مدينة سولت ليك، الولايات المتحدة 16 نوفمبر 2016 / في عالم الحوسبة فائقة الأداء، حققت الصين "تقدما هائلا" وباتت الآن بالفعل "منافسا حقيقيا" للولايات المتحدة ولكنها مازالت بعيدة عن أن تصبح قوة في الحوسبة الفائقة، هكذا قال أحد أفراد فريق إعداد تقرير (توب 500) المختص بتصنيف أقوى الحواسيب في العالم في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)).
ووفقا لأحدث التصنيفات التي صدرت هذا الأسبوع في مدينة سولت ليك، تم تسمية الحاسوب الصيني (صنواي تيانهولايت)مرة أخرى كأسرع حاسوب فائق في العالم، وهي المرة الثامنة على التوالي الذي تأتي فيها آلة صينية الصنع في صدارة تقرير (توب 500) نصف السنوي. وتمتلك الولايات المتحدة النظام رقم 3 ويسمى (تيتان) المتخلف كثيرا عن الحاسوب (تيانهولايت) ونظام صيني آخر يطلق عليه اسم (تيانخه-2) من حيث أداء العمليات الحسابية.
كما تعادلت الصين مع الولايات المتحدة في إجمالي عدد الحواسيب الفائقة، حيث تمتلك كل منهما 171 نظاما. وتفوقت الصين على الولايات المتحدة في هذه الفئة في القائمة السابقة التي أعدت في يونيو، لتصبح هذه هي المرة الأولى في تاريخ القائمة التي تفقد فيها الولايات المتحدة لقبها كأكبر مستخدم لأنظمة الحوسبة فائقة الأداء.
وفي مقابلة أجرتها معه ((شينخوا))، قال هورست سايمون نائب مدير مختبر لورانس بيركلي الوطني الأمريكي الذي يقوم بإعداد قائمة (توب 500) منذ 23 عاما مع ثلاثة من زملائه من الولايات المتحدة وألمانيا، قال إن قصة تطوير أنظمة الحوسبة فائقة الأداء في الصين لا تتعلق بالحاسوب الفائق فحسب، وإنما تتعلق أيضا بالبنية التحتية الشاملة لصناعة أشباه الموصلات في الصين.
وأشار سايمون، وهو خبير يحظى باحترام كبير في علوم الكمبيوتر والرياضات التطبيقية، إلى العجز التجاري السلبي الضخم للصين في أشباه الموصلات، وهو عجز يعتقد أنه قد يعرض تطوير أنظمة الحوسبة الفائقة الصينية بصورة أكبر لخطر كبير.
وقال إن "الصين تستورد الكثير من أشباه الموصلات. وإذا نظرتم إلى اليوم، ستجدون أن أشباه الموصلات في كل مكان، وتدخل في أي نوع من المنتجات الصناعية"، مضيفا "ولهذا إذا كانت الصين تطمح إلى تحقيق نمو في تصنيع بضائع متطورة، فإنها تحتاج بوضوح إلى ضخ الكثير من الاستثمارات في أشباه الموصلات حتى يصبح لديها إنتاج محلي أكبر من أشباه الموصلات. اعتقد أنها مسألة كبيرة. فالحوسبة الفائقة ليست سوى قطعة واحدة فقط من إستراتيجية شاملة".
ولدى تسليطه الضوء على أهمية الحواسيب الفائقة بالنسبة للبحث العلمي والقدرة التنافسية الاقتصادية والأمن القومي، لفت سايمون إلى أن الصين قد ضخت الكثير من الأموال في هذه التكنولوجيا منذ عام 2001، وهو العام الذي كانت فيه أنظمة البلاد مجرد صفر في قائمة (توب 500).
ورغم أن هذه الاستثمارات الضخمة دفعت صناعة أنظمة الحوسبة فائقة الأداء إلى "مرحلة تنافسية للغاية"، إلا أن البلاد ربما عليها أن تقطع طريقا طويلا إذا ما كانت تعتزم أن تصبح قوة في الحوسبة الفائقة، حسبما أشار سايمون.
وذكر سايمون إن "الحوسبة الفائقة تعد نظاما بيئيا ككل، فهي تتألف من أجهزة وبرامج وتطبيقات وتعليم وبنية تحتية و(جهود) لتنشئة جيل قادم من العلماء، واعتقد أيضا جاهزية محددة في الجامعات والمعاهد البحثية والشركات المنخرطة في هذا المجال".
وتابع بقوله "من الصعب للغاية القيام بالعديد من الأشياء المختلفة في وقت واحد... لهذا أظن أن الأمر سيستغرق فترة أطول قليلا . بمعني إن الصين مازال أمامها عدد من الأشياء التي يتعين عليها إنجازها".
ومن بين هذه الأشياء المختلفة،نال التقدم الذي أحرزته الصين في تطبيقات أنظمة الحوسبة فائقة الأداء إعجاب الخبير الأمريكي الذي استحضر في ذهنه فترة عدم توافر تطبيقات لـ(تيانخه- 1 أيه) الصيني في عام 2010 عندما أصبحت هذه الآلة أول نظام صيني يتصدر قائمة (توب 500).
وأضاف سايمون "عندما أعلن عن نظام تايهولايت (في يونيو من هذا العام)، طرحت العديد من عروض التطبيقات وهي عروض جيدة جدا، وقد أخبرنى الصينيون أن الكثير من العلماء الصينيين صاروا الآن يتعلمون بصورة أسرع كيفية استخدامه في الهندسة المعمارية".
وقال "لهذا أظن أن الأشياء حققت تقدما كبيرا، وربما لا تزال هناك بعض الأشياء الأخرى التي لم تنجز، ولكن من الواضح أنه في ضوء وجود الأجهزة والتطبيقات والبنية التحتية وتوفير الكثير من الدعم، حققت الصين تقدما هائلا تجاه استخدام الحواسيب الفائقة".
كما تجدر الإشارة إلى أن الصين لديها أربع شركات من بين أكبر عشر شركات موردة في القائمة وهي لينوفو، سوجن، وانسبور، وهواوي. وقد باعت هذه الشركات في المجمل 173 نظاما، وهو ما يمثل ثلث القائمة.
و"أظن أن الأمر الذي نتشوق إلى رؤيته في العامين المقبلين هو الكيفية التي ستبيع بها هذه الشركات منتجاتها ليس فقط في السوق الصينية المحلية، وإنما في السوق العامة العالمية. هذا شئ اعتقد أننا من المحتمل أن نشهده في قائمة (توب500) قريبا جدا وستحقق فيه هذه الشركات أيضا ناجحا خارج الصين"، هكذا توقع سايمون.