بكين 20 أكتوبر 2017 / يعقد الحزب الشيوعي الصيني أهم اجتماعاته في خمسة أعوام لرسم المسار المستقبلي للبلاد، في وقت يعاني فيه العالم من التحديات والارتباك.
تواجه العولمة عقبات في وقت تزداد فيه الحمائية والشعبوية. وبعد نحو عقد من الأزمة المالية العالمية في 2008، لا يزال الاقتصاد العالمي يصارع توقعات بشأن مستقبل تحوم حوله الشكوك. ولم تجد الثقة العالمية في نمو مستقبلي قوي أساسا قويا لها بعد.
وعلى خلفية العنف في العراق وسوريا، ورغم أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يخسرون، فإن هجمات الذئاب المنفردة برزت كوجه جديد للإرهاب. إن عصر مواقع التواصل الإجتماعي المنتشرة مكّن الجماعات المتطرفة، بشكل غير مسبوق، من التجنيد والتخطيط والهجوم.
وتشير كافة هذه الأعراض إلى أزمة أخطر -- وهي وجود ضعف عالمي متزايد فى السلام والحوكمة والتنمية.
خريطة متناقضة
وفي مقابل ذلك، وتحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، تحاول الصين أن ترسم مسارا يقود إلى عالم أفضل من خلال تعزيز ليس فقط التنمية الخاصة بها، ولكن أيضا التنمية في البلدان الأخرى.
هذا التعهد تأكد مجددا في التقرير الذي قدمه الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الأربعاء في افتتاح المؤتمر الوطني ال19 للحزب الشيوعي الصيني، في بكين.
وعلى مدى العقد الماضي، اعتبر الكثيرون الصين قاطرة اقتصادية رئيسية قادت، مع غيرها من القوى الاقتصادية الرئيسية، اقتصادا عالميا واهنا في طريق صعوده على تل منحدر.
وبحسب البيانات الصادرة عن مكتب الاحصاءات الوطني، فإن متوسط اسهام الصين في النمو العالمي في الفترة من 2013 إلى 2016 بلغ نحو 30 بالمئة، المتوسط الأعلى بين كافة البلدان.
وبالنسبة لشي، الذي انتخب أيضا أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في 2012 ورئيساً للبلاد في 2013، يأتي ضمان نمو قوي للاقتصاد الصيني، وهو أمر يهم العالم بأسره أيضا، على قمة أولوياته.
ومن أجل إعادة هيكلة اقتصادها لنمو جودة أفضل، قامت الصين بتطبيق مجموعة من الإجراءات للاصلاح الهيكلي لجانب العرض. وتعمل هذه الإجراءات على خفض فائض المخزون وتقليل الزيادة فى القدرة الانتاجية وخفض الديون وخفض تكاليف الشركات وتنظيم البيروقراطية.
كما شهدت السنوات الخمس الماضية جهدا دائما من الصين لتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة من خلال تقليص الفقر. وقد استطاعت الصين انتشال نحو 13 مليون شخص من دائرة الفقر كل عام بداية من عام 2012، وذلك بحسب بيانات رسمية.
وعلى مدار العقود الأربعة الماضية، استطاعت الصين انتشال أكثر من 700 مليون مواطن من دائرة الفقر، ما يعادل 70 بالمئة من الجهود العالمية المبذولة في هذا الإطار خلال الفترة نفسها.
خارجيا، تواصلت الصين مع المجتمع الدولي من خلال مجموعة من المقترحات حول كيفية الحفاظ بشكل أفضل على الأمن والسلام العالميين وتعزيز التنمية.
مجتمع مستقبل مشترك
وفي هذا العالم المعتمد على بعضه البعض بشكل كبير، حيث تتشابك مصائر كافة البلدان بدرجة كبيرة .. سواء كانت هذه البلدان صغيرة أو كبيرة، غنية أو فقيرة، اقترح شي أن تتعاون كافة البلدان لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية كلها.
أسفرت هذه الرؤية عن مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى ربط آسيا مع أفريقيا وأوروبا على نحو أفضل، وإلى تعزيز القدرة الصناعية للدول في هذه المناطق، حتى تمتلك الأساسيات اللازمة لتنمية اقتصاداتها.
وهذه المبادرة هي أيضا أحد أدوات الصين للمساعدة في القضاء على الأسباب الجذرية للإرهاب وغيره من عناصر التطرف، وبناء عالم أكثر أمنا. وكما أكد شي مراراً، "التنمية هي المفتاح الأساسي لحل كل المشكلات."
على مر السنوات الخمس الماضية، استطاعت الصين أيضاً، وعلى نحو مطرد، تعزيز الوسائل الدبلوماسية والسلمية لحل الكثير من الازمات العالمية مثل القضية النووية لشبه الجزيرة الكورية والاحترار العالمي.
إن تحسين النظام المالي العالمي في فترة ما بعد الحرب يمثل أهمية بالغة لتعزيز العدالة والتنمية المتوازنة. وفي هذا الصدد، لعبت الصين دورا رائدا، ودفعت نحو تطبيق إصلاحات خاصة بنسب التمثيل في كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وقال شي ذات مرة إن الإصلاحات التي تشهدها الصين حاليا أبحرت إلى "مياه عميقة" لم يتم الإبحار إليها من قبل، حيث ما يتبقى هو الجزء الأصعب من المهمة. وهذا هو الوضع مع بقية دول العالم، إن لم يكن أسوأ.
لكن هذا لا ينبغي أن يكون ذريعة لبلدان العالم للتخلي عن بعضها البعض أو الوقوف ضد بعضها البعض. بل يجب أن يكون ذلك سببا لكافة البلدان للتعاون معا ومعالجة الضعف فى الحوكمة العالمية.
وكما أوضح الكثير من الزعماء والمراقبين، فقد وضعت الصين نموذجا مفيدا في هذا الصدد.