الدوحة 16 ديسمبر 2016 /شهدت التبادلات بين الصين وقطر في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها تطورا سريعا بعدما طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 المعروفة اختصارا بـ "الحزام والطريق" في عام 2013.
وخلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للصين في عام 2014 بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ, توصل البلدان في البيان المشترك إلى توافق واسع يشمل إقامة علاقات تعاون إستراتيجي طويلة الأمد وشاملة في مجال الطاقة والطاقة البديلة،وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال إنتاج وتصنيع النفط والغاز الطبيعي،وتشجيع الأجهزة الحكومية المختصة والمؤسسات المعنية بالبلدين على توقيع وتنفيذ اتفاقيات التعاون في مجال إمدادات الطاقة.
ويؤكد الجانبان الصيني والقطري على أهمية إنشاء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21"، ويرحب الجانب الصيني بمشاركة قطر الفعالة في بناء "الحزام والطريق" لتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك.
واستفادة من مبادرة "الحزام والطريق", زادت قوة التعاون والتبادلات بين البلدين, فضلا عن قيام فرع بنك الصناعة والتجارة الصيني في العاصمة القطرية الدوحة- بتفويض من بنك الشعب الصيني(البنك المركزي)- بفتح أول مركز مقاصة للعملة الصينية (الرنمينبي) في منطقة الشرق الأوسط في إبريل 2015، ليصبح بذلك المركز الأول على مستوى المنطقة الذي يقدم خدمات التسوية المالية بالعملة الصينية، وهو ما يسهم في زيادة الفرص المتاحة لتوسيع العلاقات التجارية وتنشيط الاستثمارات بين الصين وقطر.
وبدوره أكد الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي أن استضافة الدوحة لهذا المركز ستساهم في توفير الأرضية اللازمة لضمان إحراز الدولة لإمكاناتها الكاملة وتعزيز العلاقات التجارية ما بين المنطقة والصين وتحفيز الاستثمار بالعملة الصينية بين الدول، وتعزيز فرص التمويل المؤسسي، وبالتالي تطوير وتوثيق العلاقات التجارية والاقتصادية ما بين الصين والمنطقة.
وفي الواقع "لا تعود مبادرة الحزام والطريق بالفائدة على الصين فقط، بل تقدم أيضا تسهيلات ومساهمات مالية تساعد على دفع التنمية الاقتصادية للدول العربية وتعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية والصين"، هكذا قال المدير العام لشركة الأثاث الذكية القطرية عادل اليافعي لوكالة أنباء ((شينخوا))، موضحا أن شركته بدأت بتوسيع أعمالها في قطر رغم هبوط أسعار النفط الدولية والركود الاقتصادي العالمي، وذلك بفضل السياسات التحفيزية القطرية وإقامة علاقات وثيقة مع هذا المركز والشركاء الصينيين العاملين في قطر.
ومن أجل دفع التبادل التجارى, ينظم الجانبان الصيني والقطري معرضا سنويا يحمل اسم "صنع فى الصين" في الدوحة منذ عام 2015 وقد جذبت المنتجات الصينية المعروضة فيه من مختلف المجالات أنظار زوار المعرض.
وأشار الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر إلى أن "معرض صنع في الصين يمثل فرصة هامة للوقوف على أهمية التداول بالعملة الصينية في التجارة والاستثمار، كما أنه فرصة للتعرف على السلع والخدمات الصينية ويساهم في تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين ودول المنطقة".
وقد تجسد تعزيز التعاون بين الشركات الصينية والقطرية تحت إطار الحزام والطريق مع فوز شركة بناء السكك الحديدية الصينية الدولية المحدودة بعقد بناء الإستاد الرئيسى لكأس العالم 2022 في مدينة لوسيل القطرية الذي سيستضيف المباراتين الافتتاحية والختامية لبطولة كأس العالم، وتقدر قيمته بـ767 مليون دولار، بالتعاون مع مؤسسة قطرية.
وفي هذا الصدد، قال حسن الذوادي الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث المنظمة للبطولة إن "ترسية عقد المقاول الرئيسي تمثل خطوة مهمة في طريق إنجاز هذا الصرح الرياضي الكبير"، مضيفا أنه "في فترة ما بعد البطولة، سنعيد تهيئة الأستاد ليستفيد منه القطاع الخاص ويتحول إلى وجهة رئيسية لسكان مدينة لوسيل".
واستجابة لمبادرة الحزام والطريق, قرر الجانبان الصيني والقطري تحريك أنشطة وفعاليات العام الثقافي الصيني القطري حسب التوافق الوارد في البيان المشترك الذي توصل إليه البلدان خلال زيارة أمير قطر للصين ويشمل ذلك دعم الجانبين لإقامة الأنشطة والفعاليات في إطار "العام الثقافي الصيني القطري 2016" . كما تدعم دولة قطر استضافة الصين للألعاب الأولمبية الشتوية عام 2022.
ووفقا لتخطيط وضعه الجانبان الصيني والقطري، عقدت على هامش العام الثقافي الصيني القطري 2016 مجموعة من الفعاليات والأمسيات التي تلائم كافة أطياف المجتمع في الصين وقطر، حيث نظم الجانب الصيني سلسلة فعاليات وأنشطة تعكس الخصائص والتقاليد الصينية،شاهد خلالها المواطنون القطريون معروضات صينية نفيسة في معارض بارزة أقيمت ضمن برنامج حافل بفعاليات ثقافية تقام على مدار العام.
وفي سبتمبر من العام الجاري، افتتح في متحف الفن الإسلامي القطري معرض كنوز من الصين سيستمر حتى يناير 2017 وتعرض فيه 11 قطعة من باقة متنوعة من كنوز الحضارة الصينية. ويأتى تنظيم هذا المعرض بعد النجاح الكبير الذي حققه معرض "ماذا عن الفن؟ فن معاصر من الصين!" ومعرض "حرير من طريق الحرير".
وقد افتتح معرض "ماذا عن الفن؟ فن معاصر من الصين!" في الفترة ما بين 14 مارس و16 يوليو 2016 بالدوحة،وعرضت فيه أعمال فنية صينية لبعض الفنانين الذين خصص لكل منهم جناح منفرد يعكس لغته وطريقته الإبداعية المميزة.
أما معرض "حرير من طريق الحرير" فقد أقيم من 2 إلى 5 نوفمبر 2016 بالدوحة وهدف إلى استعراض تاريخ الحرير وأهميته الثقافية التي يحظى بها منذ آلاف السنين، كما أتاح للزائرين فرصة الاستمتاع بجمال الحرير الصيني المعاصر.
كما افتتحت قطر في 28 سبتمبر 2016 معرضا للؤلؤ في المتحف الوطني الصيني ببكين استمر لمدة خمسة أيام ضمن أنشطة العام الثقافي الصيني القطري 2016، حيث احتوى المعرض على 130 قطعة نادرة من مجموعة متاحف قطر إلى جانب تحفة صينية مدهشة من مجموعة المتحف الوطني الصيني ترجع إلى العصر الإمبراطورى. كما يبرز المعرض الأهمية التي يتمتع بها اللؤلؤ الطبيعي في الدول الخليجية باعتباره أحد المكونات الرئيسية في تاريخ هذه المنطقة.
وحسب الأرقام الرسمية القطرية، بلغت الاستثمارات الصينية في قطر نحو 65 مليون دولار خلال عام 2015، وارتفعت هذه الاستثمارات بنسبة 80 % مقارنة بعام 2014، كما أن هناك استثمارات قطرية في مجال الأوراق المالية في الصين.
وتعتبر الصين ثاني أكبر الدول المصدرة لقطر ورابع أكبر شريك تجاري لها بين دول العالم؛ حيث تجاوز التبادل التجاري بين البلدين 33 مليار ريال (الدولار الأمريكي الواحد يساوى 3.64 ريال) خلال العام الماضي 2015. وقد تضاعف التبادل التجاري بين البلدين 26 مرة خلال عشر سنوات حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2004 نحو 400 مليون دولار أمريكي فقط.
ومن المتوقع أن تشهد التبادلات التجارية والاقتصادية بين البلدين نموا ملحوظا تماشيا مع تعميق مبادرة "الحزام والطريق".