تعليق: معركة حلب تسخن اللعبة الروسية الامريكية في سوريا

توصلت أمريكا وروسيا قبل شهر إلى اتفاق يقضي بتوسيع وقف إطلاق النار في سوريا ليشمل مدينة حلب، ما بشر بالخير وبعث على بصيص التفاؤل، لكن خلال ما يقرب من اسبوعين تم اشعال نيران الحرب في حلب دمرت المدينة الاكثر اكتظاظا بالسكان في سوريا. وأن تصعيد الحرب في حلب في ظل اللعبة الامريكية الروسية في سوريا ، بلاشك سيزيد من تعقيدات الوضع في سوريا ، ومن المحتمل أن يقضي سكان حلب "شتاء بارد" تحت النار خلال الاشهر القليلة المقبلة.

تعليق محادثات وقف اطلاق النار وضع حلب في وقف حرج

علقت أمريكا يوم 3 أكتوبر الجاري المحادثات مع روسيا بشأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي في بيان: " القرار ليس سهلا"، " مؤسف أن روسيا لم تفي بالالتزامات ...... هي لا ترغب أو ليس لها القدرة على ضمان امتثال النظام السوري الى الترتيبات التي وافقت عليها موسكو سابقا." وبعد هذا القرار، ستوقف أمريكا وروسيا تبادلات الاستخبارات العسكرية والمعلومات أيضا، وانسحاب القوات الامريكية من "مركز العمليات المشتركة" الذي انشئ بالتعاون بين البلدين سابقا. وعلى النقيض من ذلك، حملت روسيا هذا الفشل على امريكا، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية:" أمريكا مستعدة للتعاون مع الشيطان ".

وقال ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا يوم 6 أكتوبر الجاري، وقف التواصل الروسي -الاميركي شكل انتكاسة خطيرة في سوريا. مضيفا، أن المنطقة الشرقية من حلب ستدمر بالكامل قبل عيد الميلاد هذا العالم إذا استمرت الاتجاهات الحالية.

ويعتقد الخبير في القضايا الدولية ما شياو لين ، أن الصراع بين بين النظام السوري والمعارضة المسلحة لحلب يهدف الى كسب الحصة للسلطة بعد وقف اطلاق النار. وقال في مقابلة صحفية مع مراسل صحيفة الشباب الصينية:" المنافسة في ساحة المعركة من أجل كسب الرأسمال للفوز في المفاوضات."

فشل اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا يبين الوضع العام للتنافس الروسي الامريكي في العالم

الجدير بالذكر أنه بعد أن أعلنت أمريكا تعليق المفاوضات مع روسيا بشأن القضية السورية، تصاعدت الاتهامات بينهما ورفع من مستوى الاخبار ذات الصلة على وسائل الاعلام .

قال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف يوم 4 أكتوبر الجاري أن منظومة صواريخ "أس 300" وصلت سوريا ، وذلك لتوفير سلامة القاعدة البحرية الروسية في طرطوس والسفن الحربية الموجودة بالمنطقة الساحلية السورية وحمايتها من الضربات الجوية.

ويعتقد ما شياو لين أن العلاقات الامريكية ـ الروسية حاليا دخلت " حرب باردة جديدة"، " وأصبحت سوريا احد ساحات اللعبة الروسية الامريكية ، ويعكس الوضع العام للمنافسة بين روسيا وامريكا." ويعتقد ايضا أنه على الرغم من أن امريكا في الانكماش الاستراتيجي في الشرق الاوسط حاليا، إلا أنها لا ترغب في فقدان المنطقة، لا تريد أن يكون الوضع برمته خارج نطاق السيطرة. ومن ناحية اخرى، استعادة روسيا قوتها في عهد بوتين، جعلها تبحث في استعادة نفوذها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في منطقة الشرق الاوسط .

سوريا قد تقضي شتاءا باردا بين نيران الحرب

تستمر اللعبة العالمية بين روسيا وامريكا على المدى الطويل . ويعتقد بعض المحللين أنه على المدى القصير، وخلال الاشهر القليلة القادمة، من الصعب أن تحقق الحكومات الحالية في روسيا وامريكا تعاونا جديدا في القضية السورية. 

تواجه روسيا حاليا وضعا جيوسياسيا غير مواتي للغاية. وفرنسا التي حققت توافق مع روسيا لتشكيل حلف دولي ضد تنظيم " الدولة الاسلامية" في العراق بدأ يشكك في السياسات الروسية في سوريا. بالاضافة الى ذلك، روسيا لا يمكن السيطرة تماما على حكومة الرئيس السوري بشار الاسد، وفي المقابل، لا يمكن لامريكا السيطرة تماما على المعارضة السورية، ما يزيد من عدم التيقن من الوضع في سوريا. ولذلك، ستواجه روسيا خلال الأشهر القليلة المقبلة ضغوط سياسية كبيرة.

ومع ذلك، فإن الضغط لن تشهده روسيا فقط وأنما امريكا ايضا. يعتقد ما شياو لين، أن العلاقات الامريكية السعودية تمر بمرحلة حرجة للغاية ، الى جانب المنافسة الشديدة في الانتخابات الرئاسية الامريكية ، والجهود الامريكية المبدولة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وأخذ اوباما من غير قصد الكثير من الجهد في التعامل مع القضية السورية .

وقال ما شياو لين :" بلغت المنافسة بين روسيا وامريكا في الوقت الراهن الى مرحلة الجمود، وهذا يعزز الوضع المتأجج ويجعل الوضع في سوريا غامض جدا وغير مؤكد."