويات قياسية لانخفاض الدينار مقابل العملات الدولية الكبرى"، على حد وصفه.
ولفت إلى أن ذلك التراجع ساهم في انخفاض احتياطي تونس من النقد الأجنبي، ليصبح خلال الفترة المذكورة يغطي 109 أيام فقط من الواردات التونسية مقابل 120 يوما خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ومنذ يناير 2011 وحتى العاشر من يونيو الحالي، انخفضت قيمة الدينار التونسي مقابل اليورو بنسبة 26.16%، وبنسبة 48.75 % مقابل الدولار، وهو تطور يوصف بـ"الكارثة" في تونس بإعتبار أن غالبية ديون تونس، ومعاملاتها التجارية الخارجية تتم بالدولار.
ومع ذلك، اعتبر محافظ البنك المركزي التونسي، أن "انحدار الدينار لا يمكن أن يمنعه قرار من البنك المركزي، في ظل تنامي العوامل التي أسهمت في تراجعه ومنها هشاشة الوضع الاقتصادي، وتقلص النمو والإنتاج".
ويحذر خبراء الاقتصاد من تواصل هذا الانزلاق الذي فسروه بعوامل خارجية وأخرى داخلية، فيما لا يخفي المتابعون لهذا الوضع الخطير، خشيتهم من إنعكاسات ذلك على حجم المديونية الخارجية للبلاد، وعلى مجمل التوازنات المالية، وخاصة منها تلك المرتبطة مباشرة بمعيشة المواطن العادي الذي يعاني منذ مدة من تراجع طاقته الشرائية بشكل لافت.
ويجمع الخبراء على أن تدهور قيمة الدينار سيفاقم قيمة الديون الخارجية، وفوائدها، وبالتالي ارتفاع قيمة الاقساط الواجب تسديدها، والتي ستقود مباشرة إلى توسع رقعة العجز في الميزانية العامة للدولة، لاسيما وأن البنك المركزي غير قادر على التدخل لضخ السيولة في سوق الصرف، لتعديل الأسعار، بما يوقف هذا التدهور.
وتفاقم العجز التجاري التونسي خلال الاشهر الخمسة الاولى من العام الجاري، لتصل نسبته إلى 9.46 % ، بالمقارنة مع النتائج المسجلة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وقال المعهد الوطني التونسي للاحصاء(مؤسسة حكومية) في بيانات إحصائية نُشرت اخيرا إن قيمة العجز التجاري التونسي بلغت في نهاية شهر مايو الماضي 5.134 مليار دينار(2.567 مليار دولار)، مقابل 4.691 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وأرجع هذا التفاقم الى تواصل انخفاض الصادرات التونسية بنسبة 2.6% ، حيث بلغت قيمتها 11.685 مليار دينار (5.842 مليار دولار)، مقابل 11.995 مليار دينار(5.997 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وترافق إنخفاض الصادرات التونسية مع ارتفاع الواردات بنسبة 0.8 % ، حيث بلغت قيمتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 16.820 مليار دينار (8.41 مليار دولار)، مقابل 16.687 مليار دينار(8.343 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي.