بكين 8 مايو 2017 / جاء سون جيان شنغ إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 10 سنوات، مع ذلك فإن أعماله التجارية بدأت تقلع قبل عدة سنوات فقط، وذلك عندما قرر زراعة الخضروات في الصحراء.
وبدأ عمله من متجر صغير. وبعد سنوات من العمل الشاق، تم توسيع أعماله التجارية للمتجر لتشمل التجارة الالكترونية وواردات المواد الغذائية وصادراتها. وعلى الرغم من حصوله على موطئ قدم في قطاع الأعمال التجارية المحلية، فإن سون كان ما يزال يشعر بأنه غير راض.
وفي وقت لاحق، وجد الفرصة في زراعة الخضروات.
ويتكون المطبخ المحلي في الإمارات العربية المتحدة بشكل أساسي من الأطباق المشوية والمقلية، مع خيارات محدودة جدا من الخضروات. وهذا الطعام بالكاد يكون مستساغا بالنسبة لأناس من الصين. الخضروات المستوردة غالية وليست طازجة. وغالبا ما تضاف المواد الحافظة لنقل وتخزين هذه الخضروات، مما يجعلها غير صحية، على حد تعبيره.
ومن أجل تزويد الصينيين المحليين بالفواكه والخضروات الصينية الأصلية والصديقة للبيئة، قررت شركة سون في عام 2012 الاستثمار بكثافة لبناء مزرعة خضروات عضوية في صحراء نزوى.
الجو في دبي حار وجاف، مع نسبة هطول أمطار تبلغ 100 ملم سنويا فقط. وزراعة الخضروات في الصحراء يتطلب استثمارات كبيرة وصعبة للغاية. وحاول صديق لسون إقناعه ذات مرة بالعدول عن الموضوع.
فأجابه قائلا "سأحاول بذل قصارى جهدي طالما قررت ذلك مهما كان الأمر صعبا".
وبينما كان سون يهتم بمزرعته في حرارة الصحراء الخانقة، كان نوردينوف نيزوميدين، وهو مزارع، على بعد آلاف الكيلومترات في مدينة أوش في جنوب قيرغيزستان، مشغولا بالعمل أيضا تحت أشعة الشمس الحارقة في حقول القطن.
وباختلاف عن الظروف الطبيعية القاسية في دبي، فإن أوش تتمتع بمناخ جيد وموارد مائية وفيرة، مما يجعلها منطقة هامة لإنتاج القطن.
وباعتباره رجلا ثريا مع بعض الشهرة في المنطقة المحلية، فإن نوردينوف يكسب 40 ألف دولار سنويا، وهذا ليس رقما صغيرا مقارنة بمتوسط الأجر الشهري البالغ 200 دولار أمريكي هناك.
وعلى الرغم من الظروف الطبيعية المواتية، فقد قال نوردينوف إن تكنولوجيا الصين الخضراء هي ما جلبت الثروة.
في الماضي، جاءت تكنولوجيا زراعة القطن من الاتحاد السوفيتي، مع إنتاج بلغ حجمه 3 أطنان فقط للهكتار الواحد. لاحقا ، جاء فنيون صينيون من معهد بحوث القطن التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية إلى قيرغيزستان للترويج لتكنولوجيا زراعة القطن. وتمكنوا من العثور على أكثر البذار ملائمة للزراعة، استنادا إلى الظروف الطبيعية المحلية. وأحضروا جزازة لإزالة الأعشاب الضارة للحد من كثافة اليد العاملة، وآلات بذر أكثر تقدما لتوفير البذور. كما قاموا بقياس وتحليل التربة لتوفير أسمدة أكثر دقة وفعالية.
في البداية، كان السكان المحليين متشككين بأن التكنولوجيا الصينية لزراعة القطن ستتفوق على تلك القادمة من الاتحاد السوفيتي. إلا أن نوردينوف اختار أن يجربها وتلقى التوجيه الفني من المهندسين الزراعيين الصينيين. وما أثار دهشته أن إنتاج حقول القطن خاصته ارتفع من 3 أطنان إلى 5 أطنان. في الوقت الحاضر، تم تطبيق تكنولوجيا زراعة القطن الصينية على حقول قطن تبلغ مساحتها 10 آلاف هكتار في المناطق المحلية.
وقال نوردينوف "إننا نثق الآن في التكنولوجيا الصينية ونود كثيرا التعاون مع المهندسين الزراعيين الصينيين".
وبطريقة مماثلة، وجدت أسرة راجاراتنام في سريلانكا أيضا مسار التنمية الخضراء باستخدام التكنولوجيا الصينية.
وتعيش أسرة راجاراتنام، التي تقطن في بوتالام، وهي بلدة صغيرة في جنوب غرب سريلانكا، على زراعة البصل. وكانت الأسرة تستخدم مولدات الديزل للري، وهو ما شكل عبئا ماليا ثقيلا عليها. كما اضطروا إلى تحمل الضوضاء العالية والانهيار المتكرر لمولدات الديزل.
ويستذكر راجاراتنام، وهو يهز رأسه، "لقد كان يتصاعد دخان كثيف من المولد، الأمر الذي كان يسبب لي صداعا قويا".
وأحدثت محطة بوتالام لتوليد الطاقة، العاملة بالفحم، والتي شيدتها شركات صينية، وبدأت عملها في سبتمبر الماضي، تغييرات هائلة بالنسبة لعائلة راجاراتنام.
ومثل العديد من السكان المحليين، عثرت زوجة راجاراتنام على وظيفة في المحطة بأجر شهري قدره 18 ألف روبية (133 دولارا أمريكيا). والأهم من ذلك، قامت محطة توليد الطاقة بتوفير تيار كهربائي مستقر، مما أدى إلى خفض تكلفة الكهرباء من 20 ألف روبية (148 دولارا أمريكيا) لكل فدان شهريا إلى 3 آلاف روبية (22 دولارا أمريكيا). وبتشجيع من التوفير في التكاليف، يدرس راجاراتنام زرع المزيد من المحاصيل، مثل التبغ والبابايا والبطيخ. وفي الوقت الحالي يقوم بتوسيع منزله، حيث قال إن "حياتنا أصبحت أفضل".
وشعر السكان المحليون بالقلق إزاء الآثار البيئية المحتملة لبناء المحطة، وكان من بين المشكلات الرئيسية كيفية التعامل مع الرماد المتطاير، وهو نتيجة ثانوية لحرق الفحم.
وقال لاكمار، المسؤول عن مختبر الرماد المتطاير التابع لشركة طوكيو للإسمنت (لانكا)، وهي إحدى كبار المشترين الذين يشترون 43 في المائة من الرماد المتطاير المنتج، "لقد استفدنا بشكل كامل من نفايات مثل الرماد المتطاير لتحقيق فوائد".
قبيل إنشاء محطة توليد الكهرباء، كان لا بد من استيراد الرماد المتطاير اللازم في سريكلانكا من الهند. وحاليا لا تشكل كمية الشراء إلا ثلث ما كانت عليه من قبل.
ولفت راجاراتنام إلى أن المحطة لم تسبب أي أضرار بالبيئة، كما أنها عززت تنمية الزراعة الإيكولوجية بفضل توفير إمدادات كافية من الكهرباء وتخفيض تكاليف الطاقة.
في الواقع، عندما بدأ سون جيان شينغ بناء مزرعته، التزم بمفهوم المحافظة على البيئة والاستزراع الجيد والتنمية المستدامة.
ومن أجل زرع فواكه وخضار لا تتناسب مع مناخ حار، حصل سون على ترخيص خاص من حكومة دبي لحفر ست آبار عميقة مع متوسط عمق يزيد عن 100 متر لسحب مياه جوفية لأغراض الري. وكفلت تكنولوجيا الري بالتنقيط الاستفادة القصوى من كل قطرة ماء.
كما أنشأ محولات لتوصيل الكهرباء إلى دفيئات زراعية مبردة بالماء، تتميز بدرجة حرارة جرى التحكم بها بعناية، وهو ما يشكل أمرا اقتصاديا وموفرا للطاقة. كما تم استخدام روث البقر والإبل تم جلبها من مزارع ماشية محلية كأسمدة.
بعد سنوات من العمل الشاق، تمتد مزرعة سون على مساحة إجمالية قدرها 87 ألف متر مربع، وتضم 20 من الدفيئات الزراعية المبردة بالماء، وأكثر من 100 متر مربع من المستودعات التي تحافظ على المنتجات طازجة. وكل يوم تنتج المزرعة الخضراء عدة أطنان من 30 نوعا من الخضار والفواكه، والتي تباع إلى المتاجر إضافة إلى مقاصف الشركات الصينية في دولة الإمارات العربية.
وقامت شركة طيران "الإمارات"، المعروفة بسياستها الغذائية الصارمة، مؤخرا باختيار مزرعة سون الخضراء كمورد الخضروات المعتمد لديها بالنسبة للوجبات التي تقدم خلال رحلاتها، وهو مؤشر يدل على أن خضروات مزرعة سون قد انتشرت حقا في السوق المحلية.
ومستذكرا عمله الدؤوب في بناء المزرعة الخضراء خلال السنوات الأخيرة، أشار سون إلى أنه مع تقدم تنفيذ مبادرة الحزام والطريق تدريجيا، فإن مفهوم المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة يصل إلى المزيد والمزيد من الناس، قائلا "إني أرى المزيد من الأمل في تنمية الزراعة الخضراء".