بكين 31 يوليو 2017 / ارتفع حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، وخاصة مع دفع مبادرة الحزام والطريق قدما وتعزيز الترابط مع دول منطقة الشرق الأوسط. وأشار تقرير أصدرته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات "ضمان" مؤخرا إلى أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة لتصبح أكبر مصدر للاستثمار في الدول العربية.
وذكر التقرير أن حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية غير المالية شكّل 31.9% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي جذبتها الدول العربية، وبقيمة بلغت 29.5 مليار دولار أمريكي، تلتها الإمارات العربية المتحدة بقيمة 15.2 مليار دولار محققة نسبة 16.4%، فيما احتلت الولايات المتحدة المرتبة الثالثة بقيمة 7 مليارات دولار مستحوذة على 7.6% منه.
ــ استثمارات الصين في الخارج تشهد نموا في إطار الحزام والطريق
وأظهرت أرقام رسمية صادرة عن وزارة التجارة الصينية أنه خلال عام 2016، قام مستثمرون صينيون في الداخل بالاستثمار المباشر غير المالي في 7961 مؤسسة خارجية في 164 دولة ومنطقة، ليصل حجم الاستثمارات الصينية بالخارج إلى 170.11 مليار دولار أمريكي بزيادة نسبة 44.1% على أساس سنوي، وحققت الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في الخارج نموا مطردا على مدى عشرة أعوام متتالية.
كما أكد متحدث باسم الوزارة قاو فنغ مؤخرا أنه خلال الأعوام الخمسة المقبلة، سوف تستورد الصين سلعا بقيمة 8 تريليونات دولار أمريكي وتستثمر ما يصل إلى 750 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك استيراد سلع بقيمة تريليوني دولار من الدول الواقعة على طول الحزام والطريق واستثمار150 مليار دولار فيها.
وتوقعت شركة (ماكينزي أند كومباني) الاستشارية بأنه على مدى الأعوام العشرة المقبلة، ستزيد مبادرة الحزام والطريق من حجم التجارة العالمية بحوالي 2.5 تريليون دولار، لتضخ بذلك الحيوية والأمل في العولمة الاقتصادية. علاوة على ذلك، ستدفع مبادرة الحزام والطريق قدما مفاوضات الصين مع الدول الواقعة على طول المبادرة بشأن إقامة مناطق تجارة حرة وإبرام اتفاقيات استثمار مع التأكيد على مواءمة وربط المبادرة الصينية مع الاستراتيجيات التنموية والمؤسسات التعاونية القائمة في الدول بغية نقل عملية المفاوضات بشأن اتفاقيات الاستثمار إلى مستوى عالمي كي توفر قوة دافعة للعولمة.
في الواقع، باتت الصين محركا رئيسيا لنمو الاقتصاد العالمي بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية، وأن مساهماتها في دفع نمو الاقتصاد العالمي بلغت ضعف إسهامات الولايات المتحدة في نمو الاقتصاد العالمي.
وقال وانغ يي وي، الأستاذ في جامعة الشعب الصينية، إن الصين تدعو إلى إقامة ترابط وتواصل بين الدول بغرض اغتنام فرصة بناء مبادرة الحزام والطريق للارتقاء بمستوى التجارة والتعاون الاستثماري، ومن أجل تعزيز التنسيق فيما يخص قدرة الإنتاج الدولية وتصنيع المعدات، حيث يكمن جوهر ذلك في المساعدة على خلق طلبات جديدة من خلال تقديم عرض فعال لتحقيق إعادة توازن للاقتصاد العالمي، خصوصا في ظل الانكماش المتواصل الذي يشهده الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، كما أن دفع عملية التصنيع والتحديث ورفع مستوى البنية التحتية في بعض الدول بات ضرورة ملحة، ويفيد بشكل مباشر في تحقيق استقرار للوضع الاقتصادي العالمي.
وأشار الخبير إلى أن مبادرة الحزام والطريق لا تتمحور فقط حول طريق الحرير القديم، وإنما هي أكبر منصة تعاون في العالم تهدف إلى تحويل الخلاف إلى تعاون والتنافس إلى تكامل، مضيفا أن من الأعمال المهمة التي ستركز عليها المبادرة في المستقبل هو إيجاد "شيء يقيني" في عالم تسوده حالة من عدم اليقين، وكذلك خلق عولمة حقيقية جديدة تصحح مفهوم العولمة المشوهة التي نشأت في ظل النظام العالمي الغربي.
ــ التكامل بين الصين والدول العربية ميزة خاصة
إن الصين والدول العربية شريكان مهمان في التعاون التجاري والاقتصادي. وأظهرت إحصائيات صادرة عن وزارة التجارة الصينية أن الصين حاليا هي ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، بينما تعد الدول العربية أكبر مصدر نفط للصين وثامن أكبر شريك تجاري وسوق مهمة لمشاريع المقاولات والاستثمارات الخارجية. وفي عام 2016، بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية 171.14 مليار دولار أمريكي كما بلغ حجم عقود المقاولات الجديدة، التي وقعها الجانبان خلال العام الماضي 40.37 مليار دولار بزيادة قدرها 40.8% على أساس سنوي.
وذكرت وزارة التجارة الصينية أنه من المتوقع أن تحقق الصين والدول العربية نموا متزايدا في المستقبل فيما يتعلق بالتعاون في ثلاثة مجالات، أولا: تعزيز المشاورات التجارية والاقتصادية بهدف تحسين آلية التعاون، من بينها التخطيط لعدد من المشروعات الكبرى مثل دفع مشروع بناء منطقة تجارة حرة بين الصين والخليج، ثانيا: توثيق التعاون في مجال الاستثمارات لتعزيز نمو الصناعات، كما ستواصل الصين تشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في الدول العربية لتقوية التعاون الاستثماري في مجالات كالطاقة والمعادن والموارد والصناعات البتروكيمائية وغيرها ، وإقامة منشآت للجمع بين الصناعات الصينية والعربية بهدف دفع التعاون في النقل والكهرباء والاتصالات والمعادن غير الحديدية ومواد البناء وغيرها من المجالات، ثالثا: تعميق التعاون التنموي وتبادل الخبرات في تحقيق النمو.
من جهته، قال نائب رئيس المجلس الصيني لدفع التجارة الدولية، وان جين تشن، إنه "في الواقع، أولت الدول العربية اهتماما كبيرا بمبادرة الحزام والطريق وتنظر إليها بشكل ايجابي، كما أن العلاقات التجارية والاقتصادية تتميز بتكاملية عالية ورغبة قوية في تحقيق فوائد مشتركة"، مضيفا أنه في العام الماضي، ارتفعت نسبة الشركات الصينية المشاركة في المعارض، التي نظمها المجلس في الدول الواقعة على طول الحزام الطريق، بنحو 63% على أساس سنوي، فيما زادت مساحات العرض المخصصة لهذه الشركات بنسبة 80%، الأمر الذي يظهر العزيمة الراسخة لهذه الشركات تجاه تعزيز التعاون مع الدول الواقعة على طول المبادرة.