من الفضاء إلى البحر، ومن الطاقة النظيفة إلى الجيل الجديد من التقنية، ومن صناعة الروبوتات إلى الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، شهدت مختلف قطاعات الصناعة الصينية منذ إنعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني طفرة كبيرة على مستوى التكنولوجيا الجديدة.
وتظهر البيانات الإحصائية أن عدد طلبات براءات الإختراع في الصين قد إرتفعت من 535 ألف براءة في عام 2012 إلى 1.2 مليون في عام 2016. حيث شهد الإبتكار التكنولوجي تطورا سريعا وأثمر العديد من النتائج الهامة.
الإستراتجيات الجديدة دفعت التطور التكنولوجي
أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في عدة مناسبات على أن "الإبتكار يمثل قاطرة التنمية. وأن دفع الإبتكار يمثل جهود التنمية. وأن الإبتكار هو من سيحدد المستقبل. كما أن التأقلم مع الوضع الطبيعي الجديد للإقتصاد الصيني وتوجيهه يعتمد على تحويل الإبتكار التقني الى قوى التنمية." وقد وضع المؤتمر الثامن عشر للحزب المخطط الهام لإستراتيجية دفع التنمية من خلال الإبتكار. وأكد على أهمية الإبتكار العلمي في رفع الإنتاجية الإجتماعية والقوة الشاملة للدولة. ولذلك، وجب إيلائه المكانة المركزية داخل التصور العام للتنمية الوطنية. وكانت الصين قد أصدرت في مايو 2016 "المخطط الاستراتيجي للتنمية الوطنية المبتكرة"، حيث وضعت هذه الوثيقة التصميم الفوقي والتخطيط النظامي للاستراتيجية السابق ذكرها، وحددت أهداف الكفاح خلال الـ 30 سنة القادمة، واتجاه التنمية والمهام الكبرى.
دور الآليات المستحدثة في تعزيز التكنولوجية الجديدة
يتطلب تنفيذ إستراتجية التنمية المبتكرة بشكل ملح تذليل العقبات النظامية، إلى جانب تحرير وتحفيز العلوم والتكنولوجية بصفتها القوة الكامنة الأولى والكبرى بالنسبة لقوى الإنتاج. لذلك، وعلى مدى السنوات الخمسة الماضية، شهدت الآليات النظامية للتنمية المبتكرة إصلاحات واسعة، حيث تم إزالة مختلف العقبات النظامية من طريق الإبتكار. وإذا إعتبرنا الإبتكار العلمي والتكنولوجي محركا جديدا للتنمية الصينية. فإن الإصلاح دون شك هو الشرارة التي تشعل فتيل الإبتكار. ومع توقد هذه الشرارة في الوقت الحالي، بات محرك الإبتكار أكثر سرعة.
بيئة ملائمة للإبتكار
أسهم التنافس بين الجامعات والمعاهد والأكاديميات خلال السنوات الخمسة الأخيرة في تحقيق نتائج مثمرة، وتوفير رافد جديد لتطور الإبتكار. وتسهم الشركات في الوقت الحالي بأكثر من 70% من الإستثمارات في البجث العلمي، مثل هواوي، لينوفو، شركة CRRC ، مجموعة التكنولوجيا الالكترونية الصينية وغيرها من الشركات المدرجة ضمن أقوى 500 شركة عالمية. وقد تمخض عن هذه الموجة ظهور أكثر من 4200 فضاء للابتكار، و3600 حاضنة للشركات التكنولوجية و400 مسرع للمشاريع وقرابة 400 ألف فريق لخدمات الشركات الابتكارية. كما أحدثت موجة الإبتكار وريادة الأعمال صدى واسعا داخل الأوساط الإجتماعية.
الأثر السحري للإبتكار على التنمية
تسهم التكنولوجيات الجديدة في ولادة قطاعات صناعية جديدة، كما تضخ في القطاعات الصناعية التقليدية حيوية الشباب. وتمكن القطاعات الناشئة من صناعة تيار العصر. من جهة أخرى، نجحت الصين من خلال التجارب الناجحة على قطارات السرعة الفائقة المزودة بنظام الجر المغناطيسي الدائم في ترويج قطاراتها داخل الأسواق العالمية؛ وبعد تحقيق إختراقات في تكنولوجية بطاريات التخزين وغيرها من التقنيات الرئيسية، باتت السيارات الصينية العاملة بالطاقة النظيفة على نفس مستوى التطور مع نظيراتها في الدول المتقدمة؛ كما إستطاعت الصين بفضل سلسلة إنتاج متطورة تمتد من المواد إلى التعليب في أن تصبح أكبر قاعدة عالمية لتصنيع فوانيس "آل إي دي"؛ في ذات الوقت، دفع التقدم التكنولوجي بصناعة عرض أشباه الموصلات الصينية إلى تحقيق طفرة نوعية وسريعة.
إلى جانب الدور الذي تلعبه التكنولوجية الجديدة في تطوير قطاع التصنيع، تمكنت التكنولوجية الجديدة من خلق قطاعات إستهلاكية جديدة. على سبيل المثال، بات الناس يتمتعون بخدمات جديدة، مثل طلب سيارات الأجرة على الإنترنت، الدراجات التشاركية، التعليم على الإنترنت، العلاج المتنقل، السياقة الآلية، والمحلات دون باعة.وهو مايعكس التأثير الواضح للتكنولوجية الجديدة على نمط حياة المجتمع الحديث.
لطالما عانى الإقتصاد الصيني من ضعف مستوى الإبتكار وتدني إسهامه في التنمية الإجتماعية وتأخره عن المستوى الدولي.أما في الوقت الحالي، فقد باتت الصين واحدة من المراكز العالمية للإبتكار، حيث يلعب هذا الأخير دورا محوريا في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
ويمكن القول، أن الإبتكار التكنولوجي في الصين بصدد دخول مرحلة تاريخية جديدة. ومن حقنا أن نثق بأن الإبتكار في الصين سيكون أكثر سرعة في المستقبل وسيقدم إسهاما أكبر للإقتصاد العالمي، كما سيحقق معجزات جديدة وغير متوقعة.