بعقوبة، العراق 17 ديسمبر 2017 / وقف الستيني العراقي مصطفى حسن يراقب عن كثب عملية رفع كتل كونكريتية أغلقت الشارع المؤدي الى منزله في ديالى منذ عشر سنوات ابان فترة العنف الطائفي الذي عصف بالمحافظة الواقعة شرقي البلاد.
وغمر شعور بالفرح حسن مع رفع تلك الكتل الأسمنتية التي حملت جدرانها ذكريات مؤلمة لأهالى ديالى عن أعنف فترة مرت بها مدن المحافظة حتى أطلق عليها الكثير منهم وصف "أسوار الدم".
وقال مصطفى، وهو من أهالي منطقة جرف الملح التي تبعد (5 كم) شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى، "اليوم نشعر بفرح غامر.. لقد رفعت أخيرا أسوار الدم التي كانت شاهدا على مرحلة قاسية جدا، حيث كان الدم يسفك في كل مكان".
وأضاف الستيني العراقي، لوكالة انباء ((شينخوا)) "قتل نجلي الأكبر قرب هذه الكتل عام 2007 بينما كان عائدا الى المنزل بنيران متطرفين بحجة انه يعمل في الشرطة".
وتابع الرجل، وقد تبدلت مشاعره من الفرح الى الحزن وهو يتذكر تلك اللحظات "مازالت تلك الصورة عالقة في ذهني عندما خرجت من المنزل على أصوات الرصاص لأجد ابني مضرجا بدمائه قرب الكتل الكونكريتية".
وبدأت السلطات العراقية خطة لرفع هذه الكتل بعد تحسن الأوضاع الأمنية في ديالى الأمر الذي اعتبره مسؤولون محليون رسالة تطمين لسكان المحافظة تؤكد أن "مرحلة العنف ذهبت دون رجعة".
وقال رئيس مجلس محافظة ديالى علي الدايني ان "عملية رفع الكتل الكونكريتية جاء نتيجة تنسيق مباشر مع قيادة شرطة ديالى من خلال رفع 50 بالمائة منها في مدينة بعقوبة، كمرحلة اولى".
وأضاف الدايني لـ ((شينخوا)) أن برنامج رفع الكتل والحواجز يشمل مدن المحافظة كلها.
وأرجع سبب رفع تلك الكتل والحواجز الكونكريتية من الشوارع الى الاستقرار الامني، معتبرا ان الأمر يحمل رسالة ذات بعد نفسي مفادها أن "مرحلة العنف والخوف ذهبت دون رجعة وأن الأوضاع الآن أفضل من قبل بكثير بجهود القوى الأمنية بمختلف تشكيلاتها".
فيما أكد العطية المتحدث الاعلامي باسم شرطة ديالى العقيد غالب أن "هناك برنامجا متكاملا لرفع الحواجز والكتل الكونكريتية في بعقوبة وبقية مدن ديالى".
ويبدأ البرنامج، بحسب العطية، بفتح الطرق الفرعية المغلقة وازالة الحواجز الى استثمار واجهات الكتل الموجودة في محيط المباني الحكومية وتحويلها الى لوحات فنية بالاشتراك والتنسيق مع فرق شبابية تطوعية.
وأضاف العطية أن "رفع الكتل الكونكريتية يمثل رسالة تطمين مهمة لأهالي بعقوبة بأن الأوضاع تغيرت عن ذي قبل وهي الان أفضل من الناحية الأمنية".
ويعيش في محافظة ديالى خليط من العرب السنة والشيعة والاكراد والتركمان.
وشهدت المحافظة خلال السنوات الماضية موجة من العنف الطائفي والتدهور الامني، الامر الذي دفع السلطات المحلية لاحاطة الاحياء السكنية بأسوار من الكتل الكونكريتية لحمايتها من هجمات المليشيات والمجاميع المتطرفة.
وبالنسبة لخالص عبدالله، فقد جعلت تلك الأسوار أحياء المدن أشبه "بسجن كبير".
وقال عبدالله، وهو من اهالي منطقة المفرق (6 كم) غرب بعقوبة، ان "الأسوار الكونكريتية شكلت دلالة على ان هناك خطرا يتربص بنا خلفه وجعلت أحياءنا أشبه بالسجن الكبير رغم انها وضعت لحمايتنا من المفخخات والانتحاريين وجماعات العنف".
"أنا اسميها اسوار الشؤم والدم معا لانها ترمز لحقبة مؤلمة جدا لايمكن ان تغيب عن مخيلتي ابدا فقد فقدت الكثير من الاحبة والاصدقاء خلالها" يقول عبدالله.
واكد عبدالله ان رؤيته لمنطقته وقد رفع من شوارعها وأحيائها الكثير من الكتل الكونكريتية، اعطته احساسا بالامن والتفاؤل الذي كان بحاجة اليه بعد سنوات من الخوف والحزن.
واعتبر رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة ديالى صادق الحسيني ان "الضرورة الامنية هي التي دفعت باتجاه وضع الكتل الكونكريتية حول الاحياء السكنية لحمايتها من هجمات الجماعات المتطرفة وحان الوقت لرفعها مع تحسن الاوضاع الامنية".
واضاف "مما لا شك فيه ان اهالي محافظة ديالى يحملون في ذاكرتهم الكثير من الصور المأساوية لتلك المرحلة العصيبة وخصوصا الفترة بين 2006 و2008 التي شهدت اعنف صور الاقتتال الطائفي".
واكد الحسيني ان "عملية رفع الكتل مستمرة وهي تجري وفق استراتيجية منظمة من خلال لجنة مختصة تضم ضباطا في مقر قيادة شرطة ديالى تقوم بتحديد الاولويات في عمليات الرفع والازالة".