بكين 28 فبراير 2018 /خلال أيام قليلة، ستفتتح الدورتان السنويتان للجهازين التشريعي والاستشاري السياسي في الصين، وستفتحان نافذة للعالم لفهم أعمق للتحول الاقتصادي للصين خلال العقود المقبلة -- الدفع نحو "التنمية عالية الجودة".
وخلال الاجتماعات التي تبدأ في أوائل مارس، فان المشرعين والمستشارين السياسيين الوطنيين سيراجعون وسيناقشون إجراءات محددة تستهدف دفع الاقتصاد نحو نمو أكثر استقرارا وخضرة.
وذكر التقرير الذي قدم إلى المؤتمر الوطني ال19 للحزب الشيوعي الصيني في اكتوبر "اقتصاد الصين يتحول من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة التنمية عالية الجودة. وهذه مرحلة محورية لتحويل نمط النمو وتحسين الهيكل الاقتصادي وتدعيم محركات نمو جديدة."
ماذا يعني نمط النمو الجديد بالنسبة للصين وللعالم؟ وما الذي تتوقعه الشركات العالمية والمستثمرين العالميين من التحول الاقتصادي؟ ستلقي الدورتان القادمتان بضوء جديد على هذه التساؤلات.
نمو أكثر استقرارا
سيواصل هدف نمو الصين المتوقع ان ينشر فى تقرير عمل الحكومة خلال الدورتين جذب الاهتمام في أرجاء العالم هذا العام. وهذا الرقم، الذي تتابعه الانظار بدقة، ظل مستقرا خلال الأعوام الخمسة الماضية حيث وضع صناع السياسة تأكيدات أقوى على الجودة وأصبحوا أكثر تسامحا مع تباطؤ نمو اجمالي الناتج المحلي.
ويتوقع علماء الاقتصاد ان تحافظ الصين على نسبة قريبة من 6.5 بالمئة هذا العام في إطار الجهود التى تبذل لتحسين الجودة الاقتصادية والاداء الاقتصادي. وفي الحقيقة، خففت بعض السلطات الاقليمية من أهدافها خلال الجلسات المحلية في يناير.
ورغم انها ودعت التوسع بسرعة خطيرة، الا ان الصين ستواصل دورها الخاص باستقرار الاقتصاد العالمي.
وأظهرت بيانات البنك الدولي ان الصين اسهمت بنسبة 34 بالمئة في النمو الاقتصادي العالمي من 2012 الى 2016، أكثر من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان مجتمعة.
وذكر ليان بينغ، الاقتصادي في بنك الاتصالات، ان الاقتصاد سيكون أكثر استقرارا هذا العام بتقلبات موسمية أقل في زيادة اجمالي الناتج المحلي حيث ان الاستهلاك حل محل الاستثمار كقوة دافعة اقتصادية أساسية.
ومع السياسات الاقتصادية الأخرى التي كتبت في تقرير عمل الحكومة، فان هدف النمو السنوي يخضع لموافقة المجلس التشريعي الذي، مع الجهاز الاستشاري الأعلى، يلعب دورا هاما في صياغة السياسات الوطنية من التوظيف حتى البيئة.
سوق أكبر
ستكون التجارة الحرة موضوعا ساخنا آخر في الدورتين حيث ان التنمية عالية الجودة ستخلق سوقا استهلاكية ضخمة ينتج عنها طلب ضخم على المنتجات من بقية العالم.
مع أول منطقة تجارة حرة في الصين، تقف شانغهاي في مقدمة التجارة الخارجية ولا تزال تتطلع إلى المزيد من الفرص.
وقال يينغ يونغ، المشرع الوطني وعمدة شانغهاي، خلال الجلسات المحلية إن المدينة ستضغط من أجل ان تطابق منطقة التجارة الحرة أعلى المعايير الدولية وستبحث عن طرق للوصول إلى تطوير "ميناء التجارة الحرة"، وهي منطقة تتميز باجراءات تجارية تقييدية أقل.
وتوقعت وزارة التجارة في نوفمبر الماضي ان تستورد الصين بقيمة أكثر من 10 تريليونات دولار امريكي من السلع والخدمات في الأعوام الخمسة المقبلة.
وترجع الزيادة في الواردات إلى الطبقة الوسطى الصينية الاخذة في النمو، حيث تمثل المجموعة، البالغ عددها نحو 300 مليون، 30 بالمئة من الاجمالي العالمي. وينعكس تأثيرها في دور أكبر متزايد في دفع النمو والتجارة.
وقال المسئول الصيني الكبير ليو خه في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادى العالمى في يناير ان الصين ستبذل المزيد من الجهود لخفض التعريفة الجمركية على المنتجات التي تتضمن السيارات. وتم تخفيض ضرائب الواردات على 187 منتجا العام الماضي، بمتوسط انخفاض من 17.3 بالمئة إلى 7.7 بالمئة.
يذكر ان أول معرض اكسبو للواردات الدولية في الصين سيقام في شانغهاي في نوفمبر، حيث من المتوقع جمع الآلاف من الشركات من أكثر من 100 دولة.
دخول أكبر إلى السوق
في الوقت الذي تحتفل فيه الصين بالذكرى ال40 لسياسة الاصلاح والانفتاح هذا العام، يتوقع المحللون المزيد من الاجراءات الخاصة لتوسيع الوصول إلى الاسواق بالنسبة للشركات العالمية خلال الدورتين.
وفى اجتماع المنتدى الاقتصادى العالمى، قال ليو ان الصين ستبذل المزيد من الجهود لزيادة فتح قطاعات التمويل والتصنيع والخدمات وتعزيز حماية الملكية الفكرية.
يذكر ان القائمة السلبية التي تحدد المشاركة الاجنبية محظورة او محدودة ستصبح أقصر. وان الشركات الاجنبية ستستمر في تلقي معاملة متساوية مع حماية جميع مصالحها جيدا. وسيتم دفع مبادرة الحزام والطريق إلى الامام مع التركيز على التعاون الصناعي الدولي.
يذكر ان الاستثمار الاجنبي المباشر فى البر الرئيسي الصيني حقق ارتفاعا قياسيا بلغ 878 مليار يوان (ما يقرب من 140 مليار دولار امريكي) العام الماضي على خلفية الاستثمار العالمي الباهت وأقيمت 35652 شركة بتمويل أجنبي.
وأعلن البنك المركزي الصيني يوم الاثنين قرارا يقضي بإلغاء اللوائح القديمة من أجل تحقيق عمل سلس للشركات بتمويل أجنبي، بينما استبعد منظم مصرفي آخر إجراءات خلال نهاية الأسبوع لتقليل الروتين الحكومي أمام المقرضين الاجانب.
وذكر مراقبون ان تصميم الدولة على تعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي واضح.
وبالرغم من زيادة الحمائية فى الاقتصادات الكبرى، فان الصين ستدافع من أجل "إقامة مجتمع مصير مشترك للبشرية" وزيادة تدعيم العولمة، وفقا لما ذكر وي جيان قوه، نائب رئيس مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية.