نابلس 6 أغسطس 2017 / لم يعد سهلا على علاء مطاوع من قرية (عين البيضا) في منطقة الأغوار شمال الضفة الغربية وغيره من المزارعين ومربي الماشية أن يرووا مزروعاتهم ويسقوا مواشيهم بعد أن صادرت السلطات الإسرائيلية معدات يستخدمونها في ضخ المياه بسبب عدم الترخيص.
ويقول مطاوع بعد قرابة عشرة أيام من الإجراء الإسرائيلي لوكالة أنباء ((شينخوا))، "هم يريدون رحيل الفلسطينيين من هذه المنطقة، فلا مربي ماشية ولا مزارع يسلم من عمليات الهدم والتدمير، إنهم يلاحقون الجميع للضغط علينا وترحيلنا".
ويضيف مطاوع، إن عشرات المزارعين ومربي المواشي لحقهم الضرر بعد مصادرة البرك ومضخات المياه خاصة وأن هناك آلاف الدونمات التي يتم زراعتها في المنطقة ".
وكانت السلطات الإسرائيلية صادرت معدات للمزارعين يستخدمونها في ضخ المياه للشرب وري المزروعات في منطقة الأغوار التي تسيطر على ما مساحته 87 في المائة من أراضيها، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا.
ولا تقتصر معاناة الفلسطينيين على منطقة (عين البيضا) بل أنها تشمل غالبية مناطق وقرى الأغوار، فما يلبث أن يقيم السكان بعض المنشآت الزراعية وأكشاك تربية المواشي حتى تهدم من قبل السلطات الإسرائيلية بسبب عدم الترخيص الذي يصعب الحصول عليه بحسب ما يقول أبو صقر من (خربة الحديدية).
وما زال أبو صخر يبقي على كومة من الصفيح في مكانها كانت قبل عامين بركسات يربي فيها ها مواشيه لكنها هدمت من قبل السلطات الإسرائيلية.
ويعيش ابو صقر مع عائلته المكونة من 27 فردا هم أبناؤه من زوجتين في خيام بدائية مزقت الرياح جنباتها، ويحصلون على القليل من الكهرباء من خلال الخلايا الشمسية فيما مصدر مياه شربهم وشرب مواشيهم خزان وضعوه بجانب الخيام.
ويقول أبو صخر لـ ((شينخوا)) "ليس باستطاعتي بناء ما تم هدمه لسوء الوضع المادي وخوفا من عودة السلطات الإسرائيلية لهدمها ثانية".
ويضيف بنبرة تحدي "لكنني قلت لضابط الجيش الإسرائيلي سأبني أكبر مما تم هدمه، ولن تفلح محاولات ترحيلنا، فنحن نفترش الأرض ونتلحف بالسماء ولن نرحل".
يردف ابو صقر وقد اختلط صوته مع أصوات طيور الدجاج والديك الرومي التي يربيها في محيط خيامه " نعيش هنا منذ مئات السنين وهذه الارض لنا، ولكن الاحتلال يلاحقنا بهدف ترحيلنا عنها ومنحها للمستوطنين".
ويتابع أن الجيش الإسرائيلي يقطع عن الخربة وأهالها كما في غالبية قرى الأغوار "كل مقومات الحياة الانسانية ، في المقابل تنعم المستوطنات المقامة على أراضينا بجميع خيراتنا التي حرمنا منها".
ويشير ابو صقر بيده نحو بئر تجميع للمياه لا يبعد سوى خمسين مترا عن مكان خيامه قائلا "لا يسمح لنا باستخدامه من قبل الجيش الاسرائيلي، فيما تسير أنابيب المياه من تحت خيامنا لتزود المستوطنين بالمياه التي يحرموننا منها".
ويسرد ابو صقر معاناته عندما فقد أحد أبنائه في العام 2003 حينما كان يبلغ من العمر ثمانية أعوام وسقط عن جرار زراعي وأخذ ينزف الدماء لأكثر من ست ساعات دون أن تتمكن أي سيارة إسعاف من الوصول إلى منطقة سكناهم بسبب وعورة الطرق وخطر تدريبات الجيش الإسرائيلي ما تسبب بوفاته.
وبينما كان يتحدث ابو صقر قاطعته أصوات الانفجارات وإطلاق النار مرارا قائلا "لم تكفهم جميع الأراضي التي يحتلونها (..) يلاحقونا حتى هنا لإجراء تدريباتهم العسكرية بين خيامنا، يخيفون أطفالنا ويتركون مخلفات انفجرت بكثيرين في المنطقة".
وتقع منطقة الأغوار في أراضي الضفة الغربية المصنفة باسم (ج) وتخضع بحسب اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية.
وإلى جانب مناطق (ج) هناك تصنيفين آخرين لأراضي الضفة الغربية هما المناطق (أ) وتخضع للسيطرة الامنية والإدارية الفلسطينية ومناطق (ب) وتخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والإدارية الفلسطينية.
واشتكى الفلسطينيون مرارا من تأثير استمرار تصنيفات أراضي الضفة الغربية عليهم وتكريس ذلك كأمر واقع مفروض بالقوة رغم مرور 23 عاما على توقيع اتفاقية (أوسلو) كان من المفترض أن تكون خطوات تحقيقه بين الجانبين على مراحل ويشمل انسحابات إسرائيلية من مناطق فلسطينية إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
ويقول معتز بشارات مسؤول ملف الاغوار في محافظة طوباس شمال الضفة الغربية ل((شينخوا))، إن التدريبات العسكرية التي تجري بين مضارب السكان بالاغوار أدت إلى مقتل 34 وإصابة 236 فلسطينيا منذ عام 1967.
ويضيف بشارات، أن الجيش الإسرائيلي أقام سبعة معسكرات في مناطق الأغوار وعادة ما ينفذ تدريبات بين السكان بعد اخلائهم لفترات زمنية مختلفة يتركون خلالها في العراء.
ويشير إلى أن السلطات الإسرائيلية "تسعى إلى ترحيل الفلسطينيين عن أراضيهم مستخدمة كافة الطرق، فيما ترفض تنفيذ أي مشروع حيوي يجعل السكان يعيشون بأبسط مقومات الحياة الإنسانية".
ويضيف بشارات "حتى الطرق يتم تدميرها كما جرى لطريق (خربة الحديدية) ما منع تواصل سكان هذه المناطق مع باقي قرى ومدن المحافظة ".
ويلفت بشارات، إلى صعوبة ظروف الحياة التعليمية خصوصا في فص الشتاء "حيث لا يستطيع الطلبة التوجه للمدارس بسبب عدم تمكن وسائل النقل من الوصول إليهم وهو ما ينعكس على زيادة التسرب المدرسي" .
وتقيم اسرائيل ثماني مستوطنات على أراضي الفلسطنيين في الاغوار الشمالية، بينما أقامت أخيرا ثلاث بؤر استيطانية جديدة .
ويشير بشارات، إلى أنه "بعد منع إسرائيل معظم سكان الأغوار الشمالية بالكهرباء لجأ كثيرون من خلال مؤسسات دولية لاستخدام خلايا شمسية للتزود بالكهرباء، بينما سعت إسرائيل لمصادرة هذه الخلايا".
وبحسب بشارات فقد هدمت السلطات الإسرائيلية خلال هذا العام في الأغوار الشمالية 38 منشأة سكنية وحظائر اغنام، فيما أخطرت أصحاب نحو 68 منشأة اخرى بالهدم.