الخرطوم 22 فبراير 2017 /لوحة دراسية ومقاعد للجلوس في الهواء الطلق، تشكل مجتمعة مدرسة مفتوحة أقامتها منظمة طوعية وسط العاصمة السودانية الخرطوم مستهدفة تشجيع الأطفال المشردين في الشوارع على التعلم مقابل تقديم وجبات غذائية لهم.
وتقع المدرسة التي أنشأتها منظمة "مجددون" الخيرية السودانية على قارعة الطريق بشارع النيل وسط الخرطوم.
وتشير احصائيات سودانية رسمية الى أن عدد الأطفال المشردين في الخرطوم وحدها يبلغ أكثر من ستة آلاف ، في حين تقول منظمات معنية إن العدد بلغ أكثر من 13 ألف مشرد.
ويعانى هؤلاء الأطفال من أوضاع بائسة كونهم يتخذون من الشوارع والمباني المهجورة سكنا، كما يتعرضون لأنواع من العنف الجسدي والنفسي، وفوق ذلك فانهم لا يجدون حظا في التعليم.
وتستهدف المدرسة المشردين أو أطفال الشوارع من خلال اغرائهم بتوفير وجبات غذائية مقابل الالتحاق بها.
وقال مدير منظمة "مجددون" فارس النور ابراهيم، ان "المشروع يهدف الى تأهيل شريحة أطفال الشوارع وتعليمهم واعادة دمجهم في المجتمع وايجاد وظائف أو فرص عمل لهم".
وأضاف ابراهيم لوكالة أنباء ((شينخوا)) التي زارت المدرسة اليوم "بدأنا مع هذه الشريحة بطرق مختلفة واعتمدنا أولا على سياسة التحفيز بالطعام ، وبعد أن تلقينا استجابة منهم أنشأنا المدرسة المفتوحة".
والمدرسة مكونة فقط من سبورة (لوحة تعليم) ومقاعد للجلوس وفي الهواء الطلق ، بحسب ابراهيم.
وتابع مدير المنظمة "نجحنا فى استقطاب الأطفال المشردين من خلال استراتيجية الغذاء مقابل التعليم".
ومنظمة "مجددون" منظمة خيرية غير حكومية تأسست عام 2010، من أجل دعم المجتمع السوداني.
وتركز برامج "مجددون" على مجالات التربية والتعليم والتنمية المستدامة ومحاربة الفقر.
وبدأت المدرسة المفتوحة قبل شهرين ، وتستوعب حتى الآن نحو 110 طلاب من أطفال الشوارع بالعاصمة السودانية الخرطوم.
وأوضح مدير منظمة مجددون أن غالبية الأطفال المشردين الذين التحقوا بالمدرسة المفتوحة مدمنون ، ويتعاطون مادة "السلسيون" ، وهي عبارة عن مادة بتروكيمائية لزجة عالية التماسك أنتجت أصلا لمعالجة الثقوب الصغيرة في عجلات الدراجات الهوائية.
ولهذه المادة القدرة على احداث حالة تخديرية في المستنشق، ويتعاطاها المشردون في السودان بديلا للمخدرات والمسكرات، وتعتبر الأرخص سعرا والأسهل تناولا.
وقال ابراهيم ان "هؤلاء المشردين في غالبيتهم مدمنون على السلسيون ويتخذون من مجاري الصرف الصحي سكنا".
وأضاف قائلا "نحن نسعى الآن لاقامة مخيم لهم يسع نحو 400 طفل، والهدف أن يكونوا معنا لأطول فترة ممكنة حتى نساعدهم على الاقلاع عن ادمان السلسيون".
ولم يخل الأمر في البداية من صعوبات جرى التعامل معها بالتدريج حتى تغير الوضع الى الأفضل، بحسب كوثر بكري صديق وهي معلمة في المدرسة المفتوحة.
وقالت كوثر "عندما بدأنا تعليم هؤلاء الأطفال واجهنا صعوبات في بادئ الأمر كونهم أطفال شوارع ومشردين ومدمنين ، كنا نخاف منهم، وكانت تنبعث منهم رائحة السلسيون وهي رائحة نتنة".
وأضافت "شيئا فشيئا تعلمنا كيفية التعامل معهم، استطعنا أن نقنعهم بعدم تناول السلسيون أثناء فترة الدراسة، هناك استجابة واسعة الآن، أصبحنا جزءا منهم، واستطعنا تعديل سلوكيات سالبة كثيرة".
ويرى محمود، وهو أحد الأطفال المشردين الذين التحقوا بالمدرسة المفتوحة، أن تغييرا كبيرا طرأ على حياته منذ أن التحق بالمدرسة.
وقال محمود لوكالة أنباء ((شينخوا)) "تعلمت هنا الكثير، تعلمت الرياضيات والكتابة والقراءة وشيئا من اللغة الانجليزية".
وأضاف "كنا نعيش فى الشارع ، والآن نتلقى تعليما فى المدرسة المفتوحة، وكنا نعيش في المجاري والآن سننتقل الى مخيم بجوار شاطئ النيل، نحن نشكر منظمة مجددون على الخدمات التي تقدمها لنا".
ورغم ما تبذله الجهات الرسمية السودانية من جهد، الا ان ظاهرة التشرد في السودان في تزايد مستمر، وهو ما دفع الكثير من الجهات الى المطالبة بمنهج مختلف مع الظاهرة ومسبباتها والحد من افرازاتها السالبة.
ويرجع خبراء سبب تشرد الأطفال إلى الحروب الدائرة في السودان ولاسيما في مناطق دارفور غربي السودان ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية في السودان.