بكين 25 أكتوبر 2017 / أعاد أول ظهور عام للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذى كان يرتدى حلة داكنة اللون وربطة عنق حمراء ويتحلى بثقة معتادة، فى فترة حكمه الثانية كرئيس لأكبر حزب سياسي على مستوى العالم ذكريات قبل خمسة أعوام، عندما تقلد قيادة الحزب للمرة الأولى.
بيد أن خارطة الطريق الطموحة والرؤية الكبرى للمستقبل اللتين اقترحهما شي توحيان بأن فجر"عصر جديد" قد لاح.
وفى كلمته أمام الصحفيين بعد وقت قصير من انتخاب الجلسة الكاملة الاولي للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني المكتب السياسي ولجنته الدائمة صباح اليوم (الأربعاء)، وصف شي الأعوام الخمسة المقبلة بأنها فترة "منعطفات هامة وعلامات إرشادية".
وقال شي الذى انتخب أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لفترة ثانية إنه" فى السياق الجديد يتعين أن يكون لنا مظهر جديد وان نقوم بما هو أكثر أهمية وهو أن نحقق انجازات جديدة ".
واضاف ان ثاني اكبر اقتصاد فى العالم سوف يواصل تعميق الاصلاحات والانفتاح بشكل أوسع على العالم خلال الأعوام الخمسة القادمة.
كما انه سوف يناضل من اجل تحقيق نمو اقتصادى مستدام والرخاء للجميع فى الوقت الذى يعمل فيه مع دول أخرى من أجل " بناء مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك" لتحقيق "اسهامات جديدة وأعظم للقضية النبيلة للسلام والتنمية للبشرية جمعاء".
وقال ان الحزب الشيوعي الصيني فى الوقت نفسه سوف يصبح قويا وقوة فى عموم الوطن تقود تنمية الصين وتقدمها وتخلص نفسها من أى فيروسات تأكل نسيج الحزب ".
وأضاف شي للشعب الصيني البالغ عدده 1.3 مليار نسمة فى خطاب بثه التليفزيون "لن نستمتع بفكرة الحصول على استراحة أو أن نوقف خطواتنا".
ان هذا الإحساس بالمهمة والتصميم يحاكى كلمات شي فى نوفمبر 2012.
فمنذ خمسة أعوام مضت، عندما دخل إلى قاعة الشعب الكبرى باعتباره الزعيم الأعلى للحزب، كان قد ورث اقتصادا متباطئا مع فجوة واسعة فى الثروة وفسادا واسع الانتشار.
ومن اجل مكافحة هذه المشكلات، تعهد شي بقائمة طويلة من "الإصلاح الهيكلي لجانب العرض "تتضمن نزع فتيل قنبلة الديون والتخلص تدريجيا من الصناعة التي عفا عليها الزمن.
كما أطلق أكثر حملات مكافحة الفساد شمولا فى التاريخ الصيني، مانحا سلطات أقوى لهيئة الانضباط بالحزب وعمل من أجل الارتقاء بحوكمة الحزب للدولة.
وقد أثمر عزم شي وتصميمه الذى لا يبارى. ففيما بين 2013 و2016، توسع المتوسط السنوي لنمو إجمالي الناتج المحلي للصين بنسبة 7.2 بالمائة مقارنة بنمو بنسبة 4 بالمائة فى الاقتصادات النامية و2.5 فى المائة فقط بالنسبة للعالم.
كما انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون فى فقر إلى 43.35 مليون بنهاية عام 2016 من نحو 100 مليون فى نهاية عام 2012.
وقد اكتسب الكفاح ضد الفساد قوة دفع ساحقة، كما انطلقت إصلاحات شاملة فى الجيش وسجلت وثائق الأمم المتحدة مشروعات بقيادة الصين مثل مبادرة الحزام والطريق.
إن هذه التغييرات التاريخية دفعت الكثيرين إلى طرح نفس السؤال: ما الذى قد تحققه الصين فى المستقبل مع شي على دفة القيادة؟
ان الاعوام الخمسة القادمة سوف تكون حاسمة بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني، الذى يضم أكثر من 89 مليون عضو، من أجل تحقيق رؤية تنمية الصين التى وضعها شي.
لقد حددت الصين عام 2020 كالعام المستهدف لإكمال بناء مجتمع رغيد الحياة باعتدال فى كل الجوانب -- أو شياوكانغ -- قبل عام واحد من الاحتفال بالذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني.
لكن تأثير شي على مستقبل الصين قد يمضى إلى أبعد من ذلك.
وفى الأسبوع الماضي، أعلن شي أن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية قد دخلت "عصرا جديدا"، وحدد خطة للتنمية من مرحلتين للدولة لكى تصبح "دولة اشتراكية حديثة عظيمة" حتى أواسط القرن الجاري.
وسوف تقوم الصين على الأساس الذى تحقق عبر "بناء مجتمع رغيد الحياة بشكل معتدل" خلال 15 عاما أخرى من العمل الشاق لضمان أن يتحقق التحديث الاشتراكي" من حيث الأساس بحلول عام 2035".
وقال شي لأكثر من 2300 مندوب يصفقون له استحسانا، إن الصين سوف تصبح بحلول أواسط القرن الحادى والعشرين" رائدة عالمية من حيث القوة الوطنية الشاملة والنفوذ الدولى".
ان هذا يعني أن الصين قد وضعت هدفا أسمى لنحو 30 عاما من الآن وأن حملة تحديثها تكتسب سرعة.
وإن ذلك يعني أيضا للمرة الاولى فى تاريخ البشرية، ان أكثر من مليار شخص سوف يرتقون إلى الحداثة فى وقت واحد.
وقال شي للصحفيين اليوم إنه "فى عقود من العمل الشاق دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية عصرا جديدا".
وقال روبرت دالى مدير معهد كسينجر الخاص بالصين والولايات المتحدة فى مركز وودرو ويلسون "ان الشعب الصيني يجب أن يفخر بالتأكيد بالتقدم غير المسبوق الذى حققته الأمة خلال العقود العديدة الماضية، الذى رفع مستويات المعيشة فى الصين وفى دول أخرى أيضا".
واضاف "ان نهضة الصين تبرر تماما الإعلان عن عصر جديد للصين والعالم معا".