تعليق: قمة حلف شمال الاطلسي ببروكسل لتعزيز تواجده

تعقد قمة لمجلس حلف الشمال الاطلسي (الناتو) في بروكسل، بلجيكا يوم 25 مايو الجاري، بالمشاركة الاولى للرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي كان يظن أن الناتو من الكيانات التي عفا عليها الزمن. كما تشارك في القمة جمهورية الجبل الأسود كعضو في الناتو لاول مرة أيضا. و يسير الناتو ناتج حقبة الحرب الباردة في طريق وعر في ظل مجموعة متنوعة من الشكوك. وبمناسبة قمة ببروكسل، الناتو يعيد تعزيز تواجده في العالم مرة أخرى. 

قمة اعدت بعناية متقنة

وصف ينس شتولتنبرج، الأمين العام للناتو لقمة بروكسل بالهامة والقصيرة. وإن حضور الرئيس الامريكي ترامب في القمة لاول مرة أحد أهم النقاط التي تجذب الاهتمام. ونشرت صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية على موقعها الالكتروني مقالا ذكرت فيه بصراحة، أن الغرض الاساسي من القمة هو تقديم الرئيس الامريكي الجديد الى تحالف عسكري من 28 عضو، والاستماع الى وجهات نظره حول مستقبل الناتو.

وقال تشوي خونغ جيان مدير كلية الدراسات الاوروبية بالمعهد الصيني للدراسات الدولية: "حرّك ترامب قبل ذلك التعاون الامني بين أمريكا والناتو، وأن الهدف الرئيسي من هذه القمة هو توطيد وتعزيز التعاون الثنائي المتحرك سابقا."

وقد انتقد ترامب قبل دخوله البيت الابيض الناتو معتبر اياه من الكيانات التي عفا عليها الزمن، ولكن تغير موقفه 180 درجة بعد دخوله البيت الابيض.

من جهة أخرى، ذكر رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود دوسكو ماركوفيتش إن بلاده ستحضر لاول مرة كدولة عضو في قمة الناتو يوم 25 مايو الجاري، وستنضم رسميا للحلف يوم 5 يونيو المقبل. ونقل موقع صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن مسؤول في الناتو قوله: " جمهورية الجبل الأسود دولة صغيرة، لكنها اصدرت رسالة الى دول البلقان أن الطريق الى أوروبا مفتوح. كما يبين ذلك للرئيس الأمريكي أيضا أن الناتو لا يزال يتوسع، وللحلف صديق جديد."

العلاقات بين أمريكا والناتو متشابكة

إن تغيير موقف ترامب للناتو صدمة للعالم. وفي هذا الصدد، قال تشوي خونغ جيان:" في الواقع، ترامب يعود تدريجيا الى الطريقة الامريكية التقليدية. وأن الموقف المتشدد السابق سببه الاسترخاء الذي شهدته العلاقات الامريكية الروسية. ولكن الآن، أصبحت العلاقات بين فريق ترامب وروسيا في دوامة، حتى تهدد قاعدة ترامب الحاكمة. وتحسين العلاقات الروسية الامريكية ميؤوس منه مؤقتا. لذا، فقدت فكرة ترامب لتغيير الناتو الدعائم.

ليس هناك شك، أنه منذ انشاء الناتو وحتى الآن، لعبت امريكا دورا قياديا. وقال تشوي خونغ جيان:" لكن الرئيس لا يعني الحلف كله. واليوم، بزيادة عدد الاعضاء وتوسعه على نحو اوسع وتزايد الخلافات الداخلية، وجدت امريكا أن مسؤولية الرئاسة تزاد صعوبة." وبلا شك ايضا أن الانفاق العسكري واحد من اسباب صداع أمريكا. ووفقا لموقع “جلوب أند ميل” الكندي ، فإن حصة الأنفاق العسكرية مسألة ذات أولوية في قمة الناتو ببروكسل.

وتشهد أمريكا والحلف خلافات في مجال مكافحة الإرهاب أيضا. وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، ينس ستولتنبرج لمجلة " اوروبا الجديدة" مؤخرا، أن الناتو لن تساعد في المهام القتالية حتى ولو انضم الى التحالف الذي تقوده امريكا ضد تنظيم " الدولة الاسلامية". ويرجع السبب الى الخلافات بين دول الاعضاء في الحلف وامريكا على الوعي الامني. كما أفاد موقع صحيفة "الاندبندنت" أن اعضاء حلف الناتو من جنوب اوروبا تهتم بالقضايا الامنية ذات الصلة بالشمال الافريقي والشرق الاوسط، فضلا عن القضايا ذات الصلة للمهاجرين واللاجئين. وتهتم دول شرق أوروبا بروسيا."

وقال تشوي خونغ جيان: "معظم اعضاء الناتو لا يعتقون أن تنظيم " الدولة الاسلامية" التهديد الرئيسي لهم. وحاليا، المناطق الشرقية المحور الرئيسي في دفاعات الناتو، وأن تعاونه مع امريكا في حرب ضد تنظيم " الدولة الاسلامية"، من جهة لا يمكن للناتو التعامل على الجبهتين في نفس الوقت، ومن ناحية أخرى، من الصعب للناتو التعامل مع العلاقات مع روسيا." وهذا يعني أيضا أن مستقبل العلاقات بين الناتو وأمريكا من الصعب أن تكون على نحو سلس جدا.

التنمية في ظل أصوات التشكيك

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبح وجود الناتو كنتاج الحرب الباردة مشكوكا فيه. "لا يزال الناتو يبرر استمرارا وجوده بعد انتهاء الحرب الباردة". قال تشوي خونغ جيان: "في الوقت الحاضر، المهمة الرئيسي للناتو هو التعامل مع التهديدات الامنية في الشرق . وقد تحسنت اهمية الناتو أساسا في منطقة الشرق الاوسط وبحر البلطيق بعد نشوب مشاكل في اوكرانيا ."

ومع ذلك، يواجه الناتو العديد من التحديات." يعتبر غياب اتجاه واضح أكبر المشاكل التي يعاني منها الناتو بعد الحرب الباردة، والاختلافات في مسألة "ما هو التهديد الرئيسي للناتو" بين الدول الاعضاء كبيرة جدا، ما جعل الناتو تختار الحل الوسط. وبالرغم من حجم الناتو الكبير، إلا أنه من الصعب للتعامل بفعالية مع مواجهة التحديات. وعلاوة على ذلك، فإنه في حال عدم استطاعت رؤية تهديدا حقيقيا، لا ترغب دول الاعضاء في ضخ الاستثمار للناتو. اليوم، تشهد العديد من دول الاعضاء الانكماش الاقتصادي ، من الصعب اقناعهم بزيادة الاستثمار. وبالاضافة الى ذلك، غابت الناتو باعتماره مؤسسة مغلقة عن القواعد والنظرية الناضجة في استجابة التهديد في عملية العولمة. على سبيل المثال، الناتو يفتقر اساسا لوسيلة لحل المشكلة في اوكرانيا."

وبالضبط، كيف سيكون مستقبل الناتو ؟ العالم ينظظر اليه بعناية.