تحقيق إخبارى: طرابلس .. كبرى مدن شمال لبنان تحيي تقاليد رمضان التراثية

طرابلس، لبنان 18 يونيو 2016 / تحتفل طرابلس كبرى مدن شمال لبنان بأيام وليالي شهر رمضان المبارك بطريقة خاصة حيث تعيش هذا الشهر وفق عادات وتقاليد متوارثة جيلا بعد جيل.

وتعتبر المدينة التي تضم أثارا متنوعة تعود لعصور عدة محطة اساسية في لبنان وشماله لاقامة النشاطات الدينية والتراثية والتي تشارك فيها فرق من دول اسلامية عدة.

ويقول المؤرخ خالد تدمري لوكالة أنباء (شينخوا) إن محافظة المدينة على تقاليد الاجداد يجيء انطلاقا من كونها تاريخيا ثاني مدينة مملوكية بعد القاهرة.

وتزدان طرابلس واحيائها القديمة خلال الشهر المبارك بالزينة الرمضانية من فوانيس وقناديل كهربائية ولافتات واعلام وشرائط ملونة ذات طابع رمضاني.

وتعيش المدينة الواقع الروحاني والتراثي الذي يختزنه شهر رمضان بنشاطات وطقوس أبرزها "الاثر الشريف" وهو عبارة عن شعرة من لحية الرسول كان ارسلها السلطان عبد الحميد الثاني إلى المدينة كهدية لولائها للدولة العثمانية.

ويقول المؤرخ تدمري إنه "تم وضع هذه الشعرة في غرفة داخل المسجد المنصوري الكبير الذي يعود تاريخ تشييده إلى أكثر من 720 عاما ويتم اخراجها كل اخر اسبوع من شهر رمضان في احتفال ديني كبير حيث يتجمع يوميا المؤمنون القادمون من مختلف المناطق اللبنانية للتبرك بها".

وتشهد المقاهي الشعبية في طرابلس بعد صلاة العشاء والتراويح حفلات انشاد ديني تستمر حتى وقت متاخر، كما يفضل الكثيرون من الرواد تناول وجبة السحور في تلك المقاهي ومغادرتها عند آذان الفجر لأداء الصلاة.

وتنتظم في المدينة احتفالات دينية تشارك فيها فرق انشادية محلية وأخرى من مصر وسوريا، كذلك يروي "الحكواتي" الحكايا في بعض مقاهي المدينة قصصا عن تاريخها في مشهد يراد منه ابقاء ذاكرة المدينة حية في اذهان الجيل الجديد".

و"الحكواتي" هو شخصية مسرحية تمثيلية ترتدي الزي الشعبي وتحكي القصص المستوحاة من التاريخ العربي والاسلامي.

ويقول "الحكواتي" براق صبيح ل(شينخوا) وهو احد اعضاء جمعية "فنون متقاطعة" الثقافية أن الجمعية تدرب وتخرج شبانا للعب دور الحكواتي حفاظا على هذا التراث.

ويشير إلى انه في طرابلس عدد كبير من الاشخاص الذين يلعبون دور "الحكواتي" لأن هناك اقبالا من أهالي المدينة وزوارها على متابعة هذه الأنشطة التي قال إنها تتوسع خارج لبنان "وانا سوف اشارك في شهر رمضان في نشاطات في المغرب".

ويضيف "انا ارتدي الزي التراثي واقوم بزيارة المقاهي التي يكون هناك اتفاق بيني وبينها حيث اسرد قصص مستوحاة من التاريخ القديم مثل قصة "عنترة وعبلة" وحكايات "الف ليلة وليلة و"الزير سالم" وغيرها من القصص التي تنم عن القيم والاخلاق الحميدة".

ولا تقتصر الحفلات التراثية على طرابلس المدينة بل تتعداها إلى جزيرة "الأرانب" مقابل ساحل المدينة وتقول السيدة رولا معاليقي ل(شينخوا) أنها تحضر وعائلتها السهرات الرمضانية التي يفرض فيها ارتداء الأزياء الشعبية الشرقية والتي تقدم فيها الحلويات والعصائر التقليدية "بما يشعرك بالانتقال إلى حقبة زمان الأصالة".

وبدورها، تؤكد جنان المبيض إحدى العاملات في مجال تنظيم النشاطات الرمضانية في المدينة ل(شينخوا) أن "طرابلس تشهد منذ عدة سنوات سباقا لاحياء العادات والتقاليد الرمضانية التي كانت سائدة وقد نجحنا في تحويل هذه النشاطات إلى محطة لاستقطاب الزوار من مختلف المناطق اللبنانية".

وتضيف "معظم النشاطات تنظم في الأحياء الاثرية وفي قاعات جرى ترميمها ويعود عمرها إلى مئات السنين وتشارك فيها فرق دينية وتراثية فضلا عن مشاركة اصحاب الحرف والمهن التراثية والهدف هو تسليط الضوء على تاريخ المدينة وادخال اجواء البهجة والفرح لدى المواطنين".

وتوضح المبيض أن شخصيات دبلوماسية وثقافية باتت تزور طرابلس لمشاهدة الاحتفالات التي تنظمها فرق "الفتلة المولوية" الصوفية وفرق الانشاد الديني في احياء لتقاليد وطقوس عريقة ذات بعد ايماني.

من جهته، يؤكد امين فتوى طرابلس الشيخ محمد امام أن "طرابلس كانت وما تزال مدينة مؤمنة تحافظ على عاداتها وتقاليدها وعلى حسن الضيافة والاستقبال وأن شهر رمضان بالنسبة لابنائها هو للعبادة والعودة إلى الاسلام السمح والمحب".

وتابع "طرابلس ما زال كل شيء فيها على حاله منذ عشرات السنين حيث سيبقى رمضان الشهر المميز لدى الطرابلسيين، كما ستبقى عاداته وتقاليده وكل شعائره".

 ok