من أعمدة إنارة شمسية وماكينة لغسل القطار آليا حتى متصفح للجوال.. التكنولوجيا الصينية تثرى الحياة العربية

/مصدر: شينخوا/  09:59, May 14, 2017

بكين 13 مايو 2017 / تضئ أعمدة إنارة تعمل بنظام الطاقة الشمسية طرقات مدينة القاهرة المصرية، وتحافظ قطارات خط السكك الحديدية الخفيفة في مدينة مكة المكرمة بالسعودية على نظافتها الفائقة بفضل ماكينة غسل أتوماتيكية، فيما يفضل الإماراتيون استخدام متصفح صيني في هواتفهم الجوالة... هكذا تسللت التكنولوجيا الصينية إلى الحياة اليومية للشعوب العربية لتسهم في دفع تحسين معيشتهم ورفاههم يوما بعد يوم وتمثل بذلك رابطا مهما آخر بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط على طريق الحرير الجديد.

وقبل ألفي عام مضت، ربط مسار تجاري عُرف باسم طريق الحرير القديم بين الصين والدول الواقعة غربها امتدادا إلى دول المشرق العربي والبحر المتوسط. والآن يعاد الربط بينهما عبر طريق الحرير الجديد في إطار مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 حيث تتدفق التكنولوجيا الفائقة والتقنيات العالية والمنتجات المتطورة من الصين إلى بلدان الشرق الأوسط لتثري الحياة العربية وتبث فيها سعادة وبهجة نابعة من استخدام التكنولوجيا وتدفع رخاءها الاقتصادي لترسى أساسا لإحلال السلام والأمن في المنطقة.

-- أعمدة إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية في مصر

تقف أعمدة الإنارة العاملة بنظام الطاقة الشمسية في شوارع القاهرة لتضئ الطرقات للأهالي وهم يتجاذبون أطراف الحديث ويحتسون الشاي والقهوة بعد غروب الشمس ... هذا ليس مشهدا خياليا وإنما حقيقة بفضل جهود الجامعة البريطانية في مصر وشركة تشيدي الصينية لتكنولوجيا الطاقة النظيفة.

فالآن ينتشر في بيوت المصريين سخانات مياه عاملة بالطاقة الشمسية وفي شوارع المحافظات والمدن المصرية أعمدة إنارة عاملة بالطاقة الشمسية. فهذا البلد العربي الكبير بحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة لكي يزيد من توافر إمدادات الطاقة لديه ويحقق تكاملا مع الطاقات التقليدية نظرا لعدم امتلاكه لموارد وفيرة من النفط والغاز.

وفي الواقع لا ينصب اهتمام الصينيين على توفير المنتجات فحسب،وإنما أيضا على عملية نقل التكنولوجيا والتقنيات التي تمثل جوهر عملية التطوير التكنولوجي، إذ أعربت شركة تشيدي الصينية عن أملها في نقل التجارب الصينية الناضجة في مجال توليد الطاقة الشمسية إلى الجانب المصري، وبفضل ذلك تعزز التعاون البحثي مع الجامعة البريطانية في مصر لنقل التكنولوجيا إليها وتمكينها من إدخال تحسينات عليها لتلائم المناخ المحلي وتعود بالفائدة على أبناء مصر.

والآن ثمة مشاريع تعاون تقيمها تشيدي مع شركات في الكويت والسعودية، حيث أشار رئيس مجلس إدارة شركة تشيدي الصينية ون هوي إلى أن العديد من الدول العربية لديها وعي متطور إزاء تطوير الطاقة الجديدة وتحسين توليد الطاقة. وفي الوقت نفسه، "تنادى مبادرة الحزام والطريق الوطنية الصينية بتصدير التكنولوجيا والتقنيات بدلا من القدرة الإنتاجية والمنتجات إلى هذه الدول، تطلعا إلى ترسخها في المنطقة وطرحها لثمار كبيرة من حيث رفع المستويات المعيشية لشعوبها"، على حد قوله ون هوي.

-- ماكينة غسل أتوماتيكية لعربات القطار في السعودية

من المعروف أن مكة المكرمة تستضيف حوالي مليوني من الحجيج المسلمين من أنحاء العالم سنويا، وهو عدد يتجاوز السكان المحليين ويمثل ضغوطا مضاعفة على شبكة المواصلات بمكة. ومن أجل الحفاظ على نظافة كل عربة من عربات قطار السكك الحديدية الخفيفة في المدينة, وفرت شركة شنتشو الصينية لتكنولوجيا السكك الحديدية فائقة السرعة ماكينة غسل أوتوماتيكية لتنظيف القطار وتأمين الجانب الصحي في نقل المسلمين.

ومن جانبه، ذكر وو وي جيان مدير الأعمال الدولية بشركة شنتشو خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) "إذا ما زرت مكة يوما ما ورأيت العربات النظيفة لقطار السكك الحديدية الخفيفة، فلا بد أنك تشهد ثمار تكنولوجياتنا".

وفي الواقع، ليس من السهل الحفاظ على نظافة عربات السكك الحديدية الخفيفة بسبب سوء الظروف الطبيعية ومنها الارتفاع المستمر في درجات الحرارة وشدة هبوب الرياح المحملة بالرمال ونقص المياه على مدار السنة في السعودية. علاوة على ذلك يعتاد الرجال في السعودية حتى في دول الخليج الأخرى على ارتداء الجلباب العربي الأبيض الذي يتطلب عناية فائقة. وفي هذا الصدد، تقدم شركة شنتشو الصينية يد العون بتكنولوجيتها الخاصة التي ترتقي إلى مستوى عالمي متقدم في غسل عربات السكك الحديدية الخفيفة, ولا سيما بعدما وضعت الشركة تصميمات معينة وأدخلت تعديلات متخصصة على القطار في مكة.

وتتوافق ماكينة الغسل هذه مع المعايير الدولية وتعد من أبرز منتجات شركة شنتشو وتحمل في حقيقة الأمر ثلاث سمات رئيسية، أولها أن تصميمها المقاوم للرياح والرمال يحول ماكينة الغسل العادية المكشوفة إلى ماكينة مغلقة تماما لإتمام عملية غسل القطار داخل مرآب التنظيف للحيلولة دون دخول الرمال والغبار إلى المحركات. وثانيا، أن تقنيتها المتمثلة في مرونة تشكيل فرشاة الغسل مع الشكل الخارجي للقطار، على نحو يمكن من إتمام عملية الغسل الأتوماتيكية لجانبي القطار والجزئين الأمامي والخلفي منه إضافة إلى الأبواب والنوافذ الزجاجية بصورة تامة. ثالثا، أن تصميم نظام إعادة تدوير المياه يلعب دورا في إعادة استخدام المياه ذات القيمة الثمينة بالفعل هناك.

ومع ذيوع صيت هذا النوع من المنتجات فائقة التكنولوجيا, قرر الجانب السعودي تعزيز التعاون مع الشركات الصينية حيث تم توقيع العديد من اتفاقات التعاون خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للصين في مارس الماضي بين الوفد السعودي المرافق له والشركات الصينية المتخصصة في النقل والمواصلات والسكك الحديدية، واشتملت الاتفاقات على مشاريع تعاون مع شركة شنتشو في مجال تصميم وتخطيط شبكة السكك الحديدية بالعاصمة الرياض ومكة ومدن سعودية أخرى.

وقال وو إن "شركاتنا الصينية لديها ميزة كبرى تتمثل في توفير برامج حلول شاملة للعملاء ذات كفاءة أكبر وتخصصية وجودة أعلى وأسعار أقل".

-- متصفح الجوال "يو سي" له الحصة الأكبر في الإمارات

وفي سبتمبر عام 2014 بدبي، التقى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي التقى رئيس مجلس إدارة مجموعة علي بابا الصينية ما يون وتقرر إنشاء فرع لشركة علي بابا في الشرق الأوسط بغية التعاون معا لبناء دبي الذكية.

ومن 21 نوفمبر عام 2016، بدأ تشغيل مركز إحصائيات الشرق الأوسط لشركة "علي يون(سحابة)" المتفوقة في مجال الحوسبة السحابية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتابعة لمجموعة على بابا الصينية، وهو مركز الإحصائيات السابع لشركة (علي يون) في العالم ويوفر الخدمة في مجال الدعائم الست وهي النقل والاتصالات والبنية التحتية والكهرباء والخدمات الاقتصادية والتخطيط المدني، ما يساعد في رفع مستوى تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط بأسرها.

كما أكد القنصل العام الصيني في دبي لي لينغ بينغ أن الجانبين الصيني والإماراتي يعززان تعاونهما في التجارة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات في إطار مبادرة الحزام والطريق, وهو أمر متبادل المنفعة ومن شأنه أن يدفع إيجابا أوجه التعاون بين الجانبين في مجالات أخرى.

ورغم التنمية التي شهدتها شبكة البنية التحتية للاتصالات في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة حيث تم بناء شبكة الـ3 جي أوالـ4 جي في بعض الدول العربية, لكن مازالت هناك مساحة كبيرة لإحراز مزيد من التقدم في هذا الصدد وخاصة في الإمارات والسعودية اللتين تشهدان تطورا كبيرا في التجارة الإلكترونية.

وقد صار متصفح "يو سي" الذي طورته شركة علي بابا يملك الحصة الأكبر في سوق متصفحات الجوال بالإمارات بفضل ميزاته البارزة وأمانه واستقراره، حيث تجاوز متصفح فيرفكس السريع ومتصفح كروم. ووفقا لإحصائيات مركز التطبيقات على جوجل (جوجل بلاى)، حصل متصفح "يو سي" من حيث التقييم بالنجوم على 4.5 نجمة حيث بلغ عدد مستخدمي المتصفح أكثر من 14 مليون، منهم أكثر من 10 ملايين جاء تقييمهم بـ5 نجوم كاملة.

وأعرب أحد مستخدمي المتصفح يو سي باللغة العربية على جوجل بلاى عن اعتقاده بأن "هذا المتصفح له أداء رائع... ومن ميزاته على سبيل المثال لا الحصر السرعة التي تساعدك على التصفح بشكل أسرع والاستدعاء التلقائي الذي يحمل عدة صفحات في آن واحد". وقال مستخدم عربي آخر إن "هذا المتصفح يتميز بتقنيات جيدة ومجموعة كبيرة من المميزات المفيدة.. هذا التطبيق يوفر لك جميع الميزات التي تريدها على أي متصفح".

ويؤمن الصينيون بأن التنمية وحدها قادرة على مداواة مرض الاضطرابات. فقد أشار الرئيس شي جين بينغ في خطاب ألقاه من مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في يناير 2016 إلى أن"مفتاح فك المعضلة يكمن في تسريع عجلة التنمية. فجميع أسباب الاضطرابات والتوترات الحالية في الشرق الأوسط ترتبط في الأساس بالتنمية. وفي نهاية المطاف، ما من سبيل لإحتوائها إلا من خلال باب التنمية".

وأضاف الرئيس قائلا إن "التنمية قضية حياة الشعوب وكرامتها، وهي سباق مع الزمن وصراع بين الأمل واليأس. وإن تحقيق كرامة الحياة للشباب من خلال تطويرهم وتنميتهم هو الطريق الوحيد لكي ينتصر الأمل على اليأس في عقولهم وينبذوا طوعا أعمال العنف وموجات التطرف والإرهاب من سلوكهم".