بكين 9 أغسطس 2016 / استخدم المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية دونالد ترامب اليوم (الثلاثاء) ورقة الهجوم على الصين مرة أخرى في محاولته الاخيرة لانقاذ شعبيته التي انخفضت. ولكن تصريحاته التحريضية خطيرة ومضرة ولا تقدم شيئا حقيقيا من أجل تحسين العلاقات مع الصين.
وادعى ترامب في خطبة القاها في ديترويت، تلقي الضوء على علاج اقتصادي له لمشاكل الاقتصاد الامريكي ان الصين "تكسر القواعد بكل طريقة يمكن تخيلها" فى تجارتها مع الولايات المتحدة وانها "مسؤولة عن حوالي نصف اجمالى العجز التجاري للبلاد."
وتعهد المطور العقاري السابق بدعم الاقتصاد الامريكي عن طريق كبح صادرات الصين إلى السوق الامريكي واعادة التفاوض حول قواعد التجارة العالمية، قائلا "الأمركة ستكون عقيدتنا الجديدة وليس العولمة".
ومن أجل زيادة اجتذاب ترامب للطبقة العاملة الكادحة في ولايات وسط غرب البلاد، هدد المستشارون الاقتصاديون له في وقت سابق باجراءات اكثر صرامة فى التجارة تشمل "حربا تجارية" محتملة مع الصين، ثانى أكبر كيان اقتصادي في العالم وأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.
وقد خان ترامب وفريقه موافقة الجمهوريين التقليدية على تجارة بدون قيود بالتضحية بالصين والتجارة الحرة العالمية بسبب اداء إقتصادي باهت. وفي توافق غريب، اتفق ترامب فى الرأى مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بشأن مواصلة واشنطن لسياسة الحمائية قصيرة النظر والسامة و"التصدى للصين" لتعويض الخسارة.
ولاعوام ظل الهجوم على الصين الورقة السهلة للمرشحين السياسيين الامريكيين لاستخدامها وإخفاء عقبات هيكلية اساسية فى البلاد. ورغم ذلك، تحتاج تسوية هذه المشاكل إلى المزيد من الاصلاحات الصعبة الذي لن يجرؤ احد من الطرفين اقتراحها مخاطرا بأن يهزم في الانتخابات.
ومع ذلك، ففى حالة تطبيق السياسات التى تحظى بشعبية ولكنها تظل حمائية، ستدفع الولايات المتحدة ثمنا اعلى من اجل اعادة العاملين فى المصانع إلى البلاد. وسيدفع فشلها في التركيز على بعض الجوانب التنافسية الحقيقية الدول الأخرى لاتخاذ اجراءات مضادة، ما سيؤدي إلى سياسات حمائية فى المقابل، بل وحروب تجارية في اسوأ الاحوال.
وقالت الغرفة التجارية الامريكية وهى داعم تقليدي للجمهوريين فيما يتعلق بالتجارة، إن موقف ترامب سيكلف البلاد فرص عمل امريكية تقدر ب3.5 مليون وستؤدي إلى ارتفاع الاسعار للمستهلك الامريكى بالاضافة الى اقتصاد اضعف.
وقد ثبت ان انتقاد الصين بسبب الفشل الاقتصادي الامريكي امر غير ذى جدوى. وعلى نحو مثير للسخرية، فإن الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة في الولايات المتحدة التي يحرص ترامب وهيلاري على ارضائها ستكون اول من يتضرر بسب الحواجز التجارية الامريكية ضد الصين.
وباعتباره المستفيد الرئيسى من التعاون متبادل النفع بين الصين والولايات المتحدة، اصبح الشعب الامريكى معتادا بشكل متزايد على استخدام المنتجات الصينية عالية الجودة والمناسبة لدخله. وبدون تجارة البلاد الكبيرة مع الصين لن يمكن الحفاظ على جودة الحياة للشعب الأمريكي وميزة التقدم التكنولوجى في سلسلة الصناعات العالمية.
واصبحت التصريحات الملتهبة الكارت الذي يستخدمه ترامب منذ بداية هذا السباق الانتخابي. ولكن هذا الملياردير نفسه لم يكن يستطيع ان يرى اعماله تزدهر بدون عقود من العلاقات مع الصين.
وقد اعتاد العالم على اجيال من الرؤساء الامريكيين الذين يشجبون الصين في السباق الرئاسي. ولكنهم غالبا ما يعيدون توجيه سياستهم تجاه الصين بمجرد استلام منصبهم ويحاولون تقوية العلاقات مع الدولة الاسيوية.
حدث هذا مع الرئيس الجمهورى السابق جورج دبليو بوش وبيل كلينتون زوج هيلارى الذي كان معاديا للتجارة ومع ذلك ابرم مع الصين معاهدة الدولة الاكثر تفضيلا، التي اسهمت جزئيا في الازدهار الاقتصادي الامريكى في تسعينيات القرن الماضي.
ونأمل ان يكون التهديد بشن حرب تجارية مع الصين الذي يتحدث عنه مرشحا الرئاسة الحاليان مجرد كلام. فمهاجمة الصين مشهد يتكرر كل اربعة اعوام، واصبح الان باهتا تماما. دعونا نامل ان يكون لدى مرشح الرئاسة فى المستقبل امور اكثر اهمية ليقولها حول العلاقات الامريكية مع الصين. فالناخب الامريكى يستحق أفضل من ذلك.