هانغتشو، الصين 4 سبتمبر 2016 /تستعد مدينة هانغتشو شرقي الصين لتقديم قمة عشرين أكثر خضرة من خلال مشروع غرس الأشجار لتعويض الانبعاثات الكربونية خلال الاجتماع ، ما يؤكد التزام البلاد بالنمو الأخضر.
ويتوقع من المشروع الذي يهدف إلى زرع أكثر من 22 هكتارا من الأشجار في ضواحي هانغتشو في الربيع المقبل على مدار الـ20 عاما المقبلة، أن يمتص كافة الغازات الدفئية المنبعثة خلال القمة، ما يجعل اجتماع هانغتشو أول اجتماع لقادة مجموعة العشرين يطبق مفهوم " الحياد الكربوني".
كما أنه يشهد على التزام الصين بالنمو الأخضر، وهو موضوع مهم على أجندة اجتماع قادة العشرين هذا العام، الذي يبدأ الأحد تحت عنوان " باتجاه اقتصاد عالمي مبتكر ونشط ومترابط وشامل".
-- نموذج للقضية الخضراء
وتطورت هانغتشو، التي ألهم منظر بحيرتها الغربية أجيالا من الرسامين والشعراء، إلى نموذج لجهود الصين لتعزيز النمو الأخضر.
ومن بين مشاريعها الصديقة للبيئة تفتخر المدينة بأكبر برنامج لمشاركة الدراجات في العالم بـ78 ألف دراجة موزعة على جميع أنحاء المدينة في نحو 2700 محطة.
وقال أحد المواطنين " هناك الكثير من دراجات المدينة، في وسط المدينة لا يمكنك أن تسير 5 دقائق على قدميك بدون رؤية واحدة".
في الوقت نفسه، من أجل تنظيف البيئة استخدمت حكومة المدينة تقنيات حديثة مثل استبدال حافلات الديزل بالحافلات الكهربائية.
وتستبدل هانغتشو حافلات الديزل منذ عام 2008. وحتى الآن، تشير الإحصاءات إلى نشر 22 ألف حافلة تعمل بالطاقة الجديدة على 90 بالمئة من طرق الحافلات بالمدينة، ما يضع هانغتشو في مقدمة تنمية النقل الأخضر.
وبفضل هذه الجهود، تمتعت هانغتشو في النصف الأول من عام 2016 بـ132 يوما جيد الهواء وتراجعت مستويات الجزئيات متناهية الصغر المعروفة باسم بي أم 7.7 بالمئة، وفقا للأرقام الرسمية.
-- أجندة النمو الأخضر
واعترافا بأهميتها الحيوية، اتفقت اقتصادات مجموعة العشرين في قمة عام 2009 على التخلص التدريجي من دعم النفط وغيره من الوقود الأحفوري النافث لثاني أكسيد الكربون على " المدى المتوسط" في جزء من جهود مكافحة الاحترار العالمي.
وأشاد المجتمع الدولي بالالتزام باعتباره انجازا عظيما، لكنه تعرض للنقد لعدم إحراز تقدم وغياب الحافز لسنوات. وتعلق الآمال على الصين التي تستضيف القمة لأول مرة في أن تعطي له دفعة.
وأدرجت بكين لأول مرة التمويل الأخضر على أجندة قمة الـ20 لحشد المزيد من الاستثمارات في المشاريع الصديقة للبيئة. إلى جانب ذلك، يتوقع أن يشكل التغير المناخي وغيره من المبادرات الخضراء جزء رئيسيا من الاجتماع.
وأكد جون كيرتون، المدير المشارك لمجموعة بحوث مجموعة الـ20 في جامعة تورنتو بكندا، أهمية النمو الأخضر كواحد من 3 مجالات يتعين على زعماء العالم في القمة تنسيق حوافز مالية لدعمه.
وقال لوكالة ((شينخوا)) " لو تم إنجاز ذلك، ستحقق القمة نجاحا كبيرا".
وفي الواقع، يؤكد الخبراء أن "القضية الخضراء مشتعلة الآن أكثر من أي وقت مضى".
وتأتي قمة هانغتشو في وقت يستمر الاقتصاد العالمي في نضاله على مسار الانتعاش الهش بالرغم من السياسات النقدية العدوانية والسياسات النقدية الفضفاضة التي وضعتها كل الاقتصادات المتقدمة تقريبا لتحفيز النمو.
ويقول الخبراء إن السعي لتحقيق نمو أخضر أكثر استدامة يعكس المشهد الاقتصادي العالمي المتطور ويصب في مصلحة الاقتصادات النامية والمتقدمة على حد سواء في مكافحة الركود الاقتصادي.
وقال سون يان هونغ، الباحث بمعهد الدراسات الأوروبية التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية مستشهدا بالتعاون الصيني مع اقتصادات أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، إنه" في الوقت الذي تسعى فيه الصين الى الدول المتقدمة مثل الموجودة في أوروبا من أجل التكنولوجيا والخبرة الخضراء، تتوقع الدول المتقدمة أيضا أن تستفيد من قدراتها التنافسية في التنمية الخضراء لتوسيع أسواقها".
في الوقت نفسه، تحتاج الكثير من الاقتصادات النامية نموا أكثر اخضرارا أيضا فضلا عن مساعدة الاقتصادات المتقدمة لها لتحقيق ذلك، وفقا للخبراء.
-- من الأجندة إلى الفعل
ولجعل مبادرة النمو الأخضر ممكنة، أقامت اقتصادات مجموعة العشرين فريق دراسة لتحديد تعريف وتفويض ونطاق التمويل الأخضر والتعرف على التحديات التي تواجه التمويل الأخضر ووضع خيارات طوعية أمام الدول لدراستها.
وعلى الرغم من الترتيبات التي تمت، إلا أن اجتماعا لا يمكنه أن يفعل الكثير لتحويل الاقتصاد العالمي من نموذج نمو رمادي الى أخضر وأقل كربونيا.
وقال تشن يوي لو، نائب محافظ بنك الشعب الصيني، إن إقامة آلية تمويل خضراء سليمة سوف يكون مشروعا منهجا يتطلب التنسيق بين السلطات المركزية والحكومات المحلية والمؤسسات المالية والشركات.
وأشار تشن إلى أن السلطات المركزية ستعزز البنية التحتية ذات الصلة وتحث الحكومات المحلية على إدراج التمويل الأخضر ضمن قوائم مهامها السنوية مع التحصن من المخاطر المحتملة لضمان الاستقرار المالي.
ولإعطاء الأجندة "الخضراء" دفعة كبيرة، أعلنت الصين يوم السبت، عشية قمة العشرين، مصادقتها على اتفاقية خفض الانبعاثات التي تم التوصل إليها نهاية العام الماضي في باريس.
وقال مقترح اعتمد في الاجتماع الختامي للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية صينية، إن التصديق على الاتفاق سيزيد "دفع التنمية الخضراء منخفضة الكربون للصين وحماية أمنها البيئي".
وأضاف أن التصدي للتغير المناخي من شأنه أن يساعد البلاد على تحقيق التنمية المستدامة.
وقبل الاجتماع أيضا، قالت الصين أنها ستقيم آلية تمويل خضراء لتسهيل انتقال الاقتصاد الى النمو المستدام لتصبح أول دولة في العالم تتخذ مثل هذه الخطوة.
وقال تشن إن " النمو الأخضر بات الآن جزء من استراتيجية التنمية الصينية والمطالب على التمويل الأخضر ستواصل النمو مع دخول الصين مرحلة حاسمة من إعادة الهيكلة الاقتصادية".