فوجيان 14 مايو 2017 /كانت مدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان في جنوب شرقي الصين، الميناء الرئيسي للتجارة الخارجية خلال عهد أسرتي سونغ و يوان الملكيتين (960-1368).
وإذا نُقل أحد سكان خليج تشيوانتشو القديم بشكل ما إلى مدينة حديثة، ستصيبه الشوارع الصاخبة والأضواء بالهلع، ولكن قد يجد أيضا بعض السكينة في المعابد المحلية حيث تمارس طقوس نفس الديانات حتى يومنا هذا.
وقد سُحر التجار والإرساليات الأجنبية ، الذين رسموا نقطة الانطلاق لطريق الحرير البحري، بما وجدوه هناك. وكثير منهم اختاروا البقاء، حاملين معهم مجموعة من الأديان والتقاليد والثقافات.
ويخبرنا علماء الآثار أنه في قمة مجدها، ازدهرت الديانات البوذية والمسيحية والهندوسية والإسلامية والطاوية جنبا إلى جنب في تشيوانتشو.
ولا تزال اليوم المعابد والمساجد التي يرجع تاريخها إلى قرون، تضم مزيجا من الأساليب الفنية، وتستقبل المؤمنين والحجاج من الداخل والخارج. والآن ، ومع وجود حكومة محلية عازمة على حماية وتجديد هذه الصروح الفريدة، يبدو المستقبل الذي كان منهارا لوهلة مضمونا.
وعملت تشانغ ليان تشو لمدة 23 عاما في مسجد تشينغجينغ في تشيوانتشو، وهو المسجد الوحيد الناجي في الصين من عهد أسرة سونغ، وتقول تشانغ إن المزيد والمزيد من الناس يزورون المسجد كل عام.
وأضافت قائلة: "إن نحو 200 شخص يأتون لصلاة الجمعة. وقبل بضع سنوات، كان من النادر أن يتواجد أكثر من 70 شخصا".
وأرجعت تشانغ سبب زيادة الأعداد إلى الدعاية الأفضل والدعم المالي من الحكومة. وفي عام 2015، كانت تشيوانتشو واحدة من أربع أماكن خارج بكين استضافت حفل عيد الربيع، أكبر حدث تلفزيوني سنوي في الصين.
وأضافت تشانغ أن الحكومة التي منحت المسجد نحو 200 ألف يوان (حوالي 29 ألف دولار أمريكي) في مطلع القرن الماضي، أصبحت الآن تمنحه أربع أضعاف ذلك الرقم.
وقالت تشانغ إن المسجد كان دائما هاما للمسلمين الصينيين. ويستقبل المسجد سنويا نحو 200 ألف زائر من المحافظات والمناطق الداخلية التي تضم أعدادا كبيرة من المسلمين.
ويأتي الكثيرون إلى تشيوانتشو ليس فقط للصلاة ولكن لزيارة المقبرة الإسلامية حيث يقال أن اثنين من صحابة النبي دفنوا فيها في القرن السابع الميلادي .
وأوضحت تشانغ وهي نفسها مسلمة، أن المدينة معروفة بتاريخها الثري المتنوع ثقافيا، قائلة: "إنها تشتهر بأنها متحف للأديان ".
وقال تشن شاو فنغ المؤرخ في المتحف، إن متحف تشيوانتشو البحري يحتوي على أكبر تشكيلة من الشواهد الإسلامية والهندوسية والنقوش في البلاد .
أما لين يونغ تشيوان، وهو كاهن الكنيسة الكاثوليكية في تشيوانتشو، فقد قال إن هناك حوالي 2000 من الكاثوليك الصينيين في تشيوانتشو ونحو 100 أجنبي من الهند وجمهورية كوريا والفلبين.
وأضاف لين "أن العديد من هؤلاء الأجانب يعملون في المصانع المحلية، ولقد أنشأنا مجموعة على برنامج التواصل الاجتماعي "ويتشات" ليتحدثوا عن أي شيء متعلق بالدين أو بحياتهم اليومية".
الدمج
وفي معبد كاييوان البوذي الذي بُني حوالي سنة 685 في عهد أسرة تانغ، هناك عمودان من حطام معبد الإله الهندوسي شيفا.
وقال وو يو شيونغ المؤرخ الديني: "إن تفاعل الثقافات الدينية كان متكررا في تشيوانتشو، وبعض الفنون الدينية فيها طابع صيني".
وعند بوابة مسجد تشينغجينغ، يوجد حجران عليهما نقوش السحاب التي رمز للخير في الثقافة الصينية.
وتابع وو أنه في عهد أسرة يوان كانت كلمة "فو" -الترجمة الصينية لكلمة بوذا- تستخدم عادة من قبل السكان المحليين لوصف إلههم الخاص. وأضاف قائلا : "الحقيقة ان تعايش هذه الديانات في وئام في تشيوانتشو أمر لا غنى عنه للتفاعل والاندماج ".
وبدوره قال حازم الركابي رجل الأعمال العراقي الذي يتواجد في تشيوانتشو منذ 13 عاما: "أحب العيش هنا لا أحد يعاملك بشكل مختلف بسبب معتقدك الديني".
أما الأب لين فقال إن الديانات في تشيوانتشو تشترك في رباط قوي اليوم، مضيفا: "كثيرا ما ألتقي برؤساء المعابد البوذية والطاوية والمساجد خلال المهرجانات المختلفة".